هو الصحابي الجليل رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ بْن مالك بْن يعمر أَبُو فِرَاسٍ الْأَسْلَمِيُّ يعد من أهل الحجاز، وهو من كبار المهاجرين البدريين، ومِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ وكان يحب أن يَخدِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَزَلْ رَبِيعَةُ يَلْزَمُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ يَغْزُو مَعَهُ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم توفي، رضي الله عنه، سنة ثلاث وستين للهجرة.
أسلم ربيعة بن كعب رضي الله عنه وهاجر إلى المدينة، وكان شديد الحب للنبي حتى أنه كان يلازمه في نهاره في حضره وسفره، ويبيت عند باب غرفته في الليل رغبة في خدمته، قَالَ رَبِيعَةُ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي: «سَلْ» فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: «أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ» قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ».
لقد اغتنم ربيعة هذه اللحظة المباركة وطلب أحب شيء إلى قلبه وهو ملازمة النبي في الجنة كما لازمة في الدنيا، وهذه مكانة رفيعة، فدله النبي صلى الله عليه وسلم على كثرة السجود ليجمع بين دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والعمل، وكذلك الأهداف العظيمة لا بد فيها من العمل مع طلب التوفيق من الله عز وجل، وأما السجود فهو مما يرفع الله به الدرجات، قال ثَوْبَان لرَسُولِ اللهِ : أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللهُ بِهِ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً»، وأَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَهذا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (... وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)، «سورة العلق: الآية 19»، وَلِأَنَّ السُّجُودَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى.
ويستفاد من سيرة هذا الصحابي الجليل أنه علينا أن نكثر من السجود والدعاء فيه ونجتهد في الأخذ بالأسباب العملية، ونغتنم فرص الخير، لنزداد رفعة في الدنيا والآخرة.