معتز الشامي (دبي)
اتفق عدد من الخبراء وأصحاب الرأي الفني، على دخول دورينا بداية مرحلة النضج في الاحتراف، مع عامه الـ 14 في التطبيق على «أرض الواقع»، وشددوا على أن مكاسب تطور الاحتراف أصبحت واضحة، بفضل التحولات التي تحققت على أرض الواقع، خلال السنوات الخمس الأخيرة، وفي آخر موسمين باستثناء الموسم الذي لم يستكمل لظروف جائحة «كوفيد-19».
ويمكن إعادة التطور الفني لـ «دورينا» إلى 6 أسباب أساسية اتفقت عليها الآراء التي استطلعتها صحيفة «الاتحاد»، للوقوف على مستوى البطولة مؤخراً، وتوقعاتهم بشأن انطلاق النسخة الجديدة بمسمى جديد، وهو«دوري أدنوك للمحترفين».
السبب الأول يكمن في استيعاب الأندية لقرار السماح للمقيمين بالمشاركة في «دورينا»، بالإضافة إلى مواليد الدولة، وهو ما أدى إلى زيادة المعروض من اللاعبين، وإبرام تعاقدات مع لاعبين في سن الشباب بأرقام مقبولة في أغلب الأحوال، ويضاف إلى ذلك وجود مدربين أسهموا في تطوير الأندية فنياً وتقديم مستويات جيدة مع عدد ليس بالقليل منها، وهو ما يمنح الدوري قوة فنية وتطوراً يفيد اللاعبين، سواء المواطنين أو الأجانب، ويشعل المنافسة كما حدث الموسم الماضي.
ثالث الأسباب يكمن في جودة تحضيرات الأندية للموسم، ووجود أكثر من 4 أندية قادرة على التنافس بشراسة على الألقاب كل موسم على الأقل، وهو دليل على قوة المنافسة والبطولة نفسها.
ورابع الأسباب في استيعاب الأندية لفكرة ترشيد الإنفاق، والذي بدأ بالفعل يؤتي ثماره، ويعتبر من ضمن فوائد جائحة «كورونا»، وما ارتبط بها من إعادة تفكير أغلب المدن، في مسألة الإنفاق المبالغ فيه، ووضع حد للتعاقدات والميزانيات، وهو ما يعتبر البداية الحقيقية لتصحيح مسار أسعار اللاعبين، والحد من المبالغة في التعاقدات، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 5 سنوات.
ولا يزال هذا البند تحدياً يواجه «دورينا» وأنديتنا، التي عليها أن تتمسك بنفس النهج، لاسيما في عدم المبالغة التعاقدية وإهدار أموالها على صفقات غير مجدية، أو تعاقدات غير مدروسة.
الجانب الخامس الذي يعكس تطور الكرة الإماراتية، يتعلق ببدء إطلاق المشروعات التطويرية المستقبلية التي تنفذ من جانب الرابطة والاتحاد، حيث اتفقت الآراء على أن التطوير الفني المستمر يتطلب شراكة بين الأندية والرابطة التي تدير المسابقات، وهو ما يتحقق بالفعل في تنفيذ العديد من المبادرات سواء مشاركة اللاعبين الشباب ضمن قوائم الفرق الأولى أو بعض المبادرات الأخرى التي أسهمت في جني فوائد وإيجابيات، خاصة على مستوى منتخبات المراحل السنية، ويضاف إلى ذلك السبب السادس، الذي يتعلق بالمحاولات المبذولة لزيادة قاعد الممارسين للعبة والأندية الجديدة، بعد إطلاق دوري الدرجة الثانية الذي سيكون نواة لتأسيس أندية شركات، يمكن في المستقبل أن تثري دوري الأولى، ومن ثم دوري المحترفين على المدى البعيد.
من جانبه، أكد المدرب الوطني عيد باروت، أن التسرع في التأكيد على وصول الاحتراف الإماراتي إلى مرحلة القمة خلال 14 أو حتى 20 عاماً في التطبيق، يعتبر مغالطة كبيرة، مشيراً إلى أن الدوري الإنجليزي عرف الاحتراف منذ 100 عام، ورغم ذلك لا يزال يعاني من وطأة مشكلات اللعبة وتطوراتها وسلبيات أيضاً.
