عدد اليوم
رضا سليم (دبي)
تتصدر الرياضة في كوريا الجنوبية المشهد، ليس فقط كونها مركز قوة اقتصادية، تسهم في الدخل القومي، وتستضيف أكبر الدورات الأولمبية الصيفية والشتوية وبطولات العالم في مختلف الألعاب، في مقدمتها كرة القدم، بل أيضاً تعتبر أرض الأبطال كونها تتصدر «القارة الصفراء» في العديد من البطولات والتصنيف العالمي، بعدما حققت نتائج متميزة، ودائماً تأتي ضمن المراكز العشرة الأولى، في جميع المسابقات الدولية بما في ذلك المركز الثامن في «أولمبياد ريو 2016»، والخامس في أولمبياد «لندن 2012»، كما حقق أبطال كوريا 20 ميدالية ملونة في أولمبياد «طوكيو 2020».
ويتطلع الكوريون إلى استضافة «أولمبياد 2032»، وهو الطلب الذي تقدمت به الحكومة إلى اللجنة الأولمبية الدولية، بعدما نجحت بامتياز في استضافة أحداثاً عالمية كبيرة، وأصبحت واحدة من الدول التي استضافت أكبر أربع مسابقات رياضية في العالم، وهي: أولمبياد سيؤول 1988، وكأس العالم لكرة القدم 2022 بالمشاركة مع اليابان، وبطولة العالم لألعاب القوى 2011، وأولمبياد بيونج تشانج الشتوية 2018، وهي أكبر دورة ألعاب أولمبية شتوية على الإطلاق، وشارك فيها 2920 لاعباً من 92 دولة، كما حققت مبيعات التذاكر أيضاً نجاحاً، حيث تم بيع نحو مليون و80 ألف تذكرة. وتستعد كوريا لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية للشباب في مقاطعة جانجون عام 2024، وتستند هذه الألعاب الشتوية للشباب الأولى في آسيا، إلى إرث الألعاب الأولمبية، وإشراك الشباب، من خلال الأنشطة المختلفة قبل وأثناء وبعد الألعاب، تتمثل رؤية «جانجون 2024»، في تمكين الشباب من التعايش السلمي والوحد،ة من خلال الرياضة لصنع مستقبل أفضل معاً، والهدف هو تعزيز التغيير الإيجابي والوحدة الاجتماعية في المنطقة، مع التأثير على المجتمع في مجالات الرياضة والثقافة والتعليم، تستفيد «جانجون 2024» من العديد من المرافق المستخدمة في بيونج تشانج 2018.
وترتبط الإمارات وكوريا الجنوبية بعلاقات متميزة على المستوى الرياضي، ليس فقط من خلال تعاقد أنديتنا مع لاعبين كوريين للعب في «دورينا»، بل أيضاً تمتد العلاقات إلى مستوى الشراكة والتوأمة، وبناء علاقات استراتيجية رياضية، سواء على مستوى الاتفاقيات مع الاتحادات والأندية والمجالس الرياضية، أو على مستوى المعسكرات وتبادل الخبرات، في ظل الطفرة الكبيرة للكوريين في الألعاب النزالية.
ولعل أهم العوامل التي جعلت من كوريا الجنوبية قوة رياضية عالمية، وجود عدد كبير من عشاق الرياضة بها، والاستثمار المبني على أساس علمي، كما تقوم باكتشاف الشباب الموهوبين في الألعاب الرياضية، وتوفر لهم التدريب الرياضي على أسس علمية، وتطور مهاراتهم من خلال العديد من الخبرات في البطولات، بالإضافة إلى ذلك، فهي تملك منشآت رياضية متخصصة لتدريب الرياضيين المشاركين في الأولمبياد أو البطولات العالمية، حيث يتم تدريبهم على أسس علمية.
