الشارقة (الاتحاد)
صدر أخيراً العدد (47)، شهر سبتمبر، من مجلة «الشارقة الثقافية» التي تصدر عن دائرة الثقافة بالشارقة، حيث جاءت الافتتاحية بعنوان «الإبداع.. مرآة عاكسة للمكان والواقع»، مبيّنةً أنّ الأمكنة ولّادة للأفكار والرؤى والنبضات الشعرية والومضات الفلسفية، وأكدت أنه بقدر ما يختلف المكان، يختلف الإبداع وتتنوّع الأفكار، وبقدر ما يتفاعل المبدع مع تأثيرات المكان ونشاطه، تكتسب أعماله قيمة فنية عالية، موضحة أنّ الإبداع، سواء كان شعراً أو تشكيلاً أو رواية أو قصة، لا ينفصل عن المكان، بل يتكامل معه، ويؤثّر كل منهما في الآخر، لذا تبدو العواصم والمدن مثل بيروت ودمشق والقاهرة وبغداد والشارقة، كمكان ثري بأبعاده التاريخية والحضارية والرمزية. وأضافت: إنها حكاية عشق أبدية مع البيوت والطرقات والملاعب والأحياء والمقاهي والوجوه والألوان، التي يحقق فيها المبدع ذاته ويجد ضالته وحريته.
وتوقف مدير التحرير نواف يونس، في مقالته التي حملت عنوان «فنّ سردي عربي رفيع المقام»، عند «مقامات بديع الزمان الهمذاني»، وهي فن سردي يمتلك أسلوبه الخاص والمتفرد في بنائه، وأوضح أنه فرض نفسه بقوة، وتفرد بشكله الفني وأبعاده الفكرية، وتميزه عما سبقه من محاولات نثرية، لم تنل ما ناله من شعبية وشهرة وقبول، حيث توافرت فيه أيضاً الشخصيات الرئيسية والفرعية، إضافة إلى الحبكة والخاتمة، فضلاً عن القدرة والبراعة اللغوية والعناية البلاغية. وقد سار على نفس النهج القاسم بن علي الحريري، وألّف ما سمي بـ«مقامات الحريري» لتصبح المقامات أول مرجعية لجنس أدبي سردي في مسيرة أدبنا العربي.
وفي تفاصيل هذا العدد (47) إطلالة على المدينة العربية التي اتسمت بحياة حافلة بالتنعم والبهجة والطمأنينة- بقلم يقظان مصطفى، وإضاءة على اللغة العربية والثقافة الإسلامية في بلاد السنغال- بقلم وليد رمضان، إضافة إلى حوار مع المفكر والباحث محمد قجة الذي أكد أننا أمام عالم متغير، وحاوره أحمد حسين حميدان.
وفي باب «أمكنة وشواهد» بانوراما ساحرة حول مدينة بيروت التي ينهض من رمادها طائر الفينيق وتعدّ قصيدة لكل العصور- بقلم سليمى حمدان، وجولة في ربوع مدينة القصبة قلب الجزائر العاصمة التي تعتبر ملهمة الأدباء والفنانين- بقلم عباسية مدوني.
أمّا في باب «أدب وأدباء»، فتتوقف سوسن محمد كامل عند رائد المسرح الذهني توفيق الحكيم الذي اعتبره جيمس أولدريج من أبرز كتاب المسرح في العالم، ويتناول د. عماري محمد الروائي السوري حنا مينة الذي جعل الرواية العربية ملحمة إنسانية، فيما تشارك آية مجدي إبراهيم بمداخلة حول ألبير كامو الذي أحس بأن العدم يحيط بالإنسان من كل جانب، ويكتب د. محمد خليل محمود عن رائد مدرسة التجريد في الفكرة والأسلوب مصطفى صادق الرافعي، ويقدم محمد بوعيطة قراءة في ديوان «الحياة الافتراضية للسعادة» للشاعرة عائشة إدريس المغربي، بينما يحاور عادل عطية القاص والروائي محمود قنديل الذي يرى أن الناقد الحقيقي لا يعرف الحياد مع الكاتب والنص، إضافة إلى مداخلة حول رواية «معجم القلوب - الكوكب المنسي» التي يصور فيها غسان عبدالخالق رحلة حياة ياقوت الحموي، فيما تلقي د. بهيجة إدلبي الضوء على تجربة الدكتور محمد غنيمي هلال الذي يعد الرائد المؤسس لعلم الأدب العربي المقارن. ويرصد عزت عمر الأبطال الذين يبحثون عن المجد والخلود في ملحمتي الإلياذة والأوديسة، ويتوقف عبده وازن عند الرواية الأولى للكاتبة الشهيرة فرانسواز ساغان «صباح الخير أيها الحزن»، والتي حققت أعلى المبيعات في فرنسا، كما تطرق د. هانئ محمد إلى الأديب كامل كيلاني الذي يعتبر الأب الشرعي لأدب الأطفال العرب، وأجرى بهجت صميدة حواراً مع الكاتب أشرف البولاقي الذي يرى أن الشعر هو مستقبل العالم.
