سعد عبد الراضي (أبوظبي)
أكد مهتمون بالشأن الثقافي والتراثي أن قرار توحيد الصناعات الإبداعية والثقافية تحت مظلة دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، يهدف إلى تعزيز مكانة أبوظبي العالمية في تلك التخصصات، وتسريع وتيرة نمو الصناعات الثقافية والإبداعية من خلال استراتيجية استثمارية تتجاوز قيمتها 30 مليار درهم.
رؤية طموحة
قالت هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، إن المبادرة الرائدة التي أطلقتها دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي والمتمثلة في توحيد الصناعات الثقافية والإبداعية وابتكار قطاعات جديدة مختصة بميزانية استثمارية تتجاوز قيمتها 30 مليار درهم، «استراتيجية طموحة تعكس مكانة أبوظبي ورسوخ رؤيتها الثقافية البعيدة المدى، والتي أسست منذ إطلاقها المبكر بتوجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لنهضة ثقافية مستدامة واكبت الخمسين عاماً الماضية»، مضيفة أنها «بالتزامن مع الاحتفال بالعام الخمسين ترتدي حلة جديدة معاصرة، عبر تمكين الصناعات الإبداعية والمبدعين واستقطابهم من حول العالم لتحفيز الحراك الثقافي، والتوسع في مجالات إبداعية حيوية مثل الفنون المجتمعية والإنتاج السينمائي والتلفزيوني والألعاب والرياضة الإلكترونية».
وأوضحت أن هذه الاستراتيجية تبرز الوعي بأهمية الصناعات الثقافية والإبداعية في تعافي العالم من تداعيات جائحة «كوفيد - 19»، وكفاءة هذا القطاع التنموي المهم في خدمة ازدهار اقتصاد الإمارة التي أكّدت دورها الريادي في المنطقة والعالم كوجهة إبداعية بامتياز تضم كبريات المتاحف والمؤسسات الثقافية ومعارض الفنون والمناطق الإبداعية والمراكز التعليمية.
منظومة متكاملة
وأكد عيسى الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالإمارات، أن توحيد الصناعات الثقافية والإبداعية في أبوظبي، تحت مظلة دائرة الثقافة والسياحة، قرار نابع من فكر عميق يمتد نظره إلى مستقبل يستشرف به تحقيق المزيد من التقدم للوطن، فالمظلة المتخصصة الموحدة لمجموعة من الممارسات والمبادرات تحقق أهدافها بشكل متكامل ومتناسق ومحكم، سعياً إلى تجسيد دور أبوظبي في أن تصبح مقر امتياز عالمي للصناعات الثقافية والإبداعية، التي يعد توحيدها طبقاً لهذا القرار توحيداً للجهود والممارسات في هذا المجال من أجل تحقيق المبادرات الثقافية والإبداعية بشكل أفضل، وتمكين المثقفين والمبدعين والاستفادة من نتاجاتهم وتوظيفها واستثمارها بشكل يوفر الجهد والوقت والدعم، ما يتطلبه ازدهار الوطن نحو تحقيق المزيد من التطور والتقدم بفكر أساسه الإبداع وأداته الثقافة، لأن هذا سيسهم في تحقيق الاستثمارات الاقتصادية في جميع القطاعات، من خلال منظومة متكاملة وإطار موحد، موضحاً أن قطاع الإبداع له دور كبير في النهوض بالهوية الثقافية وفي التطور الاقتصادي وتمكين الكفاءات واستثمار رؤاهم وأفكارهم، فالصناعات الإبداعية تساهم في الناتج القومي الإجمالي. وقال: إن القرار خطوة ملهمة للثقافة، تساعد على تطوير الصناعات الإبداعية المستدامة، فالفكرة الإبداعية هي مصدر إلهام، لكن باحتضانها ودعمها تتحول إلى مصدر استثمار اقتصادي ضخم.
إثراء معرفي
وقالت الناقدة والأكاديمية مريم الهاشمي: إنه يمكن اعتبار تكامل عناصر الحياة وتوافرها ضروري لجودة الحياة في أي مجتمع من المجتمعات والحاضنة للتنمية المستدامة، والتي تتكامل فيها أنشطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، وهي كذلك التعبير عن رُقي مستوى الخدمات المادية والاجتماعية والنفسية، والتي تؤثر بطبيعة الحال على الأثر السلوكي والنفسي والاجتماعي والفكري للذوات، والمجتمع الإماراتي المتميز بالتنوع الثقافي، ما يمثل حالة استثنائية إثرائية إيجابية تعود على نمط حضور جودة الحياة بشتى مناحيه، موضحة أن المبادرات الثقافية المنوعة تصب في الهدف ذاته، والتغيير هو السمة الأساس للتطوير والممارسة الحياتية. واعتبرت أن انضواء جُل المنظومات الثقافية تحت مظلة مؤسسة ترعاها خطوة بناءة تسارعية للوصول إلى التغيير المطلوب وتوظيفها في الإثراء المعرفي المرجو.
فرص عظيمة
من جانبها، أكدت القاصة فاطمة المزروعي أن دمج الصناعات الإبداعية تحت مظلة واحدة سيساهم في نشرها وتحفيز المبدع على المشاركة فيها، مع ضرورة توضيح مسار الاستراتيجية ومخرجاتها، وكيفية تنظيم الاختصاصات، فهي تعتمد على سياسة ترجمة تلك الاستراتيجية بصورة إبداعية تخدم رؤية الإمارات للخمسين عاماً المقبلة، مع ضرورة دمج المبدع في البرامج وتمكينه. وتوقعت أن هذه المبادرة ستساهم في خلق فرص جديدة للمبدعين وتشجعهم على تقديم إبداعاتهم في جميع المجالات الثقافية والإبداعية، مضيفة أنها ستسهم في تقديم إبداعاتهم إلى العالم.
وأشارت الشاعرة هنادي المنصوري إلى أن هذه الخطوة لا تعدّ الأولى في صفحات إنجازات العاصمة أبوظبي منذ السبعينيات، ولكنها امتداد لنشأة الحراك الثقافي فيها من خلال رعاية الأب المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في تلك المرحلة، من خلال توجيهاته المستمرة وتقديمه الدعم المادي والمعنوي للقائمين على البرامج الإعلامية ودور النشر والصفحات الثقافية في الصحف المحلية، والديمومة لإقامة معارض الكتاب واستقطاب أمهات الكتب لنشرها، وحث أفراد المجتمع على الإقبال عليها لاقتنائها. وأكدت أن جمع كل ما يتصل بالثقافة والتراث والسياحة تحت مظلة واحدة مطلب أساسي، لانطلاق هذه الرؤية في قالب عصري.