ملبورن (أ ف ب)
أن تضعك التوقعات في مصاف المرشحات للتربع على قمة تصنيف لاعبات التنس، وأنتِ في الرابعة عشرة من عمرك فقط، فهذا يشكل عبئاً ثقيلاً جداً على أي رياضي شاب والأميركية ماديسون كيز أبرز دليل على ذلك.
في رياضة يُقاس فيها النجاح بما تحققه على مسرح البطولات الأربع الكبرى، احتاجت اللاعبة الأميركية إلى 15 عاماً، كي تصبح من المتوجات بألقاب «الجراند سلام» منذ فوزها الأول في دورات رابطة المحترفات، وذلك بإحرازها لقب بطولة أستراليا المفتوحة، بعد فوزها على حاملة اللقب والمصنّفة أولى عالمياً البيلاروسية أرينا سابالينكا.
حققت ابنة الـ29 عاماً المفاجأة في نصف نهائي البطولة الأسترالية، بالفوز على البولندية إيجا شفيونتيك المصنّفة أولى سابقاً، وثانية حالياً 5-7 و6-1 و7-6، قبل أن تؤكد أن ما حققته في دور الأربعة لم يكن وليد المصادفة بحرمانها سابالينكا من لقب ثالث توالياً في ملبورن بالفوز عليها 6-3 و2-6 و7-5.
نجحت كيز أخيراً في بلوغ النهائي في ملبورن، حيث توقف مشوارها مرتين عند نصف النهائي عامي 2015 و2022، وخاضت النهائي الثاني لها فقط في «الجراند سلام»، بعد أول عام 2017 في فلاشينج ميدوز، حين خسرت أمام مواطنتها سلون ستيفنز.
كانت في التاسعة عشرة من عمرها فقط، حين وصلت إلى نصف نهائي إحدى البطولات الأربع الكبرى للمرة الأولى في عام 2015 في ملبورن بالذات، ما زاد من حجم التوقعات بشأن مستقبلها الواعد، إلا أن الضغط أثقل كاحلها، وانتظرت بالتالي حتى عامها التاسع والعشرين لترتقي إلى مستوى التحدي.
يوم السبت، تغلّبت أخيراً على «شياطينها» والعقدة الذهنية التي أوصلتها حتى الاعتقاد بأنها «فاشلة»، فكيف تحقق ذلك؟.
الجواب هو «الكثير من العلاج»، وفق ما أقرت الأميركية بكل صراحة.
تمتّعت كيز دائماً بأسلوب لعب متكامل منذ سن مبكرة: إرسال رائع، قدمان سريعتان، ضربات أرضية قوية، واللعب بأريحية على الشبكة.
لكنها لم تستطع التخلص من الفكرة المزعجة، التي كانت تشعر بها بأنها خذلت الجميع من حولها بعدم الفوز بواحدة من أفضل جوائز التنس.
ترى كيز أن: «كل شيء يحدث لسبب ما، بالنسبة لي على وجه التحديد، كان عليّ أن أمر ببعض الأشياء الصعبة. أجبرني ذلك على النظر بالمرآة قليلاً ومحاولة العمل على الضغط الداخلي الذي كنت أضعه على نفسي».
أثّرت هزائمها في البطولات الكبرى التي وصلت فيها قبل أستراليا المفتوحة لهذا الموسم إلى النهائي مرة واحدة ونصف النهائي خمس مرات وربع النهائي أربع مرات عليها بشكل كبير، واستغرقها الأمر سنوات لإقناع نفسها بأنها ليست فاشلة، وأن حياتها في هذه الرياضة لم تذهب سدى.
علّقت على ذلك بالقول: «شعرت منذ سن مبكرة جداً أنه إذا لم أفز أبداً ببطولة جراند سلام، فلن أرقى إلى المستوى الذي يعتقد الناس أنني يجب أن أكون عليه. كان هذا عبئاً ثقيلاً جداً لتحمله».
قررت العام الماضي إنهاء موسمها مبكراً، وعقدت قرانها على مدربها بيورن فراتانجيلو في نوفمبر، في ما وصفته بأنه «أفضل يوم في حياتي».
الأمر الأهم على الإطلاق أنها كانت سعيدة وفي سلام مع نفسها و«وصلت أخيراً إلى النقطة التي كنت فخورة فيها بنفسي وفخورة بزوجي، سواء فزت ببطولة جراند سلام أم لا».
تقدم الأميركية موسماً مميزاً إذ إن فوزها على سابالينكا في النهائي كان الثاني عشر لها على التوالي، امتداداً من دورة أديلايد، حيث توجت باللقب على حساب مواطنتها جيسيكا بيجولا، في سلسلة تغلّبت خلالها على خمس مصنفات بين العشر الأوليات، بينها صاحبتا المركزين الأولين بشخص سابالينكا وشفيونتيك، وفازت بثماني مباريات بثلاث مجموعات.