وفي باب «فن. وتر. ريشة» نقرأ: عبدالجبار الغضبان حالة لا تنفصل عن الضجر الإنساني -بقلم محمد العامري، آمنة النصيري.. فضاءات حكائية في «سيدات العالم»- بقلم أحمد الأغبري، غنام غنام: سلطان القاسمي يدعم المسرح العربي مادياً ومعنوياً -حوار عبدالعليم حريص، محمد السيد عيد: المستقبل للثقافة المرئية - حوار الأمير كمال فرج، د. هدى وصفي.. تبنت المواهب والكفاءات الشابة - حوار ضياء حامد، عباس فارس من رواد الفن المصري - بقلم زمزم السيد، السينما في زمن الجائحة - بقلم زياد عبدالله.
ومن جهة ثانية، تضمّن العدد مجموعة من المقالات الثابتة، وهي: لماذا عُني سلطان القاسمي بمكاتبات السلطان برغش؟ -بقلم د. محمد صابر عرب، جمالية اللغة العربية في القصيدة الفكرية -بقلم د. يحيى عمارة، التفتيش عن الصور الأولى في بيت الشاعر -بقلم المنصف المزغني، نزوع درامي نحو الحلم في شعرية المنصف الوهايبي -بقلم د. حاتم الفطناسي، النص الأدبي والأخطاء اللغوية -بقلم غسان كامل ونوس، قصائد الأطفال وفتنة الإيقاع -بقلم حسن الربيح، عن زكريا محمد والقصيدة الهاربة من صمتها -بقلم د. حاتم الصكر، «نجمة البحر» ملحمة إلياس خوري الثلاثية -بقلم علي كنعان، البعد المكاني في الشعر المعاصر -بقلم نوال يتيم، جمال الغيطاني وإيقاعات جمال الأسفار -بقلم د. عبدالعزيز المقالح، ناظم حكمت.. رائد الحداثة التركية -بقلم شعيب ملحم، بيان الحد بين الهزل والجد -بقلم نبيل سليمان، «الفانتازيا».. والخيال عند الأطفال -بقلم رؤى مسعود جوني، غادة السمان.. ثلاثة مفاهيم في حرف واحد -بقلم خوسيه ميغيل بويرتا، أطفالنا.. والفرح الذي يليق بهم -بقلم سلوى عباس، هل نجد مدخلاً لعلاقة جديدة مع الطبيعة والكون -بقلم أحمد يوسف داوود، تنظير نقدي له مبرراته -بقلم نجوى المغربي، اللغة العربية وترجمة المسرحيات -بقلم فرحان بلبل، «يوميات» كافكا الكاملة -بقلم نجوى بركات، نضال سيجري الممثل الذي يختلق الصعقة البصرية في ما نرى ونسمع -بقلم أنور محمد، عباس خضر والقصة القصيرة في مصر -بقلم مصطفى عبدالله، نجيب محفوظ يقدم (بانوراما) مكثفة للحارة المصرية في «همس الجنون» -بقلم د. اعتدال عثمان.
وفي باب «تحت دائرة الضوء» قراءات وإصدارات: دور العرب في تكوين الفكر الأوروبي.. دراسة شائقة للعلاقات الثقافية العربية والغربية -بقلم ناديا عمر، رفاعة الطهطاوي زعيم النهضة الفكرية في عصر محمد علي -بقلم نجلاء مأمون، الأدب التفاعلي للطفل -بقلم أبرار الأغا، الدراما الفنية.. حوار الشخصيات وصوت المؤلف في «الأخوان راكون ودلو القشدة» -بقلم مصطفى غنايم، جدل الجمالي والثقافي في «ثمة ما أقول لكم» -بقلم د. هويدا صالح، الثقافة التلفزيونية -بقلم محمد ادعيكل.
ويفرد العدد أيضاً مساحة للقصص القصيرة والترجمات لكوكبة من الأدباء والمبدعين العرب، وهي: محمد عطية محمود «عصفورتان بللهما المطر»/ قصّة قصيرة، البناء المشهدي/ نقد -بقلم د. سمر روحي الفيصل، ميري مخلوف «الكعب العالي»/ قصة قصيرة، صلاح عبدالستار الشهاوي/ قصص قصيرة جداً، رفعت عطفة «هدايا»/ قصة مترجمة، إضافة إلى «أدبيات» من إعداد فواز الشعار، ووقفة مع معلقات الشعر الأندلسي بقلم د. سعيد بكور.