معتز الشامي (دبي)
لا تزال أصداء خروج المنتخب الوطني من دور الـ 16 لكأس آسيا تلقي بظلالها على الشارع الرياضي، لاسيما وأن «الأبيض» لم يظهر بالمستوى المأمول، على عكس التوقعات التي كانت كبيرة، بعدما شاهدت منتخبنا يقدم أداء مختلفاً في المواجهات الودية، حيث حضرت بصمته الفنية وتناغم أداء لاعبيه بصورة أبرز، قبل أن يتغير الأمر مع انطلاق منافسات آسيا، والتي شهدت تأهل المنتخب بشق الأنفس إلى دور الـ 16، فضلاً عن عدم نجاحه في تحقيق سوى فوز واحد أمام هونج كونج، بينما تعادل أمام منتخب فلسطين، وخسر أمام إيران، قبل أن يسقط مجدداً أمام منتخب طاجيكستان ويودع البطولة.
واتفقت الآراء التي استطلعتها «الاتحاد»، على ضرورة وجود خطة إعداد واضحة المعالم، وتكشف سلبيات المرحلة الماضية، وتبني على إيجابياتها، مع وضوح معالم تلك الخطة بهدف تصحيح مسار المنتخب.
وشددت الأصوات الفنية التي تحدثت في ملف تصحيح مسار «الأبيض»، على ضرورة استغلال الإيجابيات التي ظهرت، لاسيما من حيث اكتشاف اللاعبين الموهوبين صغار السن، الذين تم تقديمهم كوجوهٍ جديدة يمكنها أن تحقق المعادلة اللازمة في أداء المنتخب، مع ضم أجهز العناصر لتشكيلة الفريق، خصوصاً الأسماء صاحبة الخبرة التي عادة ما يكون لها حضورها في المباريات الصعبة، وهو ما أثر على أداء المنتخب في بعض المباريات خلال كأس آسيا، وخصوصاً مباراة طاجيكستان، دون إهمال علاج السلبيات في الأداء، مع ضرورة تثبيت هوية فنية للأبيض، بما يحقق الهدف من حيث ارتفاع المستوى وتطوير أداء اللاعبين، والتركيز على ضرورة تقديم بدائل عديدة في الهجوم، حيث نجح بينتو رغم السلبيات في تقديم وجوه يمكنها أن تفيد المنتخب مستقبلاً، مثل سلطان عادل وبدر ناصر وزايد سلطان وعبد الله إدريس، لكن ذلك لن يكون كافياً، بل يحتاج المنتخب للمزيد. كما تطرقت الآراء لضرورة التركيز على التصفيات الآسيوية المشتركة المؤهلة لمونديال 2026 وكأس آسيا 2027، خصوصاً مع تصدر «الأبيض» لمجموعته في المرحلة الثانية من التصفيات، وضرورة المواصلة على نفس المسار مع تصحيح الأخطاء التي ظهرت في كأس آسيا، خصوصاً عدم ثبات التشكيل، وحذرت الآراء الفنية من البدء من الصفر، أو القيام بتحويلات كبيرة في تشكيلة «الأبيض»، بما قد يؤثر على جاهزيته لاستكمال مشواره في صدارة مجموعته لضمان التأهل، لاسيما وأن مشوار التصفيات طويل، ويمتد عبر 5 مراحل مختلفة تستمر حتى أوائل عام 2026.
غياب الدافع
من جانبه، أكد الألماني وينفرد شايفر، مدرب شباب الأهلي والعين ومنتخب تايلاند السابق، أن الأبيض لم يظهر بالصورة المأمولة، رغم أن كل الإمكانات كانت متاحة أمامه، ولكنه لم يرض طموحات الجماهير وظهر من دون أنياب هجومية أمام منتخب طاجيكستان، الذي اعتمد على الروح القتالية العالية للاعبيه، مقابل غياب تلك الروح عن اللاعب الإماراتي، الذي لم يكن لديه دوافع كافية للقتال من أجل السير بعيداً في البطولة.
وقال شايفر: «الملاحظ أن المنتخب الإماراتي غاب عنه الدافع في مواجهة طاجيكستان، كما ظهر عاجزاً على اختراقات الدفاع والأداء بقوة وروح قتالية عالية، فضلاً عن غياب الحضور الهجومي، ومن سجل هدف التعادل كان المدافع خليفة الحمادي، وهو ما يعني أن الغساني كان مستسلماً للرقابة ولم يقدم الحلول، والأمر نفسه لباقي العناصر الهجومية».
