السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

3 كاتبات يقرأن واقع الإبداع السردي في الإمارات

3 كاتبات يقرأن واقع الإبداع السردي في الإمارات
24 أغسطس 2020 00:59

فاطمة عطفة (أبوظبي)

تبدأ أهمية القصة من هدهدات الأم للطفل وحكايات الجدة، ويبدو أن الاهتمام بالقصة القصيرة قد تراجع لتحتل الرواية المكانة الأولى في الإبداع السردي، ويعود ذلك إلى أسباب متعددة، منها أن لكل عصر إيقاعه الفني الغالب من شعر ومسرح وقصة ورواية، ويمكن أن تكون مشكلات الفرد العربي تطورت لتدخل وتمتزج بمشكلات المجتمع. وفي هذا التحقيق تتحدث ثلاث روائيات إماراتيات حول هذه القضية، كما يقدمن آراءهن في تجارب الشباب الروائية.
بدايةً، تقول الروائية لولوة المنصوري: أعتقد أن (الفكرة) سيدة العناصر الأدبية الولودة الأبدية للأجناس، أتفق دائماً مع مبدأ كوننا في زمن الفكرة، زمن الكاتب لا الجنس الأدبي، كل يجري في مجراه، ووفق معطيات الظرف، وما تمليه احتياجات الفكرة من تمدد سردي أو تكثيف قصصي. ولكن بما أن الرواية ناشئة وحديثة التجريب، واحتواءها للتحولات الجذرية أكثر مرونة، فهي لافتة للإعلام والمؤسسات الثقافية وللكاتب نفسه. ويبقى الاتجاه منوطاً بما تقتضيه الفكرة، أما تصنع التهافت على الرواية لأجل لفت الأضواء، فهو أمر هزليّ تنتج عنه كتابات متسارعة ومفتعلة. 
وتنتقل إلى تجارب الشباب فتقول: الرواية في طور الارتقاء، رغم أن التجريب لا يزال ناشئاً في بدايته، إلا أن هناك روايات مبشرة جداً عالجت القضايا الإنسانية، واستقرأت الزمن والتحولات، وفتحت أبواباً رؤيوية أبعد من القضايا المحلية، وفق تجليات فلسفية عميقة، مستحضرة التاريخ الاجتماعي كعبرة، أو مستشرفة المستقبل كتنبؤ، أو متجذرة في مفاصل اللحظة، كدلالة باطنية على التحوّل والخروج من الخادرة الزمنية. والنماذج كثيرة لمن أراد استنطاق بيوغرافيا الرواية الإماراتية بتأمل ونظرة تفاؤلية.
وتنظر الروائية مريم الساعدي إلى حضور الرواية بقوة، قائلة: هذا ما فرضه واقع النشر، دور النشر لم تعد تتشجع لنشر المجموعات القصصية، أصبحوا يريدون الروايات فقط. وهذا ربما بسبب انتشار الجوائز الأدبية المخصصة للرواية على وجه الخصوص. والتأهل لجائزة أدبية يفتح مجال تسويق أوسع للكتاب، ما يسهل مهمة الناشر في توزيع الكتاب، وكذلك ينعم الكاتب بأضواء الجائزة ومنافعها في الترجمة، مثلاً، فيتجه للرواية، فقد يحظى بفرصة في إحدى الجوائز. أعتقد أن أساس المشكلة هو أزمة توزيع الكتاب، لو توفرت منافذ توزيع سلسة لكل أصناف الكتب، لما تراجع صنف عن آخر. يتقاذف كرة اللوم في هذه الأزمة كل من الناشر والمكتبات والموزع والكاتب؛ كلٌّ يلقيها على الآخر. 
وحول رأيها في تجارب الشباب، تقول: هناك غزارة في الإنتاج، فيه بعض الجيد والكثير من التجارب غير المكتملة، وهي تحتاج الكثير من التأني وتطوير الذات بالقراءة في الآداب العالمية وصنوف المعرفة المختلفة. الاستسهال والاندفاع لكتابة الرواية دون ثقافة حقيقية، رغبة في الشهرة السريعة، أنتج كتباً كثيرة، لكن دون محتوى ذي قيمة. هذا لا ينفي بالطبع وجود تجارب جيدة تستحق الالتفات، لكنها تتوارى في خضم الكمّ السطحي. الرهان على الزمن في أن يُبقي الجيد، ويترك الفائض يسقط في النسيان. 
من جانبها، تقول الروائية مريم الغفلي: القصة القصيرة فن قائم بذاته، وله أدواته ومعاييره التي تختلف كثيراً عن معايير كتابة الرواية. بالنسبة لي، أعتبر كاتب القصة القصيرة أقوى وأكثر مقدرة، ويستطيع كتابة الرواية بجدارة لو أراد. لأن القصة تكثيف لحدث معين، وتركيز وقوة لغوية تحتاج ملكة اختزال التفاصيل والأحداث والشخوص في لقطة أو سطر أو صفحة، بينما شبكة الأحداث وتفاعل الأشخاص وعنصرا الزمن والمكان، هذه العناصر تشكل بنية الرواية.
وتضيف الغفلي: الكتاب اتجهوا للرواية لأنها الأكثر قراءة، وهي مطلوبة، وهذا زمنها، خاصة مع تنامي الجوائز المخصصة للرواية محلياً وعالمياً، وتشجيع النقاد ودور النشر على كتابة الرواية. والرواية متعة طويلة أكثر رسوخاً في ذهن القارئ، لأنها عالم متكامل، بينما القصة ومضة، وقدح ذهني، وتكثيف لحدث، واختزال لا يحتاج وقتاً للكتابة أو القراءة.. بينما الرواية تحتاج جهداً ووقتاً، سواء في كتابة العمل أو القراءة. وتظل القصة قصة وجنساً أدبياً مميزاً، والرواية كذلك؛ تختلفان شكلاً ولكن المضمون كتابة وموضوع وتسليط ضوء. وكل هذا إنتاج أدبي له معجبون وقراء، ومن يتجه لهذا أو ذاك، حسب التفضيل والوقت المتاح للقراء.
أما نظرة الغفلي إلى تجارب الشباب الإماراتي، فهي تراها حتى الآن ناجحة، وتقول: هناك أسماء نجحت، وأتوقع لها الاستمرار والنجاح المستقبلي. والناجح هو من يستفيد من التجربة، ويصوّب ويطور من قلمه. ويجب تشجيع الجميع على الكتابة، وستظهر الأقلام المبدعة وتستمر. وسيتراجع من لم يمتلك الإمكانات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©