عمرو عبيد (القاهرة)
أبهر الأسطوري ميسي العالم بصورة غير عادية في المونديال القطري، وفجر «البرغوث» الجدل الكبير عقب توهجه «الهائل» في مواجهة كرواتيا وقبلها هولندا، ليعود إلى الأضواء السؤال «التاريخي» حول صاحب أفضل «أداء فردي» في بطولات كأس العالم عبر العصور.
وسواء تُوّج ليو مع الأرجنتين الذي وصل إلى نهائي كأس العالم الحالي أو لم يصادفه التوفيق، من المؤكد أنه فرض نفسه بقوة في قائمة المقارنة بعدما سجّل 5 أهداف وصنع 3 قبل المباراة النهائية، مشاركاً في أهداف «راقصي التانجو» بنسبة 66.6% بعدما تجاوز الـ35 من عمره.
ولم يقتصر الأمر على الأهداف والتمريرات الحاسمة، بل تخطى ذلك بكثير، بعدما ظهر قائداً حقيقياً لـ«الألبيسيليستي» وقدم «لمحات بارعة» أعادت إلى الأذهان كل «اللقطات الخيالية» التي أمتع بها عشاق كرة القدم خلال العقدين الأخيرين، وكأن «البرغوث» لا يخطو خطواته الأخيرة في مسيرته الكروية اللامعة، بل عاد شاباً في العشرينيات من عمره!
وخلال البطولات الأولى في تاريخ المونديال، لم تُنقل الكثير من التفاصيل الفنية والمهارية عن نجوم نسخ النصف الأول من القرن الماضي، ولم يشاهدها ملايين المشجعين الحاليين، لكن يُمكن ذكر ستابيلي الأرجنتيني والبرازيليين ليونيداس وأديمير، وحتى «عمالقة المجر» بوشكاش وهيديكوتي وكوتشيس، إلا أن أعمار الجميع تراوحت بين 24 و27 باستثناء هيديكوتي صاحب الـ32 ربيعاً في نُسخة 1954، وهو ما يضع ميسي في «خانة خاصة» بهذا الأداء والحصاد في عمره الحالي.
ولأنه الأبرز تاريخياً مع بداية الانتباه والمتابعة لأصحاب الأداء الفردي اللافت في المونديال، فإن «الجوهرة» بيليه حقق مجده الأول عام 1958 في عمر 17 عاماً مسجلاً 6 أهداف جاءت في المراحل الإقصائية، وحتى الـ13 هدفاً تاريخياً للفرنسي فونتين وقتها تحققت وهو يبلغ 24 عاماً، ثم تعاون «الثنائي» جارينشا وفافا في قيادة «السليساو» نحو لقب 1962 بـ4 أهداف لكل منهما وأداء رائع، إلا أن عمر الأول كان 28 مقابل 27 للثاني، وصحيح أن البرتغالي إيزيبيو خطف الأضواء بـ9 أهداف في إنجلترا عام 1966، لكنه كان في الـ24 آنذاك، وعندما عاد «الملك» بيليه للتتويج بكأسه الثالثة عام 1970، كان في الـ29، بينما تألق الهداف الألماني جيرد مولر ابن الـ24 عاماً وقتها.
حصد ماريو كيمبس جميع الجوائز الفردية مع التتويج في 1978، وكان الأرجنتيني في الـ23 من عمره، وفي «بطولة باولو روسي» 1982 كما يُطلق عليها الطليان، جمع هداف «الأزوري» كل الكؤوس الفردية بـ6 أهداف وأداء متميز بعمر الـ25، وفي «بطولة مارادونا» أيضاً عام 1986، سجّل «الساحر» 5 أهداف وصنع مثلها ليُشارك في 71% من أهداف «الألبيسيليستي»، وهو الأداء الذي ظل يُقارن دائماً بما قدمه ميسي ويبدو قريباً مما يحدث في المونديال الحالي، لكن عمر مارادونا وقتها بلغ 25 عاماً فقط!
روبرتو باجيو قدّم لمحات جميلة في نُسخة 1994مُسجلاً 5 أهداف في عمر 27 عاماً، وفي 2002 خطف رونالدو «الظاهرة» كل الأضواء بأهدافه الـ8 وقيادته «راقصي السامبا» للتتويج الخامس، وكان رونالدو ابن 25 عاماً فقط، والحقيقة أن الأداء الفردي للفرنسي زيدان كان «خارقاً» في بطولة 2006 ولا يُمكن نسيانه أبداً، واستحق جائزة أفضل لاعب رغم خسارة النهائي و«النطحة» الشهيرة.
وربما يكون الأقرب للمقارنة مع توهج ميسي الحالي، إلا أن «زيزو» كان ابن 33 عاماً وقتها، ولهذا سيبقى السؤال الجدلي مطروحاً، هل ما يقدمه ليو حالياً يُعد «الأروع» في تاريخ الأداء الفردي عبر عصور المونديال؟