ويعد المنتخب الكوري لكرة القدم، أو ما يطلق عليه لقب «محاربي التايجوك» أحدى الفنون القتالية القديمة، وأصل رياضة «التايكواندو»، أحد منتخبات قارة آسيا وأعرقها، حيث شارك في تصفيات كأس العالم، وحقق التأهل منذ نسخة 1954، وبعد غياب عن التأهل عاد ليحقق ظهوراً متتالية منذ نسخة المكسيك 1986، حيث حجز مكانا دائماً في «المونديال»، إذ تأهل 10 مرات متتالية، واستضاف النهائيات «نسخة 2002»، والتي حقق فيها المركز الرابع. وعلى الصعيد القاري، يعتبر المنتخب الكوري الجنوبي أكثر الفرق مشاركة في كأس آسيا، حيث شارك في 14 نسخة من أصل 17، وتُوج بلقب أول نسختين، الأولى في هونج كونج عام 1956، في حين استضافت الثانية على ملاعبها عام 1960، وجاء وصيفاً 4 مرات سابقة، في بطولات تايلاند 1972، والكويت 1980، وقطر 1988، وأستراليا 2015. ويحرص الكوري الجنوبي على المشاركة في جميع نسخ بطولة شرق آسيا التي بدأت عام 2003، والخاصة بمنتخبات شرق القارة الآسيوية، ومن أصل 7 بطولات نصيبه 4 منها، وهي أعوام 2003 و2008 و2015 و2017، كما شارك في الكأس الذهبية الخاصة بمنتخبات أميركا الشمالية ومنطقة الكاريبي مرتين. وتأسس الاتحاد الكوري لكرة القدم عام 1948، وانضم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» في العام نفسه، تم إطلاق الدوري الكوري الجنوبي عام 1983، وتوّج ما لا يقل عن ستة فرق أبطالاً للقارة في السنوات التي أعقبت ذلك، وبعضها في أكثر من مناسبة.
ويتصدر بوهانج ستيلرز الكوري الجنوبي قائمة الفائزين ببطولة الأندية الآسيوية ودوري أبطال آسيا برصيد 3 ألقاب، كما فاز تشونبوك هونداي موتورز وسوون سامسونج باللقب مرتين، في حين حصده بوسان بارك وأولسان هيونداي مرة واحدة.
بحوث تطوير الرياضة
تملك كوريا نظاماً محترفاً للبحوث المتخصصة في مجال الرياضة، حيث يوجد متخصصون في مختلف المجالات بدءاً من الديناميكيات الرياضية، وصولاً إلى علم النفس وعلم وظائف الأعضاء، الذين يكونون بجانب اللاعبين كي يساعدوهم على تحقيق أفضل النتائج الممكنة قبل المباريات مباشرةً. يقود التدريب العلمي للرياضيين المعهد الكوري لعلوم الرياضة التابع لمؤسسة كوريا لترويج الرياضة، وقام المعهد منذ تأسيسه بالعديد من التدريبات التي تدمج العلوم والتكنولوجيا في المباريات، كما أنشأ المعهد مركزاً لعلوم الرياضة يتألف من نحو 30 خبيراً حاصلين على درجة الماجستير والدكتوراه، وبفضل دعم المعهد، استطاعت كوريا أن تشارك للمرة الأولى في أولمبياد ريو وتستهدف الفوز بميداليات بها.
في عام 2011، تم الانتهاء من مركز «جينتشيون الوطني للتدريب» المُجهز بالمرافق الحديثة، والذي يوفر كل شيء من أجل استقرار الرياضيين في الإقامة والتدريب، تم الانتهاء من المرحلة الثانية من المشروع في سبتمبر 2017، بهدف استبدال مركز «تايرونج الوطني للتدريب» بالكامل، وتم توسيعه لاستيعاب ما يصل إلى 1150 رياضياً في 35 رياضة مختلفة، وهو ما يعادل 5 أضعاف «مركز تايرونج الوطني للتدريب» السابق، بالإضافة إلى ذلك، يوجد مركز متخصص لتعزيز وظائف القلب والرئة للرياضيين يُسمى مركز «تايبيك الوطني للتدريب»، وهو يقع في جبل «هام بايك سان»، في المنطقة الجبلية المرتفعة «تايبيك-سي».
أسلوب حياة
يهتم الشباب الكوري الجنوبي بممارسة الرياضات المختلفة لأنها جزء من الحياة الكورية القديمة للحفاظ على الجسم والصحة العامة، وتعتبر كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية وجماهيرية بين أوساط الشباب، حيث تنتشر ممارستها على مستوى الجامعات والأندية الخاصة والساحات الشعبية.
وتأتي لعبة البيسبول أيضاً في مرتبة متقدمة، من حيث الشعبية والممارسة بين الشباب الكوري، منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، بجانب ممارسة الألعاب القتالية والدفاع عن النفس وعلى رأسها التايكوندو والهاب كيرو والرياضات الأولمبية، مثل السباحة والرماية وتنس الطاولة والمصارعة الرومانية.
نجوم
وصلت كرة القدم الكورية إلى الدوريات الأوروبية، من خلال احتراف عدد من اللاعبين المتميزين الذين يعتبرون سفراء لبلدهم في هذه الدوريات، يتقدمهم المهاجم سون هيونج مين نجم الفريق اللندني توتنهام، والفائز بجائزة أفضل لاعب آسيوي محترف خارج القارة، حيث يقدم سون مستويات كبيرة مع الفريق الإنجليزي، وتمكن من كسب احترام الجميع في «القارة العجوز»، كما أن هناك لي كانج الحاصل على لقب أفضل لاعب في بطولة كأس العالم للشباب 2019 التي أقيمت في ضيافة بولندا، وغيرهم من اللاعبين الكوريين في أوروبا، بالإضافة إلى هوانج هي تشان نجم ولفرهامبتون الإنجليزي، وإن بيوم هوانج لاعب روبين كازان الروسي.
وتضم القائمة أيضاً كيم مين جاي لاعب فنربخشة التركي، وكيم سيونج جيو حارس كاشيوا ريسول الياباني، بالإضافة إلى وون كيونج وون مدافع تيانجين الصيني، وجونج وو يونج لاعب السد القطري.
تسلق الجبال
تتميز كوريا بكثرة الجبال في مختلف أنحائها، بحيث يمكن وصفها بأنها جنة متسلقي الجبال، ويقع عدد من تلك الجبال بالقرب من المدن الكبيرة، ولهذا يمكن لأي شخص تسلق الجبال بسهولة في عطلة نهاية الأسبوع، وتُعد كوريا بصفة خاصة المكان الأمثل لرياضة تسلق الجدران الصخرية، نظراً لجبالها التي تضم الكثير من تلك الجدران.
سفراء «دورينا»
بصم عدد من اللاعبين الكوريين في «دورينا»، من بينهم لي هو الذي سبق له الاحتراف بنادي العين عام 2010، ومواطنه لي ما يونج جوو لاعب الوسط الذي لعب أيضاً للعين عام 2014، ثم انتقل إلى الوحدة عام 2019، والكوري الجنوبي سونج مين هيون الذي لعب للشارقة، وهيو جي لاعب دبا الفجيرة عام 2016، وبارك جونج وو لاعب الجزيرة، وغيرهم من اللاعبين الكوريين الذين يبحثون عن فرص احتراف تقودهم إلى الدوريات الأوروبية.
التايكواندو يتصدر الألعاب
تتصدر التايكواندو الألعاب الشهيرة في كوريا الجنوبية، بوصفها بلد المنشأ منذ اكثر من 2000 عام مع كرة القدم وكرة القاعدة وكرة السلة، بالإضافة إلى البيسبول التي تحظى بشعبية على المستوى الوطني، حتى أنه في عام 2017 وصل عدد المتفرجين الذين يزورون ملاعب البيسبول للمحترفين إلى أكثر من 8.4 مليون شخص سنوياً، كما ساعد انضمام المزيد من اللاعبين الكوريين في دوريات البيسبول الكبرى في أميركا على تعزيز اهتمام الناس بهذه الرياضة.
أندية صباحية
تُعد كرة القدم رياضة حياتية، وتحتل جزءاً مهماً في الحياة اليومية للكوريين، وهناك «أندية كرة القدم الصباحية»، والتي يجتمع فيها الكوريون في الصباح الباكر من أيام العطلات بالملاعب القريبة من بيوتهم، حيث يوجد 600 ألف عضو مشترك في تلك الأندية الصباحية في جميع أنحاء كوريا الجنوبية، ويتم تجميعهم في أندية إقليمية.
بجانب التربية البدنية التي تمثل جزءاً كبيراً من الممارسة، حيث يوم 115303 أندية يضم أكثر من 6 ملايين عضو، وهو ما يمثل أكثر من 10% من إجمالي السكان.
