رضا سليم وعلي معالي ومراد المصري ومعتصم عبدالله (دبي)
تحظى العلاقات الإماراتية العراقية بالكثير من الخصوصية والارتباط الوثيق الممتد لعقود طويلة، بين الشعبين في مناحي الحياة كافة، والتي يتم ترجمتها عبر الروابط التاريخية المحفورة في ذاكرة الأجيال، وتمثل إرث تاريخياً، وهي العلاقات التي لها الكثير من الأبعاد على المستويات كافة، خاصة الجوانب الرياضية التي تمثل «المعين الواحد» بين البلدين عبر العديد من أوجه التعاون.
ويتصدر مشهد العلاقات بين البلدين، تكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» لمنتخب العراق، بعد الفوز بكأس آسيا عام 2007، حيث عاشت الجالية العراقية في الإمارات ليلة لا تنسى مع أبطال «القارة الصفراء»، ومنح سموه 20 مليون درهم للأبطال.
ويظهر المدرب العراقي بقوة في الملاعب الإماراتية، بعدما حقق نجاحات متميزة على الصعد كافة، وقاد الفرق إلى المجد في العديد من البطولات، ويتقدمهم «المخضرم» عبدالوهاب عبدالقادر، والدكتور جمال عبدالله، والدكتور سعد جميل، وفلاح حسن، وناظم شاكر، وعمر توفيق، وجمال علي، وغيرهم، وبعضهم لا يزال يعمل في أنديتنا.
وعلى مستوى اللاعبين، تواجد عدد كبير من العراقيين في «دورينا»، منهم النجوم الدوليون نشأت أكرم، وهوار ملا، وكرار جاسم، ومصطفى كريم، ورزاق فرحان، وأحمد إبراهيم، ومحمد مصطفى، وهو اللاعب العراقي الوحيد حالياً بالدوري مع دبا الفجيرة.
وتركت جائزة الشيخ محمد بن راشد للإبداع الرياضي بصمة كبيرة في الرياضة العراقية، من خلال فوز عدد من الرياضيين بها خلال السنوات الماضية، منهم العراقي جراح نصار لحصوله على الميدالية الفضية في دورة الألعاب البارالمبية «طوكيو 2020»، وحصل على جائزة رياضي، كما فاز منتخب العراق للناشئين لكرة القدم بجائزة الفريق العربي، وذلك لحصوله على الميدالية الذهبية في بطولة آسيا عام 2016.
عبدالوهاب: 40 عاماً في ملاعب الإمارات
قال المدرب العراقي عبدالوهاب عبدالقادر: هذا الوطن احتضننا من البداية، ونعيش في بلد آمن، ويُقدر من يعيش على أرضه، وقضيت حتى الآن 40 عاماً، في مسيرة حافلة بالعطاء والود والمحبة بين الجميع، ولست المدرب العراقي أو العربي الوحيد، بل هناك جنسيات كثيرة منها المصريون قدموا الكثير في هذه المسيرة الحافلة، ومنهم د.طه إسماعيل وشحته، وأنا من ضمن هؤلاء المدربين، ومنذ قدومي عام 1983، لم أخرج من الإمارات، رغم الإغراءات من بعض البلدان المجاورة، حيث شعرت أنني أعيش في بلدي في المقام الأول.
وأضاف: العلاقة متينة وقوية في كل الأماكن التي دربت فيها، سواء في أبوظبي وعجمان والفجيرة ودبي، ومن خلال التعاون بين المسؤولين، كما كان للإعلام الإماراتي دور كبير في مسيرتي بمنحي مساحات كبيرة من وجهات النظر والتصريحات. وقال: كأس الخليج إرث كبير، ونقلت دولنا إلى أماكن متميزة، ولها دور كبير على المستوى والتطوير، وكانت بمثابة مراحل مهمة في طريق التأهل إلى كأس العالم، وفي كل دورة خليجية نشاهد دوراً جديداً للمدربين واللاعبين والجماهير، ولها تأثيرها الكبير على شعوب المنطقة، ووقوف ودعم الإمارات لتقام النسخة الحالية في البصرة دليل على الروح الواحدة التي تجمع الشعبين معاً في مكان واحد. وأضاف: بالفعل كان للمدرب العراقي دوره في تطوير الكرة الخليجية، وهذا بفضل رغبة دول الخليج جميعها للاستفادة من قدرات المدرب العراقي، ونحن بذلنا كل الجهد، وأصبح لدول الخليج، وأذكر الإمارات تحديداً فضل علينا، فيما نحن فيه تطور وتطوير في كافة المناحي الحياتية، ليس فقط على مجال الرياضة.
سمير شاكر: أتمنى نهائياً بين العراق والإمارات
أبدى العراقي سمير شاكر مدرب حراس منتخباتنا الوطنية سابقاً، مشاعر الفخر والاعتزاز بالعلاقات التي تجمع بين الإمارات والعراق، وتحديداً بالنسبة له خلال مسيرة طويلة قضاها في الملاعب الإماراتية، وقال: لدي مشاعر طيبة للغاية حيث قضيت فترة طويلة من حياتي، ليس فقط مع المنتخبات الوطنية، ولكن مع أندية العين، الجزيرة، الشارقة والفجيرة وغيرها.
وأضاف: العلاقات طيبة للغاية بين الشعبين الإماراتي والعراقي، وهذا ما ينعكس على الجهود الحكومية المشتركة، والتعاون المستمر على الصعد كافة سواء الرياضية أو غيرها.
ويرى المدرب، أن مشاركة منتخب الإمارات بالصف الأول، شيء إيجابي للغاية للبطولة، وقال: أتمنى أن يجمع النهائي بين الإمارات والعراق، لأن ذلك سيكون له أمر خاص بالنسبة لي، وفي النهاية سيكون الجميع فائزاً في هذا اللقاء الأخوي.
وختم حديثه مؤكداً أن كل من تواجد على أرض الإمارات، خصوصاً من العراقيين، يلمس مدى القرب بين الشعبين، والعلاقة المتأصلة منذ عقود من الزمن تزداد متانة وحباً، وتحديداً مع إقامة كأس الخليج في العراق هذا العام.
سامي عبد الإمام: مواقف «وطن المبادرات» لا تنسى
أكد الإعلامي العراقي سامي عبد الإمام، أن الإمارات سبّاقة دائماً في تقديم المبادرات الإنسانية للأشقاء والعالم، وأن «أبناء زايد» يسيرون دائماً على نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأن أياديهم البيضاء تصل إلى كل مكان ومبادراتهم ودعمهم يصل إلى كل الأشقاء والعالم، كما أن العلاقة مع العراق لها خصوصية، بسبب الترابط الكبير بين الدولتين منذ عقود، ودائماً هناك تواصل في كل المجالات، وحرصت القيادة الرشيدة في الإمارات على التعاون مع اليونيسكو في ترميم آثار العراق التي تعرضت للدمار، خاصة إعادة بناء وترميم مسجد النوري الكبير في الموصل الذي يضم المنارة الحدباء.
وأضاف أن «إمارات الخير» سبّاقة في مد يد الخير للجميع، ولا تبخل على الدول بالدعم والمساندة من منطق روح التسامح والمحبة التي تتمتع بها قيادتها وشعبها، والأهم أن جميع من يعيشون فيها ينعمون بهذه الروح، ويتعاونون فيما بينهم بمحبة.
وأوضح أن شعب العراق يقدّر كثيراً المواقف الإماراتية المشرفة، ويبادل أهل الإمارات مشاعر المحبة والود، والتي تنعكس بشكل كبير وواضح خلال البطولة من خلال الترحيب والحفاوة بمنتخب «الأبيض».
جمال صالح: جذور عميقة بين رياضة البلدين
يرى الدكتور جمال صالح المدرب الأسبق لمنتخب العراق، أن العلاقة بين الرياضة الإماراتية والعراقية لها جذور عميقة، وقال: أنا مشواري في هذا المجال عميق، سواء عندما دربت منتخب «أسود الرافدين» أكثر من مرة، أو عندما عملت في الأندية الإماراتية، سواء في الوصل أو الشارقة، وهناك علاقات متينة بيننا جميعاً، ليس فقط على المستوى الرياضي، بل الاجتماعي أيضاً.
وقال: منذ الثمانينيات والمدرب العراقي يتواجد في الإمارات، منهم عبدالوهاب عبدالقادر، ونصرت ناصر، وزيا إسحاق، وعمو بابا كذلك، وقدموا خبرات كبيرة في الملاعب الإماراتية، أسهمت كثيراً في تطويرها، وفي السبعينيات والثمانينيات كانت الكرة العراقية تزهو بما لديها من كفاءات، حضر منهم الكثير لدول الخليج، وقدموا ما لديهم من عطاءات أفادت في مجالات رياضية كثيرة، وبعد الحرب العراقية الإيرانية تراجع دور الكرة العراقية نسبياً في ظل تلك الأزمات.
وأضاف: يبقى العلاقة المتينة بين الإماراتيين والعراقيين والتواصل بين المربين والإداريين واحتراف بعض العناصر العراقية التي استفادت وأفادت في الوقت نفسه، ودائماً يدرك المواطن العراقي أنه يضع الإمارات في قلبه، نظراً للتعامل المثالي الذي نلقاه جميعاً في كافة النواحي، وليس الرياضية فقط.
وقال: عودة كأس الخليج إلى «بلاد الرفدين» مرة أخرى مؤشر إيجابي للغاية، بأن العلاقة مع دول الخليج عادت إلى أفضل حالاتها، ونعرف جميعاً الدور الإماراتي الكبير الذي تم في هذا الجانب، كما يدرك الشعب العراقي الدور المهم الذي تلعبه الإمارات في أجل وجود العراق وشعبه بين أحضان وفي قلب كل خليجي، لكي نكون معاً في قارب واحد من أجل شعوبنا العربية.
رزاق فرحان: «دار زايد» وجهة أولى للاعبي ومدربي العراق
عبر رزاق فرحان النجم الدولي السابق لمنتخب العراق، واللاعب السابق لأندية الشارقة، وخورفكان، وعجمان ودبي، عن سعادته باحتضان البصرة لمنافسات «خليجي 25»، والمشاركة المرتقبة لمنتخبات الخليج، وعلى رأسها الإمارات.
وقال رزاق فرحان: لا ننسى أبداً أن «دار زايد» كانت أول من احتضن لاعبي ومدربي العراق، على مدار حقب وسنوات ماضية، ومنذ نشأتنا كانت الإمارات مثالاً في عمق العلاقات، وحضوراً دائماً في كل المناسبات العراقية، وتكريمها للرياضيين والمنتخبات العراقية.
وتذكر فرحان خلال حديثه مشواره في الإمارات، والذي استهله مع الشارقة على مرتين، الأولى في الفترة ما بين عامي 1999 وحتى 2002، والثانية ما بين 2003 إلى 2004 حيث توج مع «الملك» بلقب كأس رئيس الدولة، علاوة على تسجيله رقماً قياسياً في عدد الأهداف في مباراة واحدة في الدوري لفريقه الشارقة أمام خورفكان «الخليج آنذاك»، حيث سجل 6 أهداف دفعة واحدة.
وحول أجواء «خليجي 25»، قال فرحان الذي فضل الاتجاه إلى مجال التدريب بعد الاعتزال: نعايش أجواءً استثنائية وفوق الخيال بالتجمع الخليجي في البصرة، ونأمل أن ينعكس الزخم والاهتمام الجماهيري المتعاظم بالبطولة على أداء المنتخبات في الملعب، لافتاً إلى أن الجميع سيخرج فائزاً بنهاية النسخة الحالية للبطولة والتي أعادت ملاعب العراق وجماهيرها العريضة إلى الواجهة بعد غياب سنوات طويلة.
عمر توفيق: عجمان كتب تاريخي في تدريب الحراس
أكد عمر توفيق مدرب حراس عجمان أن بصمة المدرب العراقي وأيضاً اللاعب واضحة ليس فقط في الدوري الإماراتي، بل أيضاً في الخليج بشكل عام.
وقال: أعمل مدرباً للحراس على مدار 19 عاماً في الإمارات، وسبق أن عملت مع المدرب عبدالوهاب عبدالقادر في رأس الخيمة في بداية طريقي، والحقيقة أنني لو عدت للعراق ربما توليت تدريب فرق القمة، سواء الشرطة أو الزوراء أو القوة الجوية، ولكن الأجواء الرائعة في الإمارات دفعتني للبقاء في الدوري الإماراتي.
وأوضح أن عجمان هو «البيت الكبير» الذي كتب تاريخه في التدريب، وحقق معه كأس المحترفين، ويطمح إلى حصد كأس صاحب السمو رئيس الدولة، من أجل أن تكون إضافة كبيرة لتاريخه، مشيداً بإدارة عجمان التي تتعامل مع المدربين واللاعبين بشكل أخوي وحضاري، ولعل نجاح عجمان في الموسم يعود إلى إدارة النادي، والاستمرار مع النادي يعود إلى الإخلاص في العمل، ويكفي أن كل مدرب قدم إلى عجمان كان معه الجهاز المعاون، بما فيهم مدرب الحراس، ولكن استمراري كان دليل نجاح على مدار سنوات، وحالياً عجمان يتميز بالحراس أصحاب الخبرات العالية، ليس فقط على الحوسني، بل أيضاً يوسف محمد ومحمد يوسف وغيرهم.
ونوه إلى أن المدربين العراقيين حالياً يعملون في المراحل السنية ليس فقط في الإمارات، بل في كل دول الخليج وهذه المراحل هي الأصعب في تأسيس اللاعب وتجهيزه للفريق الأول، وعلى سبيل المثال المدرب العراقي جمال علي الذي عمل مع الشارقة وترك بصمة كبيرة في المراحل وتصعيد 7 لاعبين دفعة واحدة.
«تراث العراق» برعاية إماراتية
يحظى التراث العراقي بنصيب وافر من إسهام الإمارات في حفظ كنوز التراث العالمي، وعلى مدار سنوات تعهدت الإمارات، وقدمت في إطار اتفاقية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، أكثر من 50.4 مليون دولار للمساهمة في إعادة بناء التراث الثقافي للموصل.
وتضمن المشروع الرائد ترميم المعالم التاريخية في مدينة الموصل وإعادة بنائها، وشمل مسجد النوري التاريخي ومئذنة الحدباء التي يبلغ ارتفاعها 45 متراً، والتي تم بناؤها قبل 840 عاماً، وإعادة إعمار كنيسة الطاهرة التي يبلغ عمرها نحو 800 عام، والتي تقع بمدينة الموصل القديمة، ويعود تاريخها إلى الألفية الأولى، وكنيسة الساعة، التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1873، وتعد إحدى أشهر كنائس الموصل.