الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«فاكهة للغربان».. حكاية مدينة ارتكبت أحلاماً تفوق طاقتها!

«فاكهة للغربان».. حكاية مدينة ارتكبت أحلاماً تفوق طاقتها!
9 مارس 2021 01:49

محمود إسماعيل بدر (الاتحاد)
 
يواصل الروائي والصحافي اليمني أحمد زين مشروعه الأدبي النّوعي، متوغلاً في مناطق شائكة، خاصة أنّه يكتب أطروحاته الفكرية والأدبية والسياسية بوعي تحت مظلة «التّداعي الحر» الذي ينعكس في روايته «فاكهة للغربان»، المرشحة للقائمة الطويلة لـ«البوكر» العربية 2021، وفيها يستعرض مرحلة تاريخية معقّدة من تاريخ اليمن الحديث بعد انجلاء الاحتلال الانجليزي. 
مسرح أحداث الرّواية مدينة عدن، بعد زوال الاحتلال، وكيف يحوّلها الكاتب إلى منصة لالتقاء الشخصيات والأحزاب من الأيديولوجيات الفكرية كافة، حيث السّرد المكتظ بالتناقضات الإنسانية التي فرضها الواقع في ذلك الوقت، ما بين الحلم والكابوس والأمل واليأس، والسلام والحرب، والفقر والغنى، والوطن اليوتوبي والمارّين لنسج المؤامرات وتصفية الأجساد وقطف آمال النّاس. لكن هذه المدينة المناضلة التي لا تموت، لا تحتمل تكاثر الغربان في سمائها، وهي أيضاً في الفضاء السردي أرض عربية معشوقة في «نوستالجيا» (الحنين إلى الماضي) الكثيرين. 
في هذه الرواية ثمة جمال غريب، يحوز اهتمامنا بتتبّع حياوات وشخوص هذا المنجز الجريء، وخاصة البطل «جياب» قبل اختفائه الغامض، وعشيقته «نورا» قبل أن تنعطب قدماها، لتبدأ بسرد ذكرياتها، وقبل أن تصبح «اليمن» كلها فاكهة للغربان، في إشارة سردية بارعة تنبض بروح عدن الذي يبدأ الحدث فيها وينتهي، وحلمها الذي لم تستطع أن تنهض به، وهي المدينة التي ارتكبت أحلاماً تفوق طاقتها عن التّحمّل، فيما غربان جارحة تنقر نوافذ بيوتها وتنعق بالخراب، لتغدو مدينة محبطة ورمادية، وخالية من وجوه الرّفاق والثائرين. 
يكتب أحمد زين روايته بمهارة عالية وسردية متقنة، على مدار 240 صفحة، وعبر 22 فصلاً، تدخل القارئ في اللعبة الروائية، ليتتبع تفاصيل دقيقة وبالغة الحساسية والخطورة، في مرحلة من تاريخ اليمن «الجنوبي» ورؤاه السياسية في ثمانينيات القرن الماضي. 
يمكن القول إن رواية أحمد زين، واقعية بكل ما تحمله من ثقل ووعورة وسخونة في المشاهد والأحداث السياسية والوقائع الحزبية، والكثير من الرموز والدلالات والإسقاطات آنذاك، إلاّ أن ما يشفع له هو استخدامه الاحترافي لطرق وأساليب سردية حديثة، وبلغة شفيفة آسرة تجنح في كثير من المفاصل إلى الجمع بين التخييل ومشاهد الحب والحرب والخيانة والخذلان، ليخرج بتوليفة يمسك فيها بأسرار الحداثة والماضي، ببناء روائي محكم بحنكة من خلال رمزية شخصياته ورصانة الأحداث التاريخية، وصولاً إلى الصراع الفكري والعقائدي الذي جسد تلك الفترة في عمر اليمن.

قراءات في قائمة «البوكر»
تواكب «الاتحاد» الروايات المرشحة للقائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية في نسختها الرابعة عشرة للعام 2021، التي تعد من أهم الجوائز الأدبية المرموقة في العالم العربي، وتدار بالشراكة مع مؤسسة «بوكر» في لندن، وبدعم من دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي. وتهدف إلى مكافأة التميز في الأدب العربي المعاصر، وزيادة الإقبال على قراءة هذا الأدب عالمياً من خلال ترجمة روايات القائمة القصيرة إلى لغات رئيسة. ومنذ انطلاقتها في العام 2007 كسبت ثقة القراء والنقاد والناشرين العرب والأجانب، ودلتهم على أعمال عربية جديدة ونوعية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©