محمد عبدالسميع (الشارقة)
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، عن بُعد، أمسية أدبية، قدم خلالها الناقد السوداني محمد سيد أحمد قراءة أدبية في رواية «طعم الذئب» للكاتب الكويتي عبد الله البصيّص، وأداراها محمد ولد محمد سالم رئيس اللجنة الثقافية في النادي، الذي قال: إن البصيّص هو شاعر وروائى كويتي شاب برز في السنوات الأخيرة بروزاً قوياً عبر روايات نالت جوائز كانت آخرها جائز الدولة التشجيعية في الكويت عن الرواية نفسها «طعم الذيب»، وله روايات (ذكريات، طعم الذئب، قاف قاتل سين».
استهل سيد أحمد حديثه بتقديم ملخص لرواية «طعم الذئب»، فقال إنها تدور في عوالم الصحراء، وهي جغرافية جديدة في المكان الروائي العربي، وتحكي «طعم الذئب» عن شاب اسمه ذيبان يعيش في كنف أخواله بعد أن فقد أباه وأمه، وهو مسالم إلى درجة الذل والهوان، ومع ذلك فهو شاعر مطرب ربابة من طراز أول، وقد وقع في غرام فتاة جميلة من قبيلة أخرى، مما أجج صدر ابن عمها عليه، فوقعت بينهما معركة مات فيها بالمصادفة ابن عم الفتاة، وللانتقام يغير أهل القتيل على قبيلة أخوال ذيبان، ويقتل فيها اثنان من أبناء خاله، ولكن قبيلة القتيل لا ترضى إلا برأس ذيبان، ولفض الخلاف يتقرر أن يبارز ذيبان أحد شجعان قبيلة الأعداء، فينتج عن ذلك هزيمة مخزية لذيبان الذي لم يعرف السيف في حياته ولا المبارزة، ولم يكن يوماً من رجال المعارك أو الحروب، ويصبح عاراً على أخواله، فيخرج في رحلة هروب لتبدأ أحداث جديدة في رحلته يهاجمه ذئب في مطاردة تستمر ليومين، تختلط فيها أحداث واقعية بحكايات سحرية.
ويضيف سيد أحمد أن الرواية تميزت بلغة أدبية بليغة من ناحية المفردات الصحراوية، ومن ناحية السرد الدرامي، ومن ناحية الوصف. وأشار إلى أن أحداث الرواية تناولت ثلاثة أنواع من الصراع: صراع اجتماعي مع تقاليد القبيلة التي نبذته وأبعدته، وصراع مع الطبيعة ومع الذئب بشكل خاص، وصراع نفسي داخلي لدى ذيبان حول الموت والحياة والشرف والبطولة.
وفي تقنيات السرد رأى المحاضر أن الرواية لم تلتزم بالمسار السردي التقليدي من بداية ووسط ونهاية، وافتتاحها جاء دون عنوان، وتناول مشهد وصول ذيبان إلى مشارف القرية بعد رحلة هروبه التي لقي فيها الأهوال، وفي الفصل الأول يتحدث عن سبب هروبه من القبيلة وتتداخل الأحداث عن طريق عمليات الاسترجاع بالعودة لحديث ذكريات في طفولته، ثم قصة غرامة، ثم رحلة مطاردة الذئب الدامية، أما شخصيات الرواية فهي قليلة جداً، وتم التركيز على شخصية ذيبان وعلى الذئب الذي تحول إلى كائن بشرى يسير على قدمين، ويعزف العود ويغني في مشهد من الواقعية السحرية تمازج فيه الواقع بالحلم والسحري بالطبيعي بغرائبية يعجز القارئ عن تحديد خطوط فاصلة بين ما يحدث وما يتوهم بالحدث، ومهد ذلك المشهد لتحول طبيعة ذيبان الذي سيصحو من نومه ويصارع الذئب ويقتله ويأكل من لحمه، ليصبح هو نفسه ذئباً أو ذئبين، وينتقل من حالة المذلة والجبن والضعة إلى الشراسة والعدوانية، وهو ما يظهر في عوائه في آخر سطر في الرواية عندما واجه رجال القرية الذين ظنوا أنه قتل أخاهم.