مراد المصري (دبي)
هي أكثر من مجرد لعبة، هكذا يمكن وصف الحالة الفريدة لرياضة البادل تنس، المعروفة عالمياً وكما يحب عشاقها تسميتها اختصاراً باسم «البادل»، للتأكيد على جوهرها الخاص بعيداً عن أي لعبة أخرى، وهي التي تُعد الأكثر انتشاراً في الدولة والمنطقة ككل، بأعداد ضخمة على صعيد اللاعبين والأندية والملاعب، وهي التي كانت مجهولة قبل أقل من 10 سنوات، لكنها الآن موجودة في كل مكان دون استثناء.
«الاتحاد» قامت بدراسة وتحليل هذه الظاهرة التي يمكن وصفها بالإيجابية، طالما أن انتشار ممارسة الرياضة أمر يعود بالفائدة على المجتمع بالعموم، لنجد أنها ليست عبارة عن تنافس رياضي فقط، ولكنها بمثابة تجمع ممتع، فهي سهلة الممارسة مقارنة بالتنس الأرضي مثلاً، إلى جانب أنها تتطلب مشاركة 4 لاعبين في كل مباراة، ما يعني لقاء الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل وغيرها، إلى جانب أنها لعبة تناسب جميع القدرات والأعمار من سن الخامسة وحتى لمن تجاوز السبعين من عمره، فضلا على أن تكلفة ممارستها «المعقولة» نسبياً وفي متناول الجميع.
وجدنا الأرقام مذهلة في الإمارات، مع وجود أكثر من 2500 لاعب مسجل في سجلات الاتحاد والأندية، مع وجود أعداد كبيرة ممن يمارسها بشكل عام، وأكثر من 80 نادياً يتوقع أن يصل عددها إلى 100 قريباً، وأكثر من 400 ملعب بالعموم، كما أن اللعبة باتت تنتشر بأعداد كبيرة في دول المنطقة، ما انعكس على تنظيم أول بطولة خليجية وللجنسين.
ولعل من أبرز ما يميز هذه الرياضة أن رئيس اتحاد اللعبة نفسه هو لاعب لها ويتألق فيها، وهو الشيخ سعيد بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، ويقود سنوياً فريق «أنكل سعيد» في منافسات دورة ند الشبا الرياضية، إلى جانب متابعته وتوجيهاته المستمرة لمواصلة الجهود والمضي قدماً نحو الأفضل في هذه الرياضة.
وأكد خليفة يوسف خوري، النائب الثاني لرئيس اتحاد البادل تنس، أن الدعم اللامحدود من قيادتنا جعلنا في الاتحاد بقيادة الشيخ سعيد بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، رئيس الاتحاد، ندرك منذ سنوات أننا نقف أمام لعبة واعدة للغاية، وهو ما جعلنا نقوم بخطوات استباقية ساهمت في النمو المنظم والواعد لها، ومن أبرزها إطلاقنا نظام «التصنيف» الخاص بالبطولات واللاعبين على حد سواء، وعملية الربط الإلكتروني المتكامل لجعلها رياضة واضحة المعالم وذات حضور قوي بوصفها أكثر من مجرد اجتهادات، وهو ما نرى انعكاسه اليوم في الزيادة المطردة في أعداد الأندية واللاعبين، إلى جانب تشكيل أول منتخب وطني للعبة، وسط تطلعات بمواصلة المضي قدماً نحو المزيد.
وأشار خوري، إلى أن البطولات الحالية يتم تصنيفها وفق 4 فئات رئيسية، وهي: الفئة المبتدئة والفئة المتوسطة والفئة المتقدمة، إلى جانب فئة المحترفين التي تم استثناء شرط الإقامة لفتح المجال للاعبين الدوليين بالمشاركة والاحتكاك مع اللاعبين المحلين لصقل مستواهم المهاري، علماً أنه يتم فصل بطولات الرجال عن السيدات لمنح كل منهم الفرصة اللازمة للتطور وفق إمكانياته أيضاً.
من جانبه أكد إسماعيل الهاشمي، النائب الثاني لرئيس اتحاد البادل تنس، أن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وضع الأساس الذي جعل هذه الرياضة تنطلق نحو ما وصلنا له اليوم، عندما قام بضم هذه اللعبة للمرة الأولى في دورة ند الشبا الرياضية قبل عدة سنوات، ثم تأسيس اتحاد اللعبة برئاسة الشيخ سعيد بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، بما أسهم في وضع اللعبة نحو مسؤولية أكبر في الدولة مع الشعبية المتزايدة لها.
وأوضح الهاشمي، أن الاتحاد سعى لتعزيز روح المنافسة بين جميع الأندية والعمل على تعزيز الانتشار لها في الدولة من خلال فتح المجال لها للتسجيل في الموسم الرياضي لتوزيع إقامة البطولات في مختلف مناطق الدولة والوصول لكافة اللاعبين المواطنين والمقيمين في كل مكان، لنرى انعكاس ذلك على وجود ملاعب وأندية في أبوظبي ودبي وعجمان والشارقة وغيرها.
«كأس الخليج».. نقطة فاصلة لمستقبل مشرق
جاء تتويج منتخبنا الوطني بلقب «كأس الخليج للبادل» الذي أقيم ضمن فعاليات دورة ند الشبا الرياضية في دبي، ليكون نقطة فاصلة نحو مستقبل أكثر إشراقاً وتميزاً لهذه الرياضة في الدولة.
وبعد تشكيل منتخبنا الوطني في شهر أكتوبر الماضي فقط، فإن الانسجام كان واضحاً بين لاعبيه، والمستويات القوية التي قدموها التي تعكس تشبعهم بهذه اللعبة من خلال ممارستها على مدار السنوات الماضية، والاستفادة من مواجهة لاعبين أجانب ما بين المقيمين في الدولة أو نجوم العالم الذين يحضرون إلى هنا بشكل مستمر.
ويتميز منتخبنا الوطني بأنه يضم مزيجاً بين لاعبي الخبرة والواعدين، كما أن مشاركته تميزت بالحضور الجماهيري الكبير على المدرجات لمساندتهم من فئة الشباب، بما يؤكد أن النجاحات التي يحققها المنتخب سيكون لها دور إضافي في تعزيز انتشار وشعبية هذه الرياضة على المدى الطويل محلياً، وهي التي تحظى بانتشار كبير بالوقت الحالي، لكنها في طور المتزايد المستمر بخطوات متسارعة للغاية.
الكواري: «استثنائية» بأكثر من 200 ملعب في قطر
كشف محمد سعدون الكواري، قائد المنتخب القطري للبادل، أن شعبية هذه اللعبة أصبحت ضخمة بمعنى الكلمة في قطر، فبعدما كانت غائبة عن الساحة تماماً، نجحت في ظرف سنوات قليلة للغاية من النمو بشكل كبير للغاية، حتى تجاوز عدد الملاعب 200 ملعب، إلى جانب تصدرها المشهد ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، البطولات الرمضانية التي باتت تعتمدها كلعبة رئيسة.
وأوضح الكواري، أنه مارس رياضة التنس لسنوات طويلة، وعندما تعرف على البادل في البداية لم يظن أنها ممتعة حتى بدأ بممارستها تدريجياً، واكتشف فيها العديد من الميزات، وقال: أنا لعبت على سبيل المثال مع لاعبة تنس سابقة يتجاوز عمرها السبعين عاماً، لا أظن أن هناك لعبة في العالم تجد أطفالا بعمر 5 سنوات وكبارا بالسن تجاوزوا حاجز السبعين عاماً بإمكانهم ممارستها سوى هذه، إنها لعبة تناسب الجميع دون استثناء.
وعبر الكواري، عن سعادته بما يحققه بالوقت الحالي في رياضة البادل التي بدأ بممارستها قبل خمس سنوات، حيث قاد منتخب بلاده للتأهل إلى كأس العالم في العام الماضي، إلى جانب التفوق على المستوى الخليجي، وأكد أن إقامة هذه البطولات الخليجية من بوابة دورة ند الشبا الرياضية كفيلة بإبراز ما وصلت له اللعبة في المنطقة، وتقديم الدعم اللازم لها لمواصلة المضي قدماً وجذب المزيد من الممارسين وتحفيز ممارسيها في هذه الدول والدول العربية عموماً.
المرزوقي: نادٍ جديد كل 6 أسابيع بسبب «كورونا»!
أكد عمر شريف المرزوقي، مدير منتخبنا الوطني للبادل، أن هذه الرياضة هي لعبة المستقبل في الوطن العربي، بعد أن انتشرت من الإمارات وتحديداً دورة ند الشبا الرياضية، فيما يرى أن اللعبة استفادت بشكل كبير من جائحة فيروس كورونا المستجد، وقال: رب ضارة نافعة، بسبب الجائحة والظروف التي رافقتها، فإن هذه اللعبة تنتشر بشكل كبير للغاية في آخر عامين، وهناك إقبال كثيف عليها، حتى أننا نجد أن هناك نادياً جديداً يفتح أبوابه كل ستة أسابيع تقريباً، وعدد الممارسين لها أصبح بالآلاف ناهيك عن وجود أكثر من 400 ملعب.
وتابع: ما يعكس أهمية هذه اللعبة تشكيل منتخب الذي تم إطلاقه لأول مرة في شهر أكتوبر الماضي، حيث شاركنا في تصفيات كأس العالم، واستمررنا بعد ذلك حيث يشارك مرة أخرى في البطولة الخليجية في دورة ند الشبا الرياضية.
واعتبر المرزوقي أن أحد العوامل المهمة التي تسهم في تطوير مستويات اللاعبين، هو وجود لاعبين ومدربين مقيمين بمستوى عال في اللعبة، مما يمنحهم المجال للاحتكاك ورفع مستوياتهم محلياً، وبالتالي القدرة على المشاركة في البطولات الخارجية بكل ثقة وأريحية.
وبمقارنة بين هذه اللعبة والتنس الأرضي، وكيفية نجاحها في جذب الممارسين لها، قال: التنس الأرضي يحتاج منك أن تكون في مستمر بالتمارين والمستوى فيها أقوى، فيما هذه اللعبة تعتمد على الجماعية بحكم أنها تُلعب بنظام الزوجي، إلى جانب أنها لعبة مسلية واجتماعية، ولها مستقبل كبير هنا وفي المنطقة.
عمر محمد: أجواء «التجمع» رفعت شعبيتها في «الخليج»
اعتبر عمر محمد لاعب منتخب البحرين أن شعبية البادل في تزايد مستمر خصوصاً في آخر عامين بدول الخليج، كونها رياضة نابعة من التجمعات التي نستهويها، وقال: المباريات تقام بتواجد أربعة لاعبين إلى جانب الأجواء الممتعة المرافقة لها، لذلك تجدها انتشرت في دول المنطقة، باعتبارها ملتقى إلى جانب كونها ممارسة ممتعة للرياضة.
وتابع: كما إن نظامها بكون التنافس بين أربعة لاعبين، يجعل الفوارق الفنية أقل، وبالتالي القدرة على مجاراة المنافسين وخوض اللعبة بكل أريحية.
الربط المتكامل بوساطة شبكة عالمية
سبق أن قام اتحاد البادل تنس بتوقيع اتفاقية مع المنصة الإلكترونية الدولية الرسمية للبادل تنس «Setteo»، للانضمام إلى الشبكة الأبرز على مستوى العالم في تحقيق التواصل والربط بين اللاعبين والاتحادات والأندية لإقامة المباريات والبطولات وورش العمل بصورة ديناميكية حديثة.
وساهم ذلك في تعزيز عملية عملية التسجيل الإلكتروني لكافة اللاعبين المواطنين والمقيمين على أرض الدولة والأندية المعتمدة، وذلك من خلال هذه المنصة الأبرز على مستوى العالم حيث تحظى شهريا بزيارة أكثر من مليون ونصف شخص مهتم برياضات المضارب عموما التي تشمل التنس الأرضي والاسكواش وتحديداً البادل تنس الرياضة الأسرع انتشاراً على مستوى العالم حيث تضم المنصة حالياً أكثر من 175 ألف لاعب على مستوى العالم توفر لهم المجال لتبادل المعرفة فيما بينهم وتنظيم المباريات والبطولات سواء مباشرة عبر الموقع الإلكتروني أو تطبيق الهاتف المحمول.
وتختصر هذه المنصة الكثير من الجهد السابق لعمليات التسجيل المسبقة لحجز المباريات في الأندية والحصول على زملاء اللعب من خلال شبكة عالمية من شأنها أن تعزز جوانب السياحة الرياضية أيضا عبر تعريف السياح على ملاعب البادل المنتشرة في الأندية في مختلف مناطق الدولة وتتصدرها الأندية في أبوظبي ودبي.
استضافة بطولات عالمية
استضافت الإمارات العديد من البطولات العالمية للبادل في السنوات الماضية، من أبرزها بطولة الأساتذة «الماسترز» في عام 2015، والتي كانت وقتها أول بطولة للماسترز من بين البطولات الخمس الكبرى التي تقام خارج القارة الأوروبية، كما أقيمت في أكتوبر الماضي منافسات كأس دبي العالمية، التي شهدت مشاركة أبرز المصنفين الأوائل في العالم ضمن مبادرة تحدي دبي للياقة البدنية، إلى جانب العديد من الأحداث الأخرى التي تجعل من الإمارات وجهة بارزة للعبة. وعبر الأرجنتيني فرناندو بوجي، الذي كان من أوائل اللاعبين العالميين الذين يشاركون في البطولات الدولية في الدولة، عن إعجابه بالتطور الدائم والانتشار الواسع لها على مدار السنوات الماضية، وقال: كلما أشارك في بطولة هنا أرى ملاعب ولاعبين جدد، المستويات ترتفع والكل يريد تجربة هذه الرياضة المميزة، ما تقوم به الإمارات كان وراء ما نراه من انتشار للبادل في المنطقة ككل.
«البادل» تسحر قلوب نجوم العالم
سحرت لعبة البادل العديد من نجوم العالم من ممارسي الألعاب الرياضية الأخرى، ومنهم نجوم كرة القدم الحاليون والسابقون، حيث قام الفرنسي زين الدين زيدان بافتتاح نادٍ خاص لها في فرنسا، كما أن نجوم إسبانيا مثل كارليس بويول وجيرارد بيكيه وراؤول جونزاليس وغيرهم من الممارسين لها بصورة شبه دائمة.
ما هي البادل؟
البادل هي رياضة تمزج بين أكثر من لعبة أبرزها الاسكواش والتنس، ولكن تختلف في جوهرها من حيث القواعد التي تحكمها، وأسلوب اللعب، كما تتكون اللعبة من أربعة أفراد، اثنان ضد اثنين، داخل ملعب مربع الشكل، له سور حديدي محاط بزجاج وبه شبكة في منتصف الملعب، وبالنسبة للجزء الخاص بالتنس وتتطلب ممارستها استخدام مضارب صلبة لا تحتوي على أوتار على أرض ملعب أصغر حجماً من ملعب التنس العادي.
والبادل أكثر مرونة وسهولة من لعبتي الاسكواش والتنس، ولا تشترط فئة عمرية معينة، ولكنها تتطلب المرونة البدنية على الرغم من صغر ملعبها مقارنة بالرياضيات الشبيهة.