الشارقة (الاتحاد)
بالتعاون مع مجلس إرثي للحرف المعاصرة، التابع لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، صمّم «استوديو تي ساخي» المتخصص بهندسة العمارة والتصميم، والذي يتخذ من العاصمة اللبنانية بيروت مقراً له، عملاً تركيبياً تفاعلياً بهدف فتح قنوات للحوار حول مستقبل لبنان وإعادة إعماره.
تجربة فريدة
يأتي العمل الفني التركيبيّ تحت عنوان: «رسائل من بيروت»، تكريماً للمجتمع اللبناني، إذ يهدف إلى تعزيز الروابط ما بين المجتمعات وتقديم تجربة فريدة مكوّنة من عوامل حسيّة متعددة بالارتكاز على قوة الكلمة المكتوبة في نقل التجربة الإنسانيّة، وذلك عبر 2000 حقيبة تحمل أصوات المواطنين اللبنانيين الذين تأثروا بانفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس من العام الماضي.
وسيتم الكشف عن العمل في الدورة الخامسة من معرض المركز الثقافي الأوروبي، والذي يفتح أبوابه للزوار بالتزامن مع فعاليات «بينالي البندقية» للعِمارة الذي يقام هذا العام تحت شعار «كيف سنعيش معاً؟» خلال الفترة من 22 مايو حتى 21 نوفمبر 2021.
يوظّف العمل الفني عناصر وتقنيات من التراث الحرفي لدولة الإمارات قدمها مجلس «إرثي»، ويتألف من 2000 حقيبة معطّرة معروضة على جدار أفقي يبلغ طوله ستة أمتار، حيث قامت 37 حرفية إماراتية من برنامج «بدوة» للتنمية الاجتماعية التابع لمجلس إرثي في الشارقة بصناعة جميع الحقائب يدوياً من قماش اللباد المعاد تدويره، باستخدام تقنية «ساير ياي» المستوحاة من حرفة السفيفة الإماراتية التي تعتمد على جدل سعف النخيل.
ويترجم العمل رؤية مجلس إرثي عبر برنامج بدوة للتنمية الاجتماعية، والمتمثلة في تمكين ودعم المرأة مهنيّاً واجتماعياً من خلال الحرف، عبر تقديم فرص للتدريب والتطوير المهني، وفي ذات الوقت الحفاظ على الموروثات الثقافية الغنيّة للحرف التقليدية في دولة الإمارات والمنطقة.
2000 من الناجين
وتتجسد تجربة العمل الفني من خلال تفاعل الزوار مع الحقائب المعلقة على الجدار، حيث يمكنهم اختيار أي من الحقائب وقراءة الرسالة الشخصية الموجودة داخلها، والتي كتبها أحد الأشخاص الناجين من انفجار المرفأ الذي هز العاصمة اللبنانية في الرابع من أغسطس العام الماضي، كما يمكن للجمهور الرد على الرسائل لتحقيق رؤية العمل الفني، إذ يبدأ الجدار بالتفكك تدريجياً كلّما أخذ الزوار الحقائب منه حتى يختفي مع سحب الحقيبة الأخيرة.
وتتسم الحقائب بحلة عصريّة، حيث استبدلت سعف النخيل المستخدم تقليدياً في حرفة السفيفة بقماش اللباد المعاد تدويره، وهي مبطّنة بالكتان وتمت خياطتها بخيوط الزري الفضية، وتحتوي بذوراً ترمز لبداية جديدة وحياة جديدة يمكن زراعتها والاستفادة منها، كما أن الحقائب تستحضر رائحة النباتات الطبيعية المتوفرة في بيئة لبنان، مثل خشب الأرز والصنوبر، والزعتر البري، والياسمين.
رسائل أمل
وقالت ريم بن كرم، مدير مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة: «يعبر تعاوننا لإنجاز العمل الفني (رسائل من بيروت) عن رؤية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الرئيسة والمؤسِّسة الفخرية لمجلس إرثي، حيث يأتي لبث روح الأمل في حياة اللبنانيين المتضررين، ودعم الحرفيين والحرفيات، وعمليات التصميم المستدامة، بالإضافة إلى الحفاظ على التراث الثقافي والحرفي». وأضافت: «يسهم العمل الفني بفتح مساحات جديدة للحوار بين الجمهور ومتضرري انفجار المرفأ، وتمكين مجلس (إرثي) من جمع التبرعات اللازمة لدعم عملية إعادة إعمار بيروت، من خلال شراكتنا مع حملة (سلامٌ لبيروت) التي أطلقتها مؤسسة القلب الكبير الإنسانية العالمية، وبالتالي، يعمل هذا التعاون على تحديد رؤية المجلس حول مستقبل العمران ودوره، باعتباره بوابة للمحافظة على الحرف اليدوية وحمايتها ونقلها للأجيال القادمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا».
تارا وتيسا
بدورهما، أكدت الشقيقتان اللبنانيتان تارا وتيسا اللتان شاركتا في تأسيس «استوديو تي ساخي»، أن شعورهما بأن العالم يعيش في عصر يتم فيه استبدال التواصل والعلاقات الحقيقية بالاتصال الافتراضي، هو ما دفعهما إلى جمع ألفَيْ رسالة مؤثرة من المواطنين اللبنانيين الناجين من الانفجار لمشاركة أفكارهم ومشاعرهم مع الآخرين، بهدف مواصلة تعزيز الحوار حول إعادة بناء مستقبل لبنان واستعادة الذاكرة الجمعية المشتركة للمجتمع اللبناني.