وقال: «نعم نعترف بالتأكيد هناك الكثير من الإيجابيات، تتحقق في «دورينا»، من حيث تطور المستوى الفني مقارنة بما قبل «كوفيد-19»، ولكن أيضاً هناك سلبيات لا يمكن إغفالها، حتى وإن كانت قليلة، وأبرز السلبيات التي نراها هو عدم وجود محاسبة لإدارات الأندية، وبالتالي ترى بعض الفرق تعاني، خاصة عند إبرام تعاقدات غير مجدية وتوريط الميزانية في أموال طائلة، هذا حدث سابقاً ولا يزال يتكرر، ولكن حالياً بات على نطاق أقل، مما كان عليه قبل 6 سنوات على سبيل المثال».
وأشاد باروت بنظام اللاعب المقيم الذي أصبح يؤسس لانطلاقة جيدة، يمكن استغلالها في دعم المنتخب الوطني خلال العامين أو الثلاثة المقبلة، لوجود عدة أسماء قادرة على اللعب في المنتخب بالفعل، بجانب استغلال مواليد الدولة، في السماح لهم بالمشاركة واللعب في «دورينا»، وهي كلها فوائد حققت إضافات فنية جيدة للغاية.
وتطرق المدرب الوطني إلى استمرار وجود بعض المشكلات التي قد تعطل الانطلاقة القوية للدوري حتى الآن، وأبرزها تكرار أزمات التحكيم، ومشاكل تنظيمية تتعلق بالأندية وإدارتها، وعدم وجود الإداري المحترف صاحب الخبرات اللازمة لقيادة منظومة محترفة بشكل صحيح، بعيداً عن التخبط، رغم وجود نجاحات في هذا الجانب لدى قطاع ليس بالقليل في أندية أخرى».
وانتقد باروت استمرار غياب الفكر الاستثماري والمستقبلي في الأندية، خاصة من حيث غياب كشافي المواهب وإهمال التعاقد معهم لزيادة موارد الأندية، والتحول إلى أندية مصدرة لمواهب من مختلف الدول، وقال «لماذا لا توقع أنديتنا مع كشافي المواهب، من أفريقيا وأميركا اللاتينية، وحتى أوروبا، وهناك مواهب يمكن الاستثمار فيها، وأنديتنا تنفق على أمور كثيرة من دون داع، فلماذا لا يتم تخصيص جزء من الميزانيات للكشافين، كما تفعل الأندية الأوروبية الكبرى، التي تبرم عقوداً مجزية، لأن هؤلاء الكشافين، هم شريك يمكن الاستفادة منه، لتنمية الموارد المالية وزيادة المواهب، وللأسف تهمل أنديتنا هذا الدور، ولا تزال تتعامل مع السماسرة والوكلاء فقط عند إبرام الصفقات الجاهزة، ولولا اللاعب المقيم لكانت أغلب الأندية تبحث عن اللاعبين الكبار فوق 29 سنة، على سبيل المثال، ما يعني استبعاد النظرة الاستثمارية في العقود والصفقات».
وأضاف: رغم كل تلك المشكلات أو السلبيات، لكن علينا الاعتراف أن دورينا جيد، وأنديتنا قادرة على مقارعة الكبار، والدليل وصول العين إلى نهائيات كأس العالم للأندية، وفوزه على بطلي أفريقيا وأميركا الجنوبية، وهو يعكس تطور الدوري الإماراتي، كما أن مدرب مثل زالاتكو، الذي خرج من دورينا، استطاع الوصول إلى نهائي مونديال موسكو 2018، وحالياً لدينا نخبة من المدربين الجيدين، يمكن تألقهم خارجياً مع منتخبات مستقبلاً، وهي كلها تعكس قيمة الدوري الإيجابية ووجود فنيين ولاعبين مميزين.
«المقيم» كلمة السر
أكد خالد بيومي، المحلل الفني بقنوات أبوظبي الرياضية، أن قرار مشاركة المقيم ومواليد الدولة في الأندية الإماراتية أدى لإحداث طفرة فنية في آخر 3 سنوات، وتزيد مع مرور الوقت، وهو ما أدى لتحقيق فوائد وإيجابيات كثيرة، وقال «اللاعب المقيم هو «كلمة السر» في تطور أداء بعض الأندية، حيث أوجد بدائل إيجابية يمكن استغلالها في التطور الفني لمستويات أندية كانت بعيدة عن «فلك» المنافسة، وباتت الآن تقدم أداءً متميزاً للغاية، وتشعل التنافس بالفعل».
