مراد المصري ومعتصم عبدالله (دبي)
ونحن نشاهد لاعبين بعمر 18 و17 سنة وحتى 16 سنة، يقتحمون ساحة الملاعب العالمية بكل ثقة وقوة في ظاهرة متزايدة للاعبين صغار السن الجاهزين لدخول المباريات الاحترافية، خصوصاً على صعيد المنتخبات والأندية الأوروبية، طرحنا على أنفسنا التساؤل الأهم، وهو: كيف يمكن أن يتمكن هؤلاء اللاعبون من دخول عالم «الكبار» بهذه الخبرة والثقة، لولا خوضهم عدداً كبيراً من المباريات في سن صغيرة؟
وجاء السؤال الأهم، هل اللاعبون الناشئون يخوضون عدداً كافياً من المباريات، وهل تواكب المستوى المطلوب من أجل إعدادهم للمستقبل؟
الجواب بالطبع يكشف أن لاعبينا يخوضون عدداً أقل من المباريات عن معدل المباريات التي يخوضها اللاعبون الناشئون في الدول الأوروبية، حيث تكشف دراسة قامت بها رابطة الأندية الأوروبية المحترفة أن متوسط عدد المباريات الرسمية التي يخوضها اللاعبون الناشئون في الموسم الواحد للذين أكملوا 16 عاماً هو 30 مباراة من فئة 90 دقيقة، ونفس العدد من المباريات الرسمية للفئة العمرية 13 إلى 15 سنة من فئة 70 دقيقة، فيما يخوض اللاعبون بعمر 12 عاماً ما لا يقل عن 26 مباراة من فئة 50 إلى 60 دقيقة، فيما تخوض أكاديميات الأندية ما معدله 10 بطولات إضافية على مدار الموسم محلياً، ونحو بطولتين دولتين أيضاً، فيما يصل معدل المباريات التي يخوضها لاعبونا هذا الموسم نحو 26 مباراة فقط وهذا للفئة العمرية 21 سنة، و17 سنة، ويكون العدد أقل في فئات أخرى، مع مشاركات محدودة للغاية في بطولات إضافية، ناهيك عن أن هناك نسبة من المباريات تكون على شكل تدريب بالنظر للفوارق الفنية الكبيرة بين بعض الأندية التي تتواجد في بعض الفئات السنية لتأدية واجب فقط.
واعتبر المدرب الوطني «المخضرم» عبدالله صقر، أن أنديتنا بشكل عام لم تعد تقوم بتخريج لاعبين مباشرة من الفريق الأول من سن 18 عاماً، إلا في حالات نادرة، حيث تلجأ حالياً لما يمكن تسميته «المحترف الخفي» بالإشارة إلى اللاعب المقيم، إلى جانب التعاقدات مع لاعبين من أندية أخرى.
وقال: بالمجمل، فإن أنديتنا منذ تطبيق الاحتراف أصبحت مشغولة بالفريق الأول ونتائجه واتجه الصرف عليه والإعداد، وهو ما جعلنا لا نجد هذه الأندية تقوم بمعسكرات خارجية للناشئين في دول خارجية، حتى لو معسكرات في دول مجاورة، وعدم التعاقد مع مدربين بمستويات مرتفعة لهذه الفئات السنية.
ووصف صقر، عدد المباريات التي يخوضها لاعبونا رسمياً على الصعيد المحلي، بالمناسب من ناحية لو نظرنا للأمر على صعيد منطقي بسبب المعوقات الكثيرة الموجودة هنا، من حيث التزامات اللاعبين بوقت الدراسة وعدم وجود وقت راحة لهم وتغذية تواكب الجهد الذي يبذل بالتدريبات والمباريات، ومن ناحية أخرى لما وصفه بـ «الترف» من حيث تعامل أكاديميات الأندية مع اللاعبين من توفير مثالي ومبالغ فيه للاعبينا الناشئين الذين يجدون ملابسهم وجميع أغراض التدريبات بانتظارهم، من دون بذل أي جهد منهم، مع توفر احتياجات مالية على الصعيد الشخصي، وهو ما يجعل النسبة الأكبر منهم من دون هدف لخوض مباريات بعدد كبير أو السعي للوصول إلى الفريق الأول، في ضوء تركيز الأندية على أمور جمالية تكميلية ونسيان الأمور الفنية الجوهرية.
