فاطمة عطفة (أبوظبي)- اليوم ماتت أمي. أو لعلها ماتت أمس. لست أدري. وصلتني برقية من المأوى: «الأم توفيت. الدفن غدا. احتراماتنا». وهذا لا يعني شيئا. ربما حدث الأمر أمس. بهذه العبارة الحيادية الباردة بدأ مورسو بطل «الغريب» لألبير كامو يسرد أحداث الرواية التي كانت موضوع النقاش في جلسة الحوار الافتراضية التي نظمتها مؤسسة «بحر الثقافة» أول أمس، بحضور الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان - رئيسة المؤسسة، والشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، ومشاركة الكاتب والمترجم المغربي محمد آيت حنا، والروائي التونسي د. محمد آيت ميهوب، وأدارت الجلسة الإعلامية عائشة سلطان.
أشار المترجم إلى أن كامو لا يتناول موضوع العبث في روايته هذه، إنما يتحدث عن السعادة وأهمية الاحتفاء بالحياة. فمورسو شخصية لامبالية وليست عبثية، سواء لدى سماعه بوفاة أمه أو ارتكاب جريمة قتل بسبب ضيقه بوهج الشمس وحرارتها الشديدة، أو عدم اهتمامه بتوكيل محام.. ولا حتى بالحكم عليه بالإعدام، كما يبدو ذلك جليا منذ البداية، موضحا أن البطل شخصية أدبية مستقلة عن مؤلفها، والرواية ليست سيرة ذاتية للكاتب لأن حياة كل منهما مختلفة اختلافا كبيرا. البطل يتحدث بضمير المتكلم وهذا يخلق إشكالات، ومشكلة البطل أنه يقول الحقيقة. ومن هذا المنظور تبدو الرواية مقاربة لسيرة السيد المسيح، مبينا أن القضاة لم يحاكموه لقتل العربي، إنما لأمور لا علاقة لها بحادثة القتل، مثل شرب القهوة والتدخين أمام جثمان والدته. أما عن التحدي الذي واجه الكاتب في ترجمته، فأوضح أن اللغة وأسلوب الجمل القصيرة المشابهة لأسلوب هيمنجواي هي التي شغلته، وقد استفاد من ذلك وحاول انتهاج الأسلوب ذاته.
وأكدت الأسئلة والمداخلات على أهمية الرواية وأنها تستحق القراءة أكثر من مرة، رغم التباين بين الفصل الأول والثاني. وأكد د. ميهوب في مداخلته أننا في قراءتنا لا ينبغي لنا أن نقع في تبسيط الأمور والنظر إلى أن هذا العمل الروائي الجميل باعتباره سيرة للمؤلف، لأن الشخصية الروائية لها أبعاد أوسع، ولا يمكن أن نتخذ من الرواية شهادة على الكاتب، وضرب مثلا بالفارق الكبير بين حياة بلزاك وكتاباته.
وحول الهوامش التي وضعها الكاتب، أوضح أنه يميل إلى استخدام كلمة (الحواشي) بدلا من (الهوامش)، مؤكدا أنها أساسية وضرورية لإيضاح بعض النقاط التي تثير الإشكال أو الالتباس.