يقول الله سبحانه وتعالى: (إِن تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيراً)، «سورة النساء: الآية 149»، ويقول عز وجل: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، «سورة آل عمران: الآية 134».
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: يا نبي الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال: «تقولين: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي»، (سنن الترمذي 3513).
والعفو: هو التغاضي عن الذنب والصفح عن المخطئ، وهو صفة من صفات المحسنين، وخلق من أخلاق الكرام، ولا يقدر عليه إلا ذوو العزم والمروءة.
وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بالعفو ويعرض عن الجاهلين، فقال سبحانه: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، «سورة الأعراف: الآية 199».
والعفو من الأخلاق الحميدة التي يُرغب بها الشارع، لأنها توصل إلى التقوى، قال جلا جلاله: (... وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ...)، «سورة البقرة: الآية 237».
وبين القرآن الكريم أن العداوات قد تنال من الناس فيما بينهم، فطلب منهم الصفح والعفو، فقال سبحانه وتعالى: (... وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، «سورة التغابن: الآية 14».
والعفو والصفح في رمضان آكد من غيره، لأنه شهر الصفح وطلب العفو من الله تعالى، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم الصائمين القائمين أن يقولوا في دعائهم ليلة القدر: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي»، وثواب العفو عظيم، قال عز وجل: (... فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، «سورة الشورى: الآية 40».
وعلى المسلم أن يتخلق بالعفو والصفح، ويحذر من الهجر والخصومة، لأن الهجر مظنة لحجب الأعمال أو حبسها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين والخميس، فقيل: يا رسول الله إنك تصوم الاثنين والخميس؟ فقال: «إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم، إلا متهاجرين، يقول: دعهما حتى يصطلحا»، (سنن ابن ماجة 1740).
فالعفو فضيلة لا ينالها إلا من استقام إيمانه وقويت عزيمته، وهو في رمضان آكد، فالعفو عند المقدرة من الشجاعة الأدبية التي يتحلى بها المسلم، الخصومة من الأسباب التي تحجب الرحمة وتؤخر قبول الأعمال الصالحة، والله تعالى نسأل أن يهبنا العفو، ويجعلنا من عباده المحسنين.