عدد اليوم
أبوظبي (الاتحاد )
دعا القرآن الكريم إلى الاستقامة، لأنها الطريق الذي يقود إلى النجاة، وهي أمان للمسلم في الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)، «سورة فصّلت: الآية 30»، ويقول -عز وجل - أيضاً: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، «سورة الأحقاف: الآية 13».
وأكّد النبي -صلى الله عليه وسلم- أهمية الاستقامة بعد الإيمان بالله تعالى، فعن عبد الله بن سفيان الثقفي عن أبيه - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ حدِّثْني بأمرٍ أعتصِمُ بِهِ. قالَ: قُلْ ربِّيَ اللَّهُ، ثمَّ استقِم. قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، ما أخوَفُ ما تخافُ عليَّ؟ فأخذَ بلسانِ نفسِهِ ثمَّ قالَ: هذا».
والاستقامة: تعني الالتزام بالمنهج الصحيح والثبات عليه، ذلك أن بعض الناس قد يتوب ويستغفر ويجد ويجتهد في شهر رمضان، ولكن لا يلبث أن يخبو نشاطه ويفتر بعد أول يوم من مغادرة الشهر الكريم، ولذلك حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على المداومة على الاستقامة، فعن السيدة عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الأعْمَالِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قَالَ: أدْوَمُهَا وإنْ قَلَّ وقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ».
فعلينا أن نحافظ على الصلاة وأداء الصلاة جماعة في المسجد بعد شهر رمضان، وأن نتعهد القرآن الكريم بالتلاوة والتدبر في كل يوم ولو كان بمقدار يسير، فقد عاتب النبي -صلى الله عليه وسلم- من ترك عبادةً كان يفعلها، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ».
واجعل للطاعة وقيام الليل وتلاوة القرآن نصيباً في مسيرة حياتك، ولا تركن إلى الكسل، فتترك صلاة الفجر، وجماعة العشاء، بعد أن تذوّقْتَ حلاوة الوقوف بين يدي الله تعالى شهراً كاملاً، وإن الثبات على الطاعة والاستقامة على الطريق الصحيح مدعاة لنزول الملائكة لتثبيتك وتبشيرك، يقول الباري - عز وجل-: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) «سورة إبراهيم: الآية 27».
ونخلص مما سبق إلى أن الثبات على الطاعات دعوة قرآنية تفضي بالمسلم إلى الأمان والاطمئنان، وأن المداومة على العبادة ترفع درجات المسلم، كما أن الاستقامة دليل على اتزان المسلم وطريق للنجاة.
