هزاع أبوالريش (أبوظبي)
حضور الجمعيات الثقافية يسهم في الارتقاء بفكر الفرد وإشراكه في الحراك الثقافي الوطني الذي يعكس قيمة المكان، والروح المثالية لتبادل الآراء البناءة التي تخدم الوطن، والإنسان. وتسهم جمعيات النفع العام في تطوير ثقافة البناء والعطاء، وتنمي قدرة التواصل مع الآخر واستيعاب الأفكار بوعيٍ أكبر وطرح ما يتناسب مع أهم القضايا الثقافية باتزانٍ يساعد في حل المشكلات التي تواجه المجتمع. فدور الجمعيات وما تحتويه من عقولٍ وأفكارٍ وأفرادٍ ذوي ثقافة وعلمٍ ومعرفة تجعلنا نترك لهم العنان، ليسيروا بنا نحو غاياتٍ وراياتٍ مشرقة مليئة بالإضاءات والإنجازات الحافلة. وفي ضوء توجهات القيادة الرشيدة والرؤى الوطنية المنشودة، يبرز الدور الاستراتيجي لجمعيات النفع العام وتحديداً الجمعيات الثقافية في الخمسين عاماً القادمة، ما يستدعيها وضع أسس لها تواكب التحديات الثقافية الراهنة.
إلى ذلك، قال الكاتب عبدالله السبب: «جمعيات النفع العام، منظومات مجتمعية متنوعة التخصصات والاهتمامات، معنية في المقام الأول بالشأن الاجتماعي الذي يصبو إلى احتضان الطاقات الشبابية الوطنية وإطلاق المبادرات ذات التخصص الذي من أجله أُنشأت لأجله، إلى جانب إسهاماتها في المجتمع المدني»، مضيفاً: «الأندية مثلاً، جمعيات ذات نفع عام رياضي في المقام الأول، إضافة إلى دورها في الشأن الثقافي من خلال الأنشطة الثقافية المتنوعة، بما في ذلك الفعاليات المجتمعية وإقامة الأمسيات وإصدار المجلات وما إلى ذلك من فعل ثقافي يُسْهم في تنشيط الحراك الثقافي والاجتماعي العام».
وأوضح السبب: «تعد جمعيات التراث الشعبي، ذات نفع عام تراثي، المادي منه والمعنوي والشفاهي، وبحسب بيئاته المتنوعة (البحرية، البرية، الجبلية، الصحراوية، السهلية، الزراعية)، وما يترتب على عاتقها من إحياء للتراث الشعبي بوسائل ومُخرجات عدة، منها إصدار الكتب والمجلات المعنية بتوثيق التراث بتنويعاته كافة، عبر البحوث والدراسات، وعبر الحوارات مع التراثيين من الآباء والأجداد، بالإضافة إلى مهمتها الرئيسة المعنية بتدريب المنتسبين إليها من شباب ليقودوا المسيرة الثقافية التراثية الإماراتية نحو المستقبل»، مضيفاً: «هناك جمعيات ذات نفع عام ثقافي وإعلامي، متنوعة ومتعددة في تخصصاتها وإسهاماتها الإبداعية الحاضرة بقوة القول والفعل، كجمعية اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وجمعية المسرحيين، وجمعية الصحفيين، وجمعية الناشرين، وجمعية الفنون التشكيلية، والمسارح القائمة في المعمورة الإماراتية قاطبة، وما إلى ذلك من جمعيات ذات النفع العام في جوانب عدة من جوانب الحياة».
وأشار السبب إلى أن المهم في ذلك كله، أن تمارس الجمعيات ذات النفع العام الإماراتي نشاطها بحسب أنظمتها الأساسية، وبحسب ما رُسم لها من أهداف تصب في مصلحة المجتمع، بما يستثمر الطاقات وينمي القدرات ويُسْهم في الحراك الإبداعي الإماراتي، موضحاً أن المشهد الثقافي العام شاهد عيان على الدور الثقافي الذي قامت وتقوم به جمعيات النفع العام في مختلف المجالات؛ فكم من كتب ومجلات وفعاليات نفذت، وكم من أنشطة تمت في داخل الدولة وفي خارجها، كان لها أثر بالغ في إحياء الحراك الإبداعي المتنوع بأشكاله وصوره وجوانبه كافة، بما جعل منه جزءاً من النهضة الإماراتية المتحققة في الخمسين عاماً الأولى من عمرها، منذ تأسيسها في 2 ديسمبر عام 1971، وحتى احتفالها بيوبيلها الذهبي في 2 ديسمبر عام 2021 المنتظر على أحر من الجمر.
من جهتها، قالت الأديبة فاطمة المعمري، إن الدولة تشهد حراكاً ثقافياً مميزاً على الأصعدة كافة، وجمعيات النفع العام المتخصصة في المجالات الإبداعية والثقافية جزء من هذا الحراك، حيث تسهم في تقديم حوارات ونقاشات وبرامج ومبادرات تثري هذه الساحة وتشغل أوقات الفراغ في البحث والتقصي في أمور مختلفة، كما أنها تتبنى من خلال عضويتها المبدعين وتسعى لتطويرهم.
فاطمة المعمري: تأسيس لانتقال فكري في الـ50 سنة القادمة
قالت الأديبة فاطمة المعمري: «تحتاج جمعيات النفع العام في الدولة إلى تجديد سياساتها وقوانينها، وأن ترتبط أجندتها بأجندة المؤسسات الثقافية». وأوضحت: «نطمح لأن يكون هناك دور أكبر للجمعيات في تنفيذ خطط وتوجهات الدولة، فكل ما نلمسه اليوم ثمرة جهود شخصية ومبادرات متفرقة تحتاج إلى أن تصب جميعها في خدمة الحكومة».
وقالت المعمري: «نحتاج إلى أن تتكاتف الجمعيات مع المؤسسات لعمل مبادرات وطنية تعمل على حل القضايا الرئيسة في القطاع الثقافي وتؤسس لانتقال المجتمع فكرياً وثقافياً إلى الخمسين عاماً المقبلة من دون أن يفقد من موروثه وتاريخه، ونحتاج أيضاً إلى أن تصب جميع المخرجات في منصات واحدة بحيث يسهل البحث والقراءة والتقصي والحصول على المعلومة».