تجليات صوفية في أعمال فؤاد بلامين التشكيلية

محمد نجيم (الرباط)

يستحضر الفنان التشكيلي المغربي فؤاد بلامين، في معرضه المقام حالياً في متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، البعد الصوفي في اللوحة التشكيلية، من خلال القباب والأضرحة وفضاء المعابد بتعبيرية رمزية، تمنح وتغترف من المكان المغربي بطقُوسِيته وبعده الروحاني، فهذا الفنان الذي يُعد أحد أعمدة الفن التشكيلي المغربي جاء بعد جيل التأسيس: بلكاهية، الشرقاوي، الغرباوي، وهو الذي ولد بمدينة فاس سنة 1950، المدينة طبعت ببعدها الروحاني والتاريخي لوحاته وأصبحت لصيقة أعماله، وحتى إنه جال بقاع العالم وتشرب من تيارات ومدارس فنية عالمية، إلا أنه استطاع أن يحتفظ ببصمته الخاصة في لوحاته وأعماله الفنية المرتكزة على البعد الصوفي في المكان المغربي ووعيه الجمعي، فإلى جانب اسم آخر في مدونة الفن التشكيلي المغربي هو عمر بوبركبة، فإن هذا الفنان، كما قال الناقد الجمالي شفيق الزكاري من بين الفنانين الصوفيين المغاربة بامتياز مع اختلاف كلي في المعالجة، فالفنان فؤاد بلامين ينطلق من المرئيات، كسند مولد للفكرة بمعطيات تشكيلية عالِمَة يُهيمن عليها الفراغ في بعض الأحيان، ومن خلال سلسلته الفوتوغرافية الرقمية، وفي جزء من تجربته الصباغية، والثاني يلجأ للنصوص الصوفية المباشرة، في محاولة لاستنباط الخبايا النفسية والروحية.
إن أعمال فؤاد بلامين، كما قال عنه شفيق الزكاري، تمنح وتغرف من مكونات حضارية وثقافية مغربية عريقة، مصدرها الأمكنة بفضاءاتها وعبقها التاريخي، في اختزالها للألوان والأشكال ضمن نسق تأثيث السند بالمادة ونتوءاتها، جعلت منها حقل تجارب لأجل اكتشاف أسرار هذه المادة.