عمرو عبيد (القاهرة)
استعاد منتخب الأرجنتين لقب كأس العالم بعد غياب دام 36 عاماً، وبعد «مونديال مارادونا» عام 1986، عاد «الألبيسيليستي» للاحتفال بالتتويج في «مونديال ميسي»، الذي سار على نهج أسطورته الراحل، وفي «مونديال العرب» بقطر، تحطمت عشرات الأرقام القياسية وتحققت إنجازات جماعية وفردية لم تحدث من قبل في تاريخ كأس العالم، وبات المونديال القطري الأكثر تسجيلاً للأهداف، بعدما اهتزت الشباك خلال مبارياته 172 مرة.
الأسطوري ميسي أصبح أكثر اللاعبين مشاركة في تاريخ المونديال، بإجمالي 26 مباراة خاضها عبر 5 نسخ بدأت في 2006 نهاية بالبطولة الأخيرة، ليتجاوز رقم الألماني لوثر ماتيوس، الذي بقي صامداً منذ عام 1998، ورغم اختلاف المصادر، إلا أن أغلبها يؤكد تساوي «البرغوث» مع الساحر مارادونا والجوهرة بيليه في صناعة 8 أهداف في بطولات كأس العالم، وهو الرقم الأكبر على الإطلاق، لكن ليو ينفرد كونه قدم تمريرة حاسمة واحدة على الأقل في 5 نسخ مونديالية متتالية.
ويملك غريمه البرتغالي، كريستيانو رونالدو، رقماً خاصاً، بعدما تمكن من التسجيل في 5 نسخ متتالية هو الآخر، في حين انتزع الفرنسي مبابي صدارة هدافي المباريات النهائية من الأيقونة بيليه، حيث أحرز 4 أهداف بينها «هاتريك» المواجهة الأخيرة أمام الأرجنتين، ليُعادل رقم الإنجليزي هيرست الذي حصده في نهائي 1966.
على الصعيد الجماعي، تمكن المغرب من بلوغ «مربع الذهب» للمرة الأولى، في تاريخ المنتخبات الأفريقية والعربية، ليكون «الحصان الأسود» في تلك البطولة بكل جدارة واستحقاق، بعدما أطاح في طريقه كلاً من إسبانيا والبرتغال لبلوغ تلك المرحلة المتقدمة. كما حقق الكاميرون أول انتصار لمنتخب أفريقي على حساب البرازيل في تاريخ كأس العالم، كما حصدت تونس أول فوز لها أمام بطل العالم السابق، فرنسا، وكذلك فعلت السعودية أمام الأرجنتين، والطريف أن الـ3 منتخبات غادرت من الدور الأول رغم تلك الإنجازات النادرة، في حين تلقت ألمانيا «صفعة قوية جديدة» بالإقصاء من مرحلة المجموعات للمرة الثانية على التوالي بعد مونديال 2108، وكذلك خرج منتخب بلجيكا ثالث نسخة روسيا السابقة من الدور الأول في مجموعة تصدرها المغرب وجاءت كرواتيا وصيفة، ولم تقتصر المفاجآت عند هذا الحد، بعدما أسقطت اليابان كلاً من ألمانيا وإسبانيا، وتصدرت مجموعتها، بينما خسرت البرتغال المباراة الأخيرة في المجموعة على يد كوريا الجنوبية!
أنهى وهبي الخزري مسيرته الدولية مع منتخب تونس بـ«لقطة خالدة»، بتسجيل هدف رائع من «غزوة شجاعة»، شهدت انطلاقته وتوغله بالكرة مقتحماً متاريس كتيبة الدفاع الفرنسي، ليهدي «نسور قرطاج» انتصاراً تاريخياً غير مسبوق على حساب البطل السابق، ولم يحصل «النسور» على بطاقة التأهل، لكن الخزري كان «رجل المباراة»، وتساوى مع الهدافين «العرب» التاريخيين في المونديال.
استغرق تعديل احتساب هدف البرتغال في مرمى أوروجواي لمصلحة برونو فيرنانديز 10 دقائق فقط، بدلاً من رونالدو الذي احتفل بهدف لم يُسجله، لكن الجدل استمر عدة أيام واحتاج بياناً رسمياً من الشركة المصنعة للكرة للتأكيد، على أن «شعر الدون» لم يلمسها حسب «المستشعر» الموجود داخلها، ولم يسلم كريستيانو من «موجة سخرية» عالمية وقتها.
تدخلت التكنولوجيا مرة أخرى في المونديال، وابتسمت هذه المرة لأصحاب الريادة العالمية فيها، اليابان، وأصدر «فيفا» بياناً جديداً أكد صحة هدف «الكمبيوتر» الثاني في شباك «الماتادور»، بعدما أكدت تقنية الكاميرات الحديثة عدم تجاوز الكرة خط الملعب قبل تمريرها إلى تاناكا، ومنح هذا الهدف «العجيب» الصدارة إلى «الساموراي» وأطاح ألمانيا خارج البطولة من الدور الأول!
قلب السعودي سالم الدوسري «المونديال» رأساً على عقب، على غرار احتفاله بهدف «الريمونتادا» والانتصار التاريخي في افتتاح مباريات «الأخضر» أمام «راقصي التانجو» بدوري المجموعات، هذا الفوز الذي زلزل الأرجنتين و«المونديال» بأكمله، بعدما أوقف به الدوسري سلسلة الـ «لا هزيمة» لـ«الألبيسيليستي» وأثار الجدل حول قدرة ميسي ورفاقه على استكمال مشوار المونديال!
في مونديال «العجائب»، باتت الحكمة الفرنسية ستيفاني فرابارت أول امرأة تدير مباراة في تاريخ كأس العالم للرجال منذ انطلاقها قبل 92 عاماً، واختيرت فرابارت لقيادة مواجهة كوستاريكا وألمانيا في ختام دوري المجموعات، ولم تستخدم ستيفاني إلا بطاقة صفراء واحدة أشهرتها في وجه المدافع الكوستاريكي أوسكار دوارتي، الذي دخل التاريخ هو الآخر بسبب تلك البطاقة «النسائية»!
ربما لم يحدث من قبل أن تقبّل لاعب حصوله على بطاقة حمراء بابتسامة كبيرة، لكن الكاميروني فينسنت أبوبكر فعلها بعد طرده بسبب خلع قميصه عقب لحظات من تسجيله الهدف التاريخي في مرمى البرازيل، ليمنح أفريقيا أول انتصار مونديالي على حساب «السليساو»، والطريف أن أبوبكر تبادل التحية مع الحكم الأميركي إسماعيل الفتح، الذي بدا أنه يعتذر عن إشهار البطاقة.
لم يقفز يوسف النصيري وحده ليلة العاشر من ديسمبر الماضي في ملعب الثمامة، بل قفز العرب ومنتخب المغرب، وارتقى بين الكبار ليقتحم «مربع الذهب المونديالي» للمرة الأولى في تاريخ العرب وأفريقيا، وسجّل النصيري هدفه التاريخي في مرمى البرتغال بعد ارتقاء إعجازي بلغ ارتفاعه 2.78 متر، وصحيح أنه لم يتجاوز قفزة كريستيانو الشهيرة، إلا أنه كان كافياً ليُبكي رونالدو بحرقة عقب الإقصاء.
متشحاً بالرداء العربي الذهبي، عانق الأسطوري الأرجنتيني، ليونيل ميسي، المجد بعد انتظار طويل، وتُوّج أخيراً بلقب كأس العالم في عمر 35 عاماً، وسط حالة من السعادة الغامرة له ولكل عشاق كرة القدم، الذين قلما اتفقوا على أحقية لاعب بحصد «الجائزة الأغلى» مثلما فعلوا مع «البرغوث»، وستبقى صورة ميسي «العربية» خالدة عبر التاريخ!