وختم صقر حديثه، موضحاً أن علينا إعادة الحسابات في كرة الإمارات، خصوصاً على صعيد كيفية إعداد اللاعبين الناشئين وتطوير مستوياتهم، ودعم جهود المدربين والإداريين الوطنيين في هذا المجال.
من جانبه، اتفق عبدالله الشاهين المدرب السابق لمنتخبنا الوطني للناشئين، ونائب المشرف السابق لمدارس الكرة بنادي النصر، مع الآراء التي ذهبت إلى قلة عدد المباريات المطلوبة للاعبي المراحل السنية في المسابقات المحلية مقارنة بنظرائهم في الدوريات الأوربية وغيرها، لافتاً إلى أن معدل لاعبي المراحل قد يصل في بعض الدول ككرواتيا مثلاً إلى نحو 100 مباراة.
وأوضح: «مع بداية كل موسم، تتجدد المطالبات بشأن زيادة عدد مباريات المسابقات المحلية للاعبي المراحل، ويكاد الأمر أن يصل إلى اتفاق بين الأندية خلال ورش العمل الفنية مع اتحاد الكرة والتي تسبق بداية الموسم، في الوقت الذي تكون فيه المحصلة النهائية مختلفة مع إعلان جداول ونظام المسابقات في التعميم السنوي، والذي تقتصر فيه المباريات على عدد محدود لا يغطي متطلبات اللاعبين ولا يشبع نهمهم للعب».
وأضاف: «المعلوم أن الأسباب تبدو كثيرة، ومن بينها بالطبع ظروف الطقس الحار والملاعب المفتوحة والتي تفرض على الاتحاد الانطلاقة المتأخرة للموسم، علاوة على ظروف الدراسة والامتحانات للاعبين خلال المراحل الدراسية المختلفة».
وحول رؤيته للحلول المطلوبة، قال: «يجب إعادة النظر في نظام المسابقات، بإضافة منافسات جديدة والسعي لخوض الفرق أكثر من مباراة واحدة خلال الأسبوع، بجانب دعم مشاركات الأندية في بطولات بعض المجالس الرياضية كمجلس دبي الرياضي، والتي تشهد مشاركة فرق عالمية تتيح لفرق الإمارة في المراحل السنية المختلفة التباري مع مستويات جيدة».
بيرناس: «المعدل الإسباني» 35 مباراة رسمية
اعتبر المدرب الإسباني سيرجيو بيرناس، الذي أشرف على أكاديميات خيتافي وأتلتيكو مدريد ودرب منتخب المغرب للناشئين، أن وجود لاعبين مثل جافي ويريمي وفاتي وغيرهم ممن برزوا بسن صغيرة للغاية في الكرة الإسبانية والعالمية، يعود لكونهم أصحاب موهبة خاصة في المقام الأول. وقال: «هذا بالطبع يعود للعمل الكبير في قطاع الناشئين، حيث يخوض اللاعبون الناشئون من 30 إلى 35 مباراة رسمية خلال الموسم في منافسات الدوري، كما أن الفرق تخوض بطولات بشكل متواصل على مدار الموسم».
أضاف: «اللاعب منذ سن 12 عاماً يجب أن يتدرب بشكل شبه يومي، لكن الأهم أن يخوض المباريات بشكل كبير من أجل عيش أجواء هذا التنافس والسعي لتطوير نفسه من خلال تحفيزه لتقديم 100% من الأداء، هذه الطريقة لإعداد اللاعبين بالتدريج الطبيعي، وعندما تريد أن يدخل لاعب الاحتراف، يتم تطبيق برنامج خاص له على صعيد التحضير الجسدي والنفسي والأمور التكتيكية وغيرها من الأمور، ليكون جاهزاً لدخول التحدي بعد سن الـ 18 سنة بالعادة، أو قبل ذلك للموهوبين للغاية». وتابع: «يجب التركيز على تطوير كافة الأندية، ففي إسبانيا كان هناك فوارق حتى صعيد الناشئين بين أندية مثل ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو، لكن في الوقت الحالي حتى الأندية الصغيرة أصبحت تمتلك أكاديميات أفضل، وهناك تقارب للغاية في المباريات مما يساعد اللاعبين على تطوير أنفسهم بشكل أفضل، كما أن الأندية تحرص على المشاركة وتنظيم بطولات ولا تنتظر الجهات الرسمية».