وأضاف: «اللاعب المقيم كشف أنصاف اللاعبين الأجانب الذين يتم التعاقد معهم في الكثير من الأندية، حيث أصبحت صفقات المقيم أفضل كثيراً من لاعب كبير في السن قد يتم إبرام عقد بملايين لإحضاره إلى الدوري، بينما المقيم بـ «ربع» أسعار تلك الصفقات، ويحقق الأفضل فنياً داخل الملعب، مثل إيجور جيسوس لاعب شباب الأهلي الذي أثبت أنه أحد العناصر المميزة بالفعل».
وأشاد بيومي بتطور التنظيم الفني للعديد من الأندية، نظراً لوجود مدربين جيدين في إدارة المباريات، وتطوير اللاعبين وقدراتهم وقراءة المباريات، وقال: «لدينا وفرة في المدربين الجيدين في الدوري، خصوصاً الموسم الماضي، وأثبت أكثر من نادٍ أن الفوارق بين القمة والقاع أو الوسط، يمكن أن تذوب في الكثير من الأوقات».
التركيز على خطط المستقبل
وأكد جورفان فييرا مدرب بني ياس واتحاد كلباء الأسبق، حاجة الدوري الإماراتي إلى المزيد من التركيز على الخطط المستقبلية بالأندية، والنظر بعمق في ملف تطوير المواهب في المراحل السنية، بصورة علمية وصحيحة. وشدد فييرا على أن المستوى الفني للدوري يتطور، ولكن بصورة بطيئة، لعدم وجود استراتيجيات دقيقة وأهداف لأغلب الأندية، باستثناء بعض أندية القمة التي تنافس بشكل مستمر على الألقاب. ولفت فييرا إلى أن 14 سنة من الاحتراف تعتبر مجرد بداية، ودعا لضرورة تقييم الوضع الفني الحالي للدوري والكرة الإماراتية، على يد خبراء وفنيين أصحاب تجارب واسعة، في هذا المجال للوقوف على إيجابيات وسلبيات الوضع الحالي للدوري. وقال «الدوري الإماراتي متميز، ويملك نواحي كثيرة جيدة، ولكن أيضاً هناك سلبيات إدارية وتنظيمية، تتطلب مزيداً من التحسين، خصوصاً في غياب الرؤى والاستراتيجيات الواضحة، لعدد ليس بقليل من الأندية التي تعمل بشكل أشبه بالهواية وليس الاحتراف».
تحدي «زيادة القاعدة»
وشدد الصربي رازوفيتش مدرب الوحدة والظفرة الأسبق، على قوة الدوري الإماراتي، وارتفاع سقف طموحات أنديته، موسماً بعد آخر، بما يرفع التنافسية بصورة جيدة خلال المواسم الأخيرة. وأشار إلى أن المواسم الأخيرة تشهد وجود 5 أندية في «فلك» المنافسة على الأقل، وهو ما يعكس وجود إمكانيات كبيرة تصب في مصلحة تطوير الدوري. وأشار رازوفيتش إلى أن التحدي الأهم هو في ضرورة السعي لزيادة قاعدة الممارسين للعبة والأندية نفسها، بما يفيد المنتخبات الوطنية بجانب ضرورة الاهتمام بالمواهب الشابة والصاعدة. وعلى الجانب الآخر، أوضح رازوفيتش أن غياب القاعدة الكبيرة يؤدي إلى تطور بطيء للكرة الإماراتية، ولكنه تطور ملحوظ وموجود، بدليل قوة المنافسة، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 4 سنوات. وأشاد المدرب الأسبق، بتجربة اللاعب المقيم ومواليد الدولة، مشيراً إلى وجود عدد كبير من اللاعبين المتميزين في هذه الفئات، وقدموا مستويات كبيرة وأسهموا في تطوير اللاعب المواطن في أغلب المراكز. ووجه رازوفيتش نصيحة للأندية الإماراتية، وطالبها بزيادة العمل على المراحل السنية للمستقبل، ووضع خطط واستراتيجيات للتطوير المستمر للمواهب.