مصطفى عبد العظيم (دبي)
رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات خلال العام الجاري إلى 4.6% وإلى 4.9% في العام المقبل وفقاً لأحدث بيانات البنك، التي أظهرت زيادة بنحو 0.5 نقطة مئوية للنمو المتوقع هذا العام مقارنة بتوقعاته السابقة، وبنحو 0.8 نقطة للعام المقبل.
وتوقع البنك في تقريره عن المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي جاء بعنوان: «كيف يمكن للقطاع الخاص تعزيز النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، أن يشكل استمرار زخم الانتعاش في القطاع غير النفطي بالإمارات خلال العامين الجاري والمقبل أحد عوامل النمو الرئيسة، لاسيما في قطاعات النقل والسياحة والتصنيع، مشيراً إلى أن القطاع الصناعي في دولة الإمارات من المتوقع أن يظل من عوامل النمو الرئيسة، علماً بأنه ركيزة أساسية في استراتيجية التنويع الاقتصادي.
وتوقع التقرير أن يتراجع معدل التضخم في الإمارات هذا العام من 2.3% في 2024 إلى 2.2% وإلى 2.1% في العام المقبل 2026، فيما يتوقع أن يبلغ رصيد الحساب الجاري هذا العام نحو 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 6.2% من الناتج في العام المقبل.
وتتزامن توقعات البنك بشأن اقتصاد الإمارات، مع توقعات صدرت حديثاً عن صندوق النقد الدولي واستطلاع آراء خبراء الاقتصاد أجرته رويترز، أظهرت قدرة اقتصاد الإمارات على مواصلة زخم النمو بأسرع وتيرة على مستوى المنطقة خلال العامين الجاري والمقبل.
ووفقاً لنتائج استطلاع «رويترز» تقدر نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارات هذا العام بنحو 4.5%، وهو المعدل المتوقع الأسرع في المنطقة.
كما أبقى صندوق النقد الدولي على توقعاته لنمو دولة الإمارات عند 4% للعام الجاري، وهي النسبة الأعلى بين توقعاته لدول مجلس التعاون الخليجي، مرجعاً ذلك إلى الزخم القوي للقطاعات غير النفطية ومرونتها، بالإضافة إلى النمو المتوقع بنسبة 4.5% في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
كما يتوقع مصرف الإمارات المركزي نمواً أقوى في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.7%، في حين توقعت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال، ووحدة أبحاث «بي إم آي» التابعة لوكالة فيتش نمواً بنسبة 5.1% خلال العام الحالي.
الشرق الأوسط
وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توقع التقرير نمواً بنسبة 2.6% في العام الجاري و3.7% في العام المقبل، وهو ما يمثل انخفاضاً كبيراً عن توقعاته السابقة التي بلغت 3.4% و4.1%. ويعود هذا التراجع إلى تدهور الأوضاع المالية العالمية، بالإضافة إلى الانخفاض المتوقع في التحويلات، وتدهور الأرصدة الخارجية في ظل تدفقات رأس المال خارج المنطقة نظرا لتراجع ثقة المستهلكين والمستثمرين.
وبالنسبة لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي توقع التقرير أن تحقق أداء أفضل، إذ أشارت التوقعات المحدثة إلى أن النمو الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي سيبلغ 3.2% في العام الجاري و4.5% في العام المقبل، منخفضا بمقدار 0.1 نقطة مئوية فقط عن تقديرات البنك السابقة في يناير بخصوص كلا العامين. وهذا التفوق لاقتصادات الخليج سيعود إلى مرونة القطاعات غير النفطية كالسياحة والإنشاءات والخدمات المالية.
ورغم تراجع أسعار النفط، يُتوقع أن تستفيد اقتصادات مثل الإمارات والسعودية والكويت وسلطنة عمان والجزائر والعراق من الزيادة التدريجية في الإنتاج النفطي، وذلك في ضوء قرار منظمة أوبك+ تسريع وتيرة تقليص قيود الإنتاج اعتباراً من مايو 2025، بعد سلسلة من التأجيلات السابقة.
وفيما تواصل الإمارات جهودها لتنويع الاقتصاد، من المرتقب أن يشهد القطاع غير النفطي مزيداً من النمو، إلى جانب جهود مماثلة في السعودية وقطر وسلطنة عمان. وتشير التقديرات إلى أن هذه السياسات التنموية ستسهم في تعزيز مرونة الاقتصادات الخليجية في مواجهة تقلبات أسعار الطاقة.
ويرتبط الارتفاع في البلدان المصدرة للنفط بالتراجع المزمع عن تخفيضات إنتاج النفط. كما أنه من المتوقع أن يكون الانتعاش في البلدان المستوردة للنفط مدفوعاً بزيادة الاستهلاك في ظل تراجع معدلات التضخم، إلى جانب تعافي القطاع الزراعي في بعض الاقتصادات.
وتخيم على هذه التوقعات درجة عالية من عدم اليقين، مدفوعة بكل من الصراع، والصدمات المناخية المتطرفة، والتطورات في أسواق النفط وبيئة السياسات العالمية الآخذة في التغير. وتتفاقم حالة عدم اليقين هذه بسبب الآثار المحتملة لديناميكيات التجارة المتقلبة على النمو العالمي وكذلك التضخم. ويسلط التقرير الضوء كذلك على أن الصراع يمكن أن يقوّض عقوداً من التقدم الاقتصادي، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية طويلة الأمد.
ويستكشف التقرير الدور الحيوي للقطاع الخاص في دفع عجلة النمو، ويؤكد على قدرة الشركات على خلق فرص العمل وتحفيز الابتكار. وفي المقابل، أدى غياب قطاع خاص مزدهر إلى إعاقة النمو القوي في المنطقة.