فاطمة عطفة (أبوظبي)
في جلسة حوار افتراضية نظمتها مساء الأربعاء الماضي الجمعية الملكية للأدب في المملكة المتحدة، بالتعاون مع جائزة الشيخ زايد للكتاب، ومركز أبوظبي للغة العربية، تحدث الروائي الفرنسي اللبناني أمين معلوف عن حياته وتجربته الروائية، وأدارت الحوار معه الكاتبة مارينا وارنر، رئيسة الجمعية، بحضور مولي روزنبرج من مركز هارفارد لدراسات السكان والتنمية. انطلق الحوار حول شخصيات روايته «التائهون»، ومدى قربها من الواقع، ومدى علاقتها بذاكرته وتنقلات عائلته بين مصر وسوريا ولبنان، مروراً بذكريات الحرب الأهلية التي دارت في لبنان.
استهل معلوف حديثه بالإشارة إلى فكرة عودة المهاجرين إلى وطنهم، لكن هذا أمر غير ممكن بعد غياب عشرات السنين، مؤكداً أن أحداث الرواية من نسج الخيال إلى حد كبير، وإن احتفظت ذاكرته بأشخاص كان يعرفهم في الواقع.
وفي سياق الحديث، ألمح معلوف إلى وحدة «بلاد الشام» في ظل الاستعمار، مؤكداً أن هذه الوحدة كانت مهمة، وأن «بلاد الشام» لها مكانة حضارية متميزة في التاريخ. كما أشاد معلوف بشخصية مانديلا ونهجه الديمقراطي العادل في الحكم، وأشار إلى أنه يكن كل الاحترام لعبد الناصر الذي ناضل من أجل الاستقلال، لكن الظروف لم تمكنه من بناء نظام سياسي ناجح.
أما عن قراءاته ومدى تأثره بمن سبقه من الكتاب، فقد أوضح أنه تأثر كثيراً بوالده الشاعر والقاص، وذكر أن والده كان يحفظ عدداً لا يحصى من المقولات العربية، وأشاد بكنوز التراث العربي التي لم يطلع عليها الغرب، مركزاً على أهمية معرفة اللغات وعلى الإنسان ألا يكون أحادي اللغة إن أمكن، مبيناً أن العقل يحتاج إلى لغتين وربما ثلاث لغات، ولفت إلى محبته للغة العربية ومعرفته بعدة لهجات عامية قائلاً: يجب أن نقبل جميعا هوياتنا، وعلى كل واحد منا أن يعترف بمكونات الآخر، فلا يجوز أن نتعرف على جانب واحد لئلا يصبح العالم ضيقاً وغير مقبول، وكأن كل واحد في قلعة، علينا أن نرفع راية الإنسانية جمعاء، لكيلا تتحول الدول إلى قبائل متحاربة.
وأشاد معلوف بمكانة الثقافة والقوة الناعمة التي تمثلها دولة الإمارات، مشيرا إلى أهمية المتاحف الموجودة فيها قائلاً: إن الفن لا يجب أن يكون محصوراً في منطقته، بل أن يكون منتشراً في العالم، فلا يجب أن يظل الفن الأوروبي في أوروبا، والآسيوي في آسيا أو الأفريقي في أفريقيا، ولا يعجبني أن يبقى تاريخ بلدي محصوراً، لأن تبادل الفنون يؤدي إلى السلام والتفاهم والاستقرار. وأكد أن المشاكل بين الدول لا تحل من خلال الحروب ولكن أي مشكلة يجب أن تحل عن طريق الإنسانية حتى تصبح أمة واحدة، وهذا حلم كبير يقوم به الفن والأدب، ومن واجب الكاتب أن يكون مسكوناً بالأمل، لا أن ينشر اليأس والإحباط، وعلينا أن نجد طرقاً لنتخلص من الفوضى، وإذا لم يكن عندنا ما نتحدث عنه علينا أن نصمت. وأعلن أنه كاتب بدوام كامل. وتحدث الروائي أمين معلوف عن أمه مليا التي ولدت في طنطا وغادرت مصر، لكنها بقيت على محبتها لمصر رغم أنها غابت عنها أكثر من سبعين سنة، وبقيت متعلقة بالوطن وهي شاعرة وكاتبة، استمد منها الكثير، وفي آخر لحظات عمرها كانت تتحدث كثيراً عن مصر، وعن الإسكندرية ونادي الجزيرة، كانت تعشق مصر حتى آخر لحظات عمرها الذي قارب المئة.