عمرو عبيد (القاهرة)
أكدت أولمبياد «باريس 2024» من جديد، أن فوز إحدى الدول بميدالية قد يتجاوز نجاحه وتأثيره حصد عدة ميداليات بالنسبة إلى دولة أخرى، حيث يوضع بالطبع تعداد السكان ومساحة الدولة وتاريخها الأولمبي في الحسبان، وكذلك حجم البعثة التي أرسلتها لخوض الدورة الأولمبية، ووقتها تختلف رؤية المتخصصين والمحللين والجماهير لجدول ترتيب الميداليات النهائي.
وبعيداً عن «الكبار»، الذين يتصدرون المشهد عادة، في كل دورة أولمبية، حيث تُشارك أميركا والصين واليابان وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا، وغيرها، ببعثات رياضية «ضخمة»، لكن الحصاد يستحق ويليق في النهاية، بتصدّر جدول الترتيب بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، ومن خلفها الصين واليابان، بينما يظهر الحصاد الألماني على سبيل المثال «هزيلاً»، بمقارنة الفوز بـ33 ميدالية فقط، بينها 12 «ذهبية»، وضعت «الألمان» في المركز العاشر، أمام حقيقة مشاركة 428 رياضياً في الألعاب الأولمبية، لأن البعثة الألمانية كانت «الرابعة» من حيث ضخامة العدد!
وعلى السياق نفسه، بالنسبة إلى الدول المتوسطة، وصاحبة العدد المحدود من الميداليات، يظهر الفارق واضحاً، ولعل الجدل الإعلامي والجماهيري الذي ضرب الرياضة المصرية، بعد مشاركة أولمبية «مُحبطة» حسب آراء الكثيرين، أكبر مثال يوضح ذلك، حيث شارك 148 رياضياً مصرياً في «باريس 2024»، وهي البعثة التي احتلت المركز الـ18 في ترتيب أكبر البعثات الأولمبية هذا العام، واكتفت الرياضة المصرية بحصد 3 ميداليات فقط، بواقع ذهبية واحدة ومثلها فضية وأخرى برونزية، ويُمكن القول إن نسبة النجاح المصرية بلغت 2%، مقارنة بين عدد الرياضيين عامة وإجمالي الميداليات.
وعند وضع الدول أصحاب الـ3 ميداليات في مقارنة سريعة مع الحصاد المصري، يظهر تفوق الـ 7 الآخرين، حيث فازت الجزائر بالعدد نفسه، مع الوضع في الاعتبار حصدها «ذهبيتين»، بمشاركة 45 رياضياً فقط، وهو ما يقل عن «ثُلث» عدد أفراد البعثة المصرية، لتبلغ نسبة النجاح الجزائرية 6.66% بنفس التطبيق، في حين تبلغ نسبة إندونيسيا 10.3% بالنظر إلى الميداليات الـ3، بينها «ذهبيتان» وبرونزية، إذ لم يتجاوز عدد أفراد بعثتها 29 رياضياً، في حين يختلف التطبيق قليلاً في حالة سلوفينيا، التي شاركت بـ90 رياضياً، وفازت بـ2 «ذهب» وواحدة فضية، وعند النظر إلى تونس، المتطابقة مع مصر تماماً في الحصاد النهائي، فإن نسبتها تجاوزت 11% بسبب مشاركة 27 رياضياً فقط في بعثتها، وبغض النظر قليلاً عن «نوع» الميداليات، فإن طاجيكستان فازت بـ3 ميداليات برونزية بمشاركة 14 لاعباً فقط، مقابل ميدالية ذهبية وبرونزيتين للدومينيكان ببعثة مكونة من 58 رياضياً.
بعض الحالات تستحق التوقف عندها بكل تأكيد، مثل جزيرة سانتا لوسيا التي فازت بميداليتين، ذهبية وفضية، بمشاركة 4 رياضيين فقط، وهو ما يعني القول بأن البعثة نجحت بنسبة 50%، وهو أمر رائع لجزيرة بحجمها، كما أن تحقيق «دومينيكا» لميدالية ذهبية واحدة، عبر ظهور 4 رياضيين لها فقط في الأولمبياد، يُعد إنجازاً تاريخياً كبيراً، بنسبة نجاح 25%، كما حققت البحرين نجاحاً «باهراً» في الألعاب الأخيرة، حيث حصدت 4 ميداليات، بينها «ذهبيتان»، بمشاركة 13 رياضياً فقط، بنسبة 30.7%.
ورغم عدم حصول أرمينيا على «الذهب»، إلا أنها جمعت 4 ميداليات، بواقع 3 فضيات وواحدة برونزية ببعثة مكونة من 15 رياضياً فقط، كما شاركت بوتسوانا أيضاً بـ11 رياضياً في «باريس 2024»، لكنها تمكنت من حصد ميداليتين، ذهبية وفضية، وهو نفس حصاد أوغندا بمشاركة 24 لاعباً، في حين فازت المغرب بذهبية وبرونزية عبر 60 رياضياً، وهو ما كررته جواتيمالا بوساطة 16 لاعباً فقط، أما إثيوبيا، فقد فازت ب4 ميداليات، ذهبية واحدة و3 فضيات، ببعثة تكونت من 34 رياضياً!