حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تدعم مجموعة من العوامل وصول أسعار الذهب لقمم سعرية جديدة أهمها تصاعد المخاطر التجارية، والغموض الاقتصادي، وتزايد طلب البنوك المركزية، إلى جانب تدفق الاستثمارات نحو الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، حسب خبراء ماليين، مؤكدين أنه رغم الارتفاعات التي حدثت في أسعار المعدن الأصفر إلا أن هناك مجالاً واسعاً للمزيد من المكاسب خلال الفترة المقبلة.
وارتفعت أسعار الذهب خلال تعاملات الاثنين، مدفوعة بمخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي في ظل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالتزامن مع هبوط الدولار إلى أدنى مستوى له في 3 سنوات. كما ارتفعت أسعار العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم يونيو بنسبة 2.15% أو 71.60 دولار عند 3400 دولار للأوقية، بعدما لامست مستوى قياسياً يبلغ 3401.30 دولار، فيما صعد سعر التسليم الفوري للذهب بنسبة 1.85% أو 61.45 دولار عند 3388.30 دولار للأوقية، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق.
مستويات قياسية
وقال أرون ليزلي جون، كبير محللي السوق في «سنشري فاينانشال»، إن الذهب الفوري واصل مسيرة صعوده اللافتة التي بدأها العام الماضي، محققاً مستويات قياسية عدة، ومرتفعاً بنسبة تقارب 30% منذ بداية العام، عازياً هذا الارتفاع إلى تصاعد المخاطر التجارية، والغموض الاقتصادي، وتزايد طلب البنوك المركزية، إلى جانب تدفق الاستثمارات نحو الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب.
وأوضح أن الذهب ارتفع خلال تعاملات يوم الاثنين بنحو 2%، ليتداول عند 3390 دولاراً للأونصة، مع تزايد إقبال المتداولين والمستثمرين على المعدن الثمين كملاذ آمن في ظل تفاقم تقلبات الأسواق، وقد جاء هذا الارتفاع مدفوعاً بردود الفعل الصينية الأخيرة، إضافة إلى انتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول.
وأفاد ليزلي جون، بأن الطلب على صناديق الذهب المتداولة استمر خلال شهر مارس، مع مساهمة جميع المناطق بإجمالي تدفقات تُقدَّر بنحو 8.6 مليار دولار. وذكر أنه في ظل حالة عدم اليقين الشديدة المحيطة بالسياسات الاقتصادية، فإن الاستعداد للاحتفاظ بالذهب قد يُولّد زخماً قوياً حقيقياً. وأوضح أنه بالمقارنة التاريخية، فإن الصعود الحالي للذهب لا يُعد طويل الأمد أو ضخماً بشكل استثنائي، إذ تُظهر البيانات أنه بين عامي 1971 و2020، بلغ متوسط العائد في موجات الصعود المماثلة للذهب نحو 242%، مؤكداً أنه بالنظر إلى أن الارتفاع الحالي الذي بدأ في عام 2022 لا يزال عند حدود 100% فقط، فإن ذلك يشير إلى أن أمام الذهب مجالاً واسعاً للمزيد من المكاسب، لا سيما مع بقاء الأساسيات الداعمة قوية.
ومن جهته حدد أولي هانسن، رئيس استراتيجيات السلع في «ساكسو بنك»، عدداً من العوامل الداعمة للذهب، فذكر أن أولها أن المشاركون في السوق يراقبون عن كثب توجهات الفيدرالي الأميركي بشأن الفائدة، إذ يُعد انخفاض الفائدة داعماً للذهب لأنه يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لامتلاكه (كونه أصلاً لا يدر عائداً).
وقال هانسن، إن من العوامل الداعية للذهب أيضاً (الطلب الاستثماري على الذهب «الورقي») عبر العقود والصناديق المتداولة، حيث إن أحد العوامل الحاسمة لمستثمري الصناديق هو تكلفة الاحتفاظ بأصل غير منتج، والتي تنخفض في ظل توقعات انخفاض تكلفة التمويل، لافتاً إلى أن حيازات الصناديق المدعومة بالذهب تبلغ حالياً 2773 طناً، بزيادة 269 طناً عن مايو الماضي، لكنها لا تزال دون الذروة المسجلة عام 2020 عند 3453 طناً.
وأوضح هانسن أن طلب البنوك المركزية وسط مساعٍ لتقليص الاعتماد على الدولار، يعد من أهم العوامل الداعمة لارتفاع الذهب في الوقت الحالي، لاسيما وأن عدد متزايد من البنوك المركزية يتجهون نحو تنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار الأميركي، ويُشكل الذهب الخيار المفضل كأصل احتياطي محايد، كما تُعد الصين، والهند، وتركيا، وروسيا من الدول الرائدة في هذا الاتجاه.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة «يو إس جلوبال إنفيستور»، إنه من السهل جدًا رؤية الذهب يصل إلى أربعة آلاف دولار (للأونصة الواحدة) في ظل الدولارات التي تضخ لتحفيز الاقتصاد، مشيراً إلى أن وزراء مالية مجموعة العشرين والبنوك المركزية حول العالم يضخون تريليونات الدولارات، وتالياً أصبح الذهب من فئة الأصول الجذابة جداً.