الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«الليجا».. منافسات في الرياضة والاستدامة

«الليجا».. منافسات في الرياضة والاستدامة
13 ديسمبر 2023 01:45

مراد المصري (دبي) 
تتصدر الأندية الإسبانية مبادرات الاستدامة على صعيد كرة القدم العالمية، وتولي هذا الجانب أولوية قصوى ضمن خطط عملها، جعلتها تقدم نماذج رائدة وفريدة من نوعها، لإدراكها أهمية العمل نحو المستقبل بفكر متجدد، واستخدام طرق فيها المزيد من المسؤولية تجاه المجتمع والبيئة. 
ووفرت أندية في «الليجا» مثل أتلتيكو مدريد انبعاثات الطاقة، وأطلق ريال بيتيس منصة الاستدامة «أخضر للأبد»، للتعاون مع الشركات في مشاريع صديقة للبيئة، وقام أتلتيك بلباو بزراعة الأشجار والشجيرات في إقليم الباسك كجزء من حملة تعويض ثاني أكسيد الكربون، وأطلق سيلتا فيجو وريال سوسيداد مبادرات إعادة التدوير في مرافق النادي الخاصة بهما. 
ويعمل أتلتيكو مدريد على تعزيز السلوك الصديق للبيئة منذ عدة سنوات، وهو الذي حول أقواله إلى أفعال من خلال مجموعة متنوعة من المبادرات، وأحدث مثال على ذلك، اتفاقية مدتها ثلاث سنوات مع شركة كابيتال إنيرجي، لتزويد منشآت أتلتيكو مدريد بـ 9.5 جيجاوات بالساعة من الطاقة المتجددة سنوياً، ما يقلص ما يقدر بنحو 3800 طن من انبعاثات الكربون. 
أصبحت كابيتال إنيرجي، وهي شركة إسبانية تعمل في مجال الطاقة المتجددة من عام 2002، الراعي الرسمي للطاقة المتجددة في أتلتيكو مدريد قبل موسم 2021 - 2022، والآن وافق النادي على توفير الطاقة الخضراء لمنشآت مثل ملعب سيفيتاس ميتروبوليتانو، ومتاجر النادي، والمجمعات الرياضية في ماجداهوندا وألكالا دي إيناريس. 
وقطع أتلتيكو مدريد بالفعل خطوات كبيرة في مهمته لتصبح مؤسسة مشهورة بدعمها للبيئة، من خلال خطوات تشمل حساب وتقليل البصمة الكربونية للنادي، والإدارة المسؤولية للمياه، ومشاريع كفاءة الطاقة، وبرنامج الاقتصاد الدائري، مصابيح لامتصاص غازات الاحتباس الحرار وبرنامج أحداث مستدامة. 
وقال بابلو لاجو، مدير المسؤولية الاجتماعية للشركة بالنادي: «إن تحقيق أهداف خطتنا، من خلال مبادرات الاستدامة المحددة التي تم تنفيذها في السنوات القليلة الماضية، وضعت النادي كمرجع في (الليجا) للسلوك المسؤول والاستدامة، لا يقتصر التزامنا بالاستدامة على المستوى البيئي، حيث يشمل أيضاً مجالاتنا الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن لعب دور في الحوكمة، تركز هذه الاستراتيجية على أهداف التنمية المستدامة المنصوص عليها في خطة عام 2030، وهي الأهداف التي تأخذ بعين الاعتبار الحوكمة والتأثير الاجتماعي، سواء بالنسبة للأشخاص الذين يشكلون جزءاً من النادي وكذلك للمجتمع الذي يمثل النادي جزءاً منه».

وقطع ريال بيتيس خطوة أخرى نحو الاستدامة البيئية من خلال إطلاق مشروع رائد لإنشاء وتركيب المقاعد الأولى من نوعها في استاد بينيتو فيامارين، مصنوعة بنسبة 100% من شباك الصيد المسترجعة من البحار والموانئ الإسبانية.
هذا التحدي خطوة أخرى نحو الاستدامة البيئية، وترتكز خطة النادي مع هذا المشروع أن يستخدم قسم كبير من الملعب هذا النوع من المقاعد قريباً، وأن يكون «مصدر إلهام» لأندية كرة القدم الأخرى أيضاً لصنع مقاعد معاد تدويرها بنسبة 100% عن طريق انتشال النفايات من البحر.
وصرح رافائيل مويلا، مدير مؤسسة ريال بيتيس: «كان الاهتمام ببحارنا ومحيطاتنا مشكلة معلقة لدينا منذ بداية برنامجنا البيئي، حيث يتم إلقاء حوالي 12 مليون طن من البلاستيك في البحار والمحيطات كل عام، ومعظم هذه النفايات عبارة عن شباك ومعدات الصيد، ومع وضع هذا في الاعتبار، اقترحت شركة «جرافيتي ويفز»، أحد شركاء مؤسسة أخضر للأبد، التابعة لنادي ريال بيتيس، هذه المبادرة الجديدة، بهدف الاستفادة من كرة القدم كمنصة رائدة وقادرة على إيصال الرسالة بصوت أكبر، لجعل العالم بأسره يدرك أهمية الاهتمام بالبيئة.
هذا المشروع للمقاعد الأولى في العالم المصنوعة بنسبة 100% من شباك الصيد، هو اختبار تجريبي، ولكن الهدف هو توسيع هذا التطور الرائد، وتجهيز قسم أكبر من ملعب بينيتو فيامارين بهذه المقاعد، حيث سيكشف النادي قريباً عن شباك المرمى التي سيتم تصنيعها أيضاً من شباك الصيد التي يتم إنقاذها من قاع البحر.
علاوة على ذلك، أضاف النادي أنه في الأسابيع القادمة، سيكون لديه أيضاً أنظمة لتنظيف المياه بالأوزون لتطهير وتنظيف منشآته، وكذلك لغسيل الملابس والعناية بها، والقضاء على استخدام المنتجات الكيماوية، وفي الوقت نفسه، تم تركيب نوافير المياه بالتناضح للاستهلاك في المدينة الرياضية لويس ديل سول، وفي مكاتب استاد بينيتو فيامارين.
ويمتلك النادي أسطولاً من دراجات السكوتر الكهربائية لموظفيه، ويشجع على استخدام وسائل النقل المستدام بين المشجعين من خلال تقديم رموز الخصم. 

أنظمة غذائية نباتية 
يقوم عدد لافت من لاعبي كرة القدم في إسبانيا، بتقليل استهلاكهم للحوم والتحول إلى نظام غذائي نباتي بشكل أكبر أو نباتي بالكامل، وهناك العديد من لاعبي كرة القدم الذين لا يتحولون فقط إلى الأنظمة الغذائية النباتية، ولكنهم أصبحوا مستثمرين في هذا المجال المتنامي، وعلى سبيل المثال، افتتح نجم أتلتيكو مدريد الحالي ماركوس يورينتي مطعماً صحياً في مدريد، حيث أطلقه بالشراكة مع زميله السابق في فريق ديبورتيفو ألافيس إيباي جوميز، كما افتتح حارس المرمى المعتزل ميجيل أنخيل مويا، الذي لعب لريال سوسيداد وخيتافي وأتلتيكو مدريد خلال مسيرته، مطعماً في العاصمة يركز على الخيارات الصحية والنباتية.  
واستثمر بورخا إجليسياس لاعب ريال بيتيس، وسيرجي روبرتو لاعب برشلونة، وساؤول نيجيز لاعب أتلتيكو مدريد المعار حالياً إلى تشيلسي، في شركة «Heura Foods»، التي تبيع بدائل اللحوم والأطباق الأخرى التي تحتوي على نسبة 100% من النباتات – زراعية ومستدامة، باستخدام مجموعة متنوعة من مكونات البحر الأبيض المتوسط الطبيعية. 
هناك دائماً حاجة للرياضيين لاتباع انتقال مدروس بشكل جيد نحو نظام غذائي نباتي بنسبة 100%، للمساعدة، هناك العديد من مكملات البروتين التي يمكن للرياضيين اللجوء إليها.

في كل الأندية الإسبانية المحترفة، يتم توظيف محترفين من أعلى المستويات في جميع الأقسام وهذا يشمل المطبخ، مما يضمن رعاية كل لاعب بشكل صحيح، وفقاً لاحتياجات كل منهم، ودائماً ما تحتل أندية «الليجا» موقع الصدارة عندما يتعلق الأمر بمثل هذه القضايا، وهناك تفهم أنه يجب مشاركة أفضل الممارسات للأكل الصحي والحياة الصحية مع عامة الناس حيثما أمكن ذلك. 
أطلقت العديد من أندية «لاليجا» الأخرى مبادرات للمساعدة في إلهام الأكل الصحي والمستدام، مع قيام ريال مدريد بذلك من خلال التعاون مع «Meatless Farm» وهي مؤسسة أخرى متخصصة في المنتجات النباتية التي حددت هدفاً «الاستهلاك من دون لحوم»، ويتعاون الطرفان لجعل «Meatless Farm» شريكاً عالمياً رسمياً للنادي، والعمل معاً لزيادة الوعي بفوائد تقليل استهلاك اللحوم. 
شرح إميليو بوتراجينيو، مدير العلاقات المؤسسية في ريال مدريد، أسباب العمل مع مثل هذا المشروع، وقال وقت توقيع الاتفاقية: «إن (Meatless Farm) تحتضن كلاً من الاستدامة والتغذية، وهما مكونان أساسيان لريال مدريد واستراتيجية أعمالنا، نحن كفريق عالمي لدينا دور مهم نلعبه في المشاركة مع المجتمع لإجراء تغييرات حقيقية من شأنها أن تساعد في خلق عالم أكثر استدامة وتحسين الصحة الشخصية والأداء».
من الواضح أن اتجاه تحول لاعبي كرة القدم إلى الخيارات النباتية والتغذية المعتمدة على النباتات، سيواصل النمو فقط، حيث تدعم أندية «لاليجا» لاعبيها في هذه العملية، وتفكر في مبادرات مختلفة لإحداث تغيير مجتمعي إيجابي في نفس الوقت.

شباك الصيد المهجورة
كما أطلق ريال سوسيداد مشروعاً بعنوان «سارياك»، وهي كلمة باسكية تعني «الشباك»، ويقوم المشروع على استخراج شباك الصيد المهجورة، في أعماق البحار، وإعادة تدويرها، لصناعة شباك للمرمى، في ملاعب الأطفال على شاطئ «لا كونشا»، في منطقة سان سيباستيان، حيث يقع النادي.
وقام ريال سوسيداد بإطلاق المشروع عبر مؤسسته للتفاعل مع المجتمع، حيث يقع في منطقة سان سيباستيان الساحلية، والمشهورة بشاطئ «لا كونشا»، حيث توجد مشكلة شباك الصيد المهجورة، في قاع البحار هناك، علماً أن هناك 640 طناً من شباك الصيد حول العالم، تقبع في قاع البحار والمحيطات.
يقوم مشروع «سارياك» على مراحل إنقاذ الشباك من قاع البحر، ثم مرحلة التحويل بعد جمعها، من خلال الاستعانة بأصحاب مهنة حبك الشباك التقليدية، والتي تشتهر بها المنطقة من 10 قرون، وأخيراً يتم صبغ الشباك بالأبيض، وتجهيزها لمرحلة التسليم، ووضعها على إطار المرمى في الملاعب الـ 13 الموجودة على شاطئ «لا كونشا».
وتعتبر الاستدامة عنصراً أساسياً لريال سوسيداد، وسبق أن أطلق مبادرات أخرى، منها مبادرة «من ريالي أرينا إلى حدائق جيبوزكوا» في موسم 2019-2020، بجمع 1900 كلجم من قشرة البذر «اللب» المستهلكة من الجماهير في مدرجات ملعب ريالي أرينا، وتحويلها إلى سماد عالي الجودة لحدائق الخضراوات في المنطقة.

دراما النجاة ببضائع معاد تدويرها 
كان سيلتا فيجو يمر بوقت عصيب على أرضية الميدان في عام 2019، بعدما اضطر للقتال لتجنب الهبوط من دوري الدرجة الأولى الإسبان، وقبل مباراة حاسمة على أرضه ضد فياريال، اتحد الآلاف من المشجعين لدعم الفريق من خلال حملة ضخمة على مستوى المدينة تحت شعار «إيه نوسا ريكونكويستا»، وهي المعركة التاريخية التي شهدت طرد جيش نابليون الفرنسي من مدينة فيجو. 
من أجل إلهام اللاعبين، تم تعليق لافتات قماشية على مساحة أكثر من 1000 متر مربع عبر فيجو وفي ملعب أبانكا باليدوس تحمل رسالة «إيه نوسا ريكونكويستا»، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا الأمر مرتبطاً بانتصار شهير للنادي، بعدما قلب تأخره 2-صفر إلى فوز بالمباراة بنتيجة 3-2 وكسب معركة البقاء على قيد الحياة في دوري الدرجة الأولى. 
بعد ذلك قام النادي بإعادة تدوير القماش لصناعة أكياس معاد تدويرها معروضة للبيع الآن لمشجعيه، وتجمع المبادرة بين فكرة تسويقية إيجابية والتزام أوسع لتعزيز الاستدامة في النادي، ويهدف سيلتا إلى إثبات أنه من الممكن توفير مواد لإحيائها مجدداً، ولا سيما اللافتات الترويجية التي يتم إنشاؤها غالباً للاستخدام لمرة واحدة. 
شجعت الاستجابة الإيجابية من الجماهير النادي على مواصلة تطوير مشاريعه البيئية، والتي تضمنت في الأشهر الأخيرة بناء مدينة أفوتيزا الرياضية، التي تم تصميمها على أسس الاستدامة والتعايش مع الطبيعية كأولويات أساسية. 
تم تنفيذ العديد من البرامج من قبل النادي من خلال مؤسسته مثل جمع النفايات في ملعب أبانكا بالايدوس ومرافق النادي الأخرى، ونفذ النادي العديد من الحملات التسويقية للترويج لإعادة التدوير، كما نظم دورات تدريبية للموظفين والشركاء مع منظمة بيئية، وتم إعداد أدلة إعلامية جديدة حول تغير المناخ لزيادة الوعي بين الموظفين.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©