وتابع: «اللاعب الإماراتي يحتاج للتطوير المستمر، لكن البناء للمستقبل يتطلب ضرورة البدء من الأندية، وتوحيد الرؤية للأجهزة الفنية بتلك الأندية مع جهاز المنتخب، مع تطوير اللاعبين المرشحين للانضمام لتشكيلة الأبيض، والتركيز على متابعتهم في أنديتهم، بما يفيد في باقي مشوار الأبيض مع التصفيات المؤهلة للمونديال، والتي يجب أن تكون هي الأولوية للعمل خلال العامين المقبلين من الجميع»
ثبات التشكيل
على الجانب الآخر، أكد محمد قاسم مدافع المنتخب الوطني السابق، أن المنتخب سقط في آسيا بسبب عدم ثبات التشكيل، بخلاف غياب الهوية الفنية لأدائه، وشدد على أن الفريق كان مبشراً للجميع، خصوصاً بعد الأداء المميز في الوديات وعودة نغمة الانتصارات، ما أعاد الثقة للجميع وأدى لزحف الجماهير خلف المنتخب، لكن الجميع تفاجأ بالسقوط لاحقاً، بخلاف تواضع المستوى في المباريات بشكل عام التي خاضها الفريق.
وتابع: «كنا نتمنى أن يصل المنتخب لأبعد نقطة في البطولة، وليس الخروج من دور الـ 16، كنا نتمنى أن يستمر الأداء القوي الذي ظهرنا عليها في المباريات الودية، كما كنت أتمنى أن يعتمد بينتو على تشكيلة واحدة، بما يفيد في الأداء، لاسيما من حيث الدفاع، لأن الخط الخلفي تحديداً يحتاج إلى الثبات والتجانس بين اللاعبين، كونه الخط المهم في الفريق، وتأثير كثرة تغييرات عناصره، فضلاً عن أن البنية الجسمانية للاعب الإماراتي كانت ضعيفة جداً، مقارنة بلاعبي طاجيكستان أو إيران أو حتى منتخب فلسطين، وبالتالي يجب اختيار عناصر لديها القوة البدنية والقدرة على مقارعة تلك القدرات الجسمانية».
ولفت قاسم إلى أهمية العمل على استراتيجية واضحة للمستقبل، والبناء على الإيجابيات التي ظهرت وعلاج السلبيات أيضاً، التي وقع فيها الأبيض، كما أبدى اندهاشه من معالجة أزمة علي مبخوت مع المنتخب خلال المعسكر بالبطولة.
وقال محمد قاسم: «هناك علامات استفهام وغموض كبير في غياب مبخوت، فهو لاعب كبير للمنتخب وفي دورينا، ولا يجب أن يكون مكان مبخوت في المدرجات إلا إذا كان مصاباً، بل مكان مبخوت الطبيعي هو الملعب حتى لو ضمن عناصر الاحتياط، لكن الوضع حول علي مبخوت في البطولة لم يكن صحياً، كما أن تضارب التصريحات وتناقضها حول حقيقة ابتعاده عن المشاركة أمر لا يجب أن يمر دون توضيح ومصارحة».
وتابع: «مبخوت تم استدعاؤه كثيراً، في كل التجمعات تقريباً، فلماذا تفاجأ المدرب أنه متخاذل حالياً، ولماذا لم يتحدث عن ذلك سابقاً، وهل تم فرض مبخوت على المدرب أم ماذا؟ هذه الأمور يجب أن تظهر للرأي العام الرياضي، خصوصاً أن مبخوت لاعب مهم في تشكيلة المنتخب».
نواف مبارك: المنتخب خذلنا والوديات ليست مقياساً!
حمل نواف مبارك، لاعب منتخبنا الوطني السابق والمدرب الحالي بنادي الشارقة، مسؤولية سقوط «الأبيض» في كأس آسيا للاعبين وللجهاز الفني بقيادة باولو بينتو، مشيراً إلى أن التسرع في المطالبة بإقالة الجهاز الفني ليس حلاً، وإنما ضرورة تدارك ما حدث عبر تصحيح مسار الفريق، والبحث في السلبيات والثغرات والبناء على الإيجابيات. وقال نواف: «المنتخب خذلنا بكل أسف، كنا ننتظر الأفضل، ولكن لم نر ذلك، والكل كان لديه أمل في أن يقاتل المنتخب وأن يعبر طاجيكستان، ولكن غابت بصمة المنتخب، ولم يظهر بصورة مثالية أمام منتخب بلا تاريخ في البطولة». ولفت نواف إلى أن الحديث عن تألق المنتخب في المباريات الودية ومقارنتها بأدائه في المواجهات الرسمية يعتبر خطأ كبيراً، خصوصاً أن الوديات ليست مقياساً؛ لأن اللاعبين يدخلونها من دون ضغوط، ولكن المواجهات الرسمية تتطلب لاعبين أصحاب خبرات بشكل أكبر من الاعتماد على اللاعبين الصغار بالكامل في التشكيلة كما رأينا في مشاركة الأبيض الأخيرة. وشدد نواف على أهمية النظر للمستقبل، وعدم التوقف كثيراً أمام الخروج من كأس آسيا، وهو ما يستدعي ضرورة أن تكون هناك خطط واضحة للمنتخب، ويجب أن يتم الإعلان عن ذلك وأن يعمل بينتو بطريقة محترفة، عبر عرض أهداف خطة تطوير المنتخب على الاتحاد، وقال: «كلنا ثقة في أن الاتحاد لن يبخل بتوفير كل سبل النجاح للأبيض ولاعبيه، ولكن يجب العمل على تصحيح الأخطاء، وأولها أن يتم تحميل المسؤولية للجهاز الفني الذي لم يثبت على تشكيلة أو هوية للمنتخب، رغم أنه تولى المسؤولية منذ يوليو الماضي، وخاض 7 وديات، وهو عدد كافٍ لأي مدرب حتى يصنع بصمته الخاصة».
العبيدي يطالب بتعيين مدرب وطني في الجهاز المعاون
وصف نور الدين العبيدي، المدرب التونسي السابق لمنتخبنا الأولمبي والمحلل الفني، مشاركة المنتخب في كأس آسيا بأنها جاءت «غير موفقة»، سواء من حيث النتائج أو الأداء، حيث تلقى المنتخب هزيمتين وتعادل في مباراة واحدة، بالإضافة إلى فوز وحيد وسجل 6 أهداف، ولكنه استقبل 5 أهداف، ما يعكس وجود أزمة دفاعية كانت واضحة على أداء الفريق، إلى جانب المردود الفني غير المقنع، الذي قدمه الفريق ككل في هذه البطولة، نتيجة لعدم توفق المدرب في اختيار اللاعب المناسب في المكان المناسب، وقال: «كانت تشكيلة الفريق غير متجانسة، كما رأينا لاعبين يلعبون في غير مراكزهم، مثل خالد الظنحاني وبدر ناصر، مما تسبب في العديد من الهفوات على مستوى التمركز والتغطية الدفاعية».
وتابع: «تم إشراك لاعبين لا يلعبون مع أنديتهم بشكل أساسي، مثل طحنون الزعابي وعادل سلطان وكايو، وأصبحوا عناصر أساسية مع المنتخب في البطولة، وهو ما أثر على نسق المباراة ولم يقدر المنتخب على اللعب بإيقاع سريع، ولم يستطع الجهاز الفني التدخل الإيجابي من الناحية الفنية، سواء أثناء المباراة الأخيرة أو في باقي المباريات».
وأضاف: «رغم ذلك، كانت هناك بعض الإيجابيات التي يجب البناء عليها مستقبلاً، مثل وجود بعض العناصر الشابة في المنتخب، لاسيما عادل سلطان وبدر أحمد، بخلاف تألق خالد عيسى، وكذلك الجانب الهجومي الإيجابي للمنتخب في بعض المباريات، حيث سجلنا 6 أهداف؛ لذلك يجب البناء على هذه الإيجابيات مع تحسين الجانب الدفاعي والحضور الذهني، ودعوة المدرب إلى وضع استراتيجية واضحة على المستوى الفني، عبر اختيارات اللاعبين وطريقة اللعب التي ينوي اتباعها وتطبيقها».
وطالب نور الدين العبيدي بضرورة وجود مدرب مواطن يساعد بينتو على فهم عقلية وإمكانيات اللعب الإماراتي، مؤكداً أن الاتحاد مطالب بتحديد الأهداف من كل مسابقة؛ لأن المنتخب ذهب للمشاركة في بطولة آسيا من دون هدف واضح، فنتج عن ذلك تضارب في التصريحات التي أثرت على الحضور الذهني للاعبين.