حسام عبدالنبي (أبوظبي)
حدد تقرير لجامعة «هيريوت وات دبي»، 6 اتجاهات رئيسة ترسم مسار ومستقبل الصناعة المالية في الإمارات في عام 2025، وهي زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير الخدمات المالية، مع تنامي الاهتمام بالتمويل المستدام، وإمكانية إصدار العملات الرقمية للبنك المركزي (CBDCs)، والتركيز على الأمن السيبراني، والتخصيص في الخدمات المالية، فضلاً عن تزايد تأثير الجيل Z وجيل الألفية.
وقال التقرير، إن القطاع المالي في الإمارات يتطور بوتيرة غير مسبوقة، مدفوعاً بالتطور والتغيير التكنولوجي، وزيادة الطلب على تحقيق أهداف الاستدامة في القطاعات المختلفة، وتحول الأطر التنظيمية، مؤكداً أن التطورات المختلفة تغير كيفية عمل المؤسسات المالية وتفاعلها مع العملاء، وستحدد المستقبل، وتخلق إمكانيات لمزيد من نمو الأعمال.
وأوضح تقرير «هيريوت وات دبي» أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل كبير على القطاع المالي، ويعزز الجانب الاستراتيجي ويحسن العمليات التجارية بشكل عام حيث يقدر حجم سوق التكنولوجيا المالية في الإمارات بنحو 3.56 مليار دولار في عام 2025، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.43 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 12.56% خلال الفترة ما بين (2025-2030).
وأضاف أن التمويل المستدام أصبح معياراً أساسياً للأعمال في الإمارات بعد إصدار إطار التمويل المستدام لدولة الإمارات (2021-2030) وتخصيص تريليون درهم من التمويل المستدام بحلول عام 2030، إضافة إلى تطوير البنوك منتجات تمويل مستدامة جديدة، مثل القروض الخضراء، والسندات المرتبطة بالاستدامة، والتