علي معالي (دبي)
أسان بوي حكاية «موهوب» سنغالي في كرة السلة، وصل إلى دبي، وتاه بين شوارعها، بل ونام في «الحدائق العامة»، وإلى جانب «نافورات المياه» لفترات طويلة، وصل بعضها إلى 28 يوماً، لتأتي به «المصادفة» إلى قيادة النصر للتأهل إلى نهائي دوري رجال كرة السلة، عندما يلتقي اليوم مع شباب الأهلي في المباراة الثالثة والفاصلة، بعد تعادل «العميد» و«الفرسان» ذهاباً وإياباً.
ويعتبر بوي «23 عاماً» أبرز الظواهر في ملاعب السلة، ليس بالدولة فقط، بل ربما في منطقة الخليج، حيث عانى كثيراً، ونام ليالي طويلة، من دون أن يتناول وجبة العشاء، أو أن يضع رأسه على وسادة لينام نوماً صحياً أو سليماً.
جاء بوي إلى «البيت النصراوي» عن طريق المصادفة، حيث كان قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى بلاده بعد نهاية تأشيرة الزيارة، وشاءت الظروف أن يكون حسام الوكيل المدرب المساعد بالنادي، وعادل الجسمي مدير الفريق، واللاعب «المقيم» مندي سبباً في أن يلعب بوي لـ «الأزرق»، حيث شارك فيما يقرب من 7 إلى 8 مباريات بالدوري حتى الآن، وكانت نسبة تسجيله هي الأعلى في المباريات التي يشارك فيها من كل الأجانب.
وللدلالة على كفاءة اللاعب، فقد سجل في مباراة شباب الأهلي 26 نقطة من أصل 104 نقاط سجلها «العميد» أمام «الفرسان»، وبالتالي سيكون له الدور البارز في المباراة الفاصلة، والطريف أن الموهوب السنغالي يأتي إلى «بيت العميد» حتى الآن، إما بالدراجة، أو على قدميه، لعدم وجود سيارة خاصة به مثل بقية المحترفين بالفرق الأخرى، ومع ذلك تجده في التدريبات والمباريات الأكثر قوة وتركيزاً لتحقيق الانتصار.
يروي أسان بوي قصته لـ «الاتحاد» قائلاً:«جاء بي وكيل أعمال إلى دبي، وتركني في المطار، بعد أن حصل على 6 آلاف درهم، مقابل أن ألعب في أكاديمية أو جامعة بالإمارات، واختفى تماماً بعد ذلك، وكنت لا أعرف أي شيء في دبي، ولكن عندما كنت أتحدث مع صديقي في السنغال ذكر لي مكان اسمه «ديره»، وعندما خرجت من المطار قلت لسائق التاكسي أريد الذهاب إلى «ديره»، وهناك ظللت أسير في المكان حتى الثالثة فجراً، وفي النهاية دخلت مسجداً لكي أنام».
وأضاف: «التقيت شخصاً سنغالياً، وطلبت منه أن أجلس معه، وطلب 300 درهم شهرياً، ولم يكن معي إلا 550 درهماً فقط، وطلبت أن تظل حقيبتي بحوزته، لحين تصريف أمري، وتركته لمدة 28 يوماً كنت خلالها أنام بجوار نافورة «الإمارات مول» وفي الحدائق العامة».
وقال: «نصحني صديقي السنغالي بأن أذهب للعب بنادي العين، ومن هناك بدأ مشواري مع اللعبة، حيث لعبت مع جالية فلبينية، وبعد المباراة تحدث اثنان من الشباب المواطنين وأخذاني إلى مدرب العين الذي طلب مني الحضور في اليوم التالي، ووقعت معهم عقد بـ 3 آلاف درهم».
وقال: «في مارس 2020، تم إيقاف النشاط بسبب جائحة كورونا، وقررت العودة مجدداً إلى السنغال في يونيو 2020، حيث كان والدي مريضاً للغاية، وعانى حتى توفي يوم 23 أبريل 2021، وبعدها أصبحت مسؤولاً عن الأسرة والمكونة من والدتي وشقيقي وشقيقتي».
وأضاف: «نصحتني أمي وأختي بالعودة إلى دبي مرة أخرى، ولكن كانت الأزمة في تدبير تكاليف السفر، وقاما بالحصول على بعض الأموال من الأقارب، لحين انفراج الأزمة بالنسبة لي، وعدت لأجلس مع صديق في غرفة يسكنها 12 شخصاً مقابل 600 درهم، ولعبت ضمن أكاديمية «بول أبوف أول»، وكنت أحصل على مقابل زهيد، وقاربت تأشيرة الزيارة على الانتهاء وقام شخص لبناني بتجديدها لحاجتهم لي مع الفريق».
وأضاف: «في نوفمبر 2021 قام السنغالي ميندي لاعب النصر المقيم بالتواصل معي، وقال إنه تحدث مع حسام الوكيل المدرب المساعد، وطلب مني الحضور لرؤيته في التدريبات، خاصة أن الوكيل شاهدني من قبل مع العين أمام النصر، ويومها سجلت في سلة النصر أكثر من 30 نقطة».
وقال: «تواصل معي عادل الجسمي مدير الفريق، وحضرت إلى النادي ورأيت الروح الطيبة والاستقبال الدافئ، ولم أصدق نفسي أنني سألعب للنصر، وكان حُلم بالنسبة لي خاصة عندما كنت في العين، ورأيتها فرصة لأثبت كفاءتي، وكنت أيضاً في أشد الحاجة للمقابل المادي نظراً لتراكم الديون على أسرتي في السنغال».