معتصم عبد الله (رأس الخيمة)
«جئت الإمارات مدفوعاً بحبي لكرة القدم، بكل صدق، رغبتي أن أقدم أكثر للعبة مع فريقي الجديد، أريد أن أواصل لعب كرة القدم لاعباً، وأتمنى أن أبقى في «المستطيل الأخضر» عاماً أو عامين أو ثلاث سنوات، لا أعرف، بعدها أدرس الخيارات المناسبة، وسأكون مدرباً في المستقبل، أو مديراً رياضياً، فمن الصعب أن أبتعد عن كرة القدم». بهذه الكلمات فتح «الرسام» النجم الإسباني «المخضرم» إندريس إنييستا لاعب فريق الإمارات قلبه، مؤكداً سعادته بالوجود في الإمارات، وفي رأس الخيمة رفقة «الصقور». وقال: «لمست الحب والرغبة في أن أكون موجوداً هنا، من أجل أن أساعد في التطور»، لافتاً إلى أن الانطباعات الإيجابية لعدد من نجوم الكرة الإسبانية أمثال ألكاسير زميله الحالي في فريق الإمارات، وسانتي كازولا نجم السد القطري السابق، منحته رؤية إيجابية عن كرة القدم في المنطقة العربية والخليجية. «الرسام» وقف على كل المحطات «تقريباً» في مشواره الكروي، خلال حواره، بداية بمولده في فوينتي ألبيا، مروراً بمرحلته الأهم مع برشلونة 2002- 2018، وفيسيل كوبي الياباني 2018- 2023، والمنتخب الإسباني، وصولاً إلى محطته الحالية مع «صقور» الإمارات. ولأهمية البدايات في مشوار النجومية، تطرق إنييستا الى خطواته الأولى في كرة القدم، بدعم من والده خوسيه أنطونيو إنييستا عامل البناء، واللاعب السابق لأحد فرق دوري الدرجة الثالثة، ومن ثم الانضمام إلى أكاديمية «لاماسيا»، وصولاً إلى تشكيلة الفريق الأول لـ«البلوجرانا» تحت قيادة الهولندي لويس فان خال، حيث قال عن المدرب المخضرم: «عمل كبير قدمه وبشكل ممتاز مع اللاعبين الصغار الشباب، كانت لديه ثقة في إمكانيات الشباب، بيول وتشافي كلنا تدربنا وتتلمذنا على يديه، عندما وصلت إلى الفريق الأول في عمر 17 عاماً كان وقتاً رائعاً». وأضاف: «هو صاحب شخصية قوية جداً لديه طريقة عمل واضحة، انضباط مفرط، لكنه أوصلنا إلى النتائج، وهذا هو المهم، أنا دائماً ممتن لكل المدربين الذين قاموا بتدريبي، بما في ذلك هؤلاء الذين أشرفوا على تدريبي في شبابي، وتعلمت من الجميع، الكل ساعدوني لأصبح لاعباً أفضل في كرة القدم، وأطور نفسي». مع وصوله إلى سن النضج، حقق «الرسام» كل شيء تقريباً مع برشلونة، تحت قيادة «الفيلسوف» بيب جوارديولا الذي قاد «فريق الأحلام» إلى لاحتفال عام 2009 بثلاثية الدوري ودوري أبطال أوروبا وكأس إسبانيا، وعلق «الرسام» على تلك الفترة، قائلاً: «تلك اللبنة والانطلاقة منحتنا الفرصة لنواصل السيطرة على امتداد السنوات التالية على مستوى كرة». وأضاف: «كل ما حدث في أرضية الميدان في تلك الحقبة تحقق بفضل مجهود مشترك للجميع، كنا دائماً نفضل اللعب مع بعضنا البعض وأن نقدم الأفضل، في تلك الحقبة، وخلال أربع سنوات حققنا كل الألقاب، ثلاث أو أربع بطولات قارية أمر غير طبيعي، كنا الأقرب إلى بعضنا البعض، وندعم بعضنا البعض، ونشعر بالجماهير، وتشعر بفرحة اللاعبين فوق أرضية الميدان». ولكونه «شاهد عيان» على حقبة المنافسة المحتدمة بين ميسي ورونالدو، علق إنييستا على السباق المثير بين النجمين قائلاً «الثنائي ميسى ورونالدو لديهما قوة واسعة على الصعيد الشخصي، وعلى مستوى النادي بإمكانهما تحطيم كل الأرقام ومساعدة فرقهما في كل لحظة، وتقديم الإضافة وحسم المباريات في أي لحظة، مثل «الثنائي» مؤشراً رائعاً للكرة الإسبانية، وسعيد أنني كنت ضمن تلك الحقبة في سباق تنافس الثنائي».
تواضع الكبار
ما بين الشعور ببعض الندم من مسؤولي مجلة فرانس فوتبول، والإيمان القاطع لدى معظم الجماهير بأحقية «الرسام» في الفوز بـ«جائزة الكرة الذهبية» والتي تعد اللقب الوحيد الغائب عن خزائن إنييستا، لم يتردد النجم الإسباني في التأكيد مجدداً على أن «الاختيارات الصحيحة» هي من تتحكم، وقال «لا أتفق مع وصف عدم فوزي بالجائزة مقابل تتويج لاعب آخر بالشيء المؤسف».
وأضاف: «لم أشعر بأنني غاضب أو ينقصني أي شيء، كنت سعيداً بالوجود ضمن نخبة المتنافسين على الكرة الذهبية». وقال: «عندما أشارك «ليو» أو تشافي المنافسة، ثم سيذهب اللقب إلى أحدهما، فالمؤكد أن من فاز هو الاختيار الصحيح، وبالعكس كنا سعداء بفوز زميل وصديق بالجائزة».
ذكرى خالدة
في أفضل لحظة في مسيرته الكروية، وبعد ثوانٍ قليلة على تسجيله الهدف الأغلى في تاريخ «لاروخا»، والذي كفل لمنتخب بلاده إسبانيا الفوز بكأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، لم يفكر إنييستا كثيراً عندما مزق قميصه، ليكشف عن قميص داخلي حمل عبارة «داني خاركي، دائماً معنا»، في إهداء خاص لإحياء ذكرى صديقه ولاعب إسبانيول السابق، الذي توفي في العام السابق لـ«المونديال» «أغسطس 2009» عن عمر يناهز 26 عاماً.
وتطرق «الرسام» إلى تلك اللحظات، وقال: «بالنسبة لنا وللعائلة والأصدقاء الذين يعرفونه، كنا نعتقد أنه سيكون معنا في المونديال، وكنت أتمنى أن ألعب في النهائي، وأن أسجل، وأن أهدي لذكراه الهدف، فهو كان صديقي منذ المراحل السنية للمنتخبات، وعلاقتي به كانت قوية».
لحظات الوداع
على مدار 16 عاماً في برشلونة، نجح إنييستا في ترك بصمته في الفترة الأنجح في تاريخ النادي الإسباني، بعدما أسهم في تتويج «البلوجرانا» بـ32 لقباً، من بينها 9 على صعيد «الليجا» و4 ألقاب في البطولة الأهم دوري أبطال أوروبا، قبل أن يودع فريقه بالدموع في 2018، وعلق «الرسام» على تلك اللحظات قائلاً: «لم تكن لدي نية للتغيير، وكانت نيتي أن أواصل مع النادي الذي أرتاح فيه، والذي لعبت له منذ عمر الـ18 وحتى الـ34، كنا الأقوى وكنا نقدم الأفضل كنا نفوز على الجميع».
وأضاف: «برشلونة في قلبي، أحبه وأعشقه، وهو النادي منحني كل شيء أنا وعائلتي، هو النادي الخاص بالنسبة لي، كل الألقاب محفورة وخالدة في ذاكرتي، كان حلماً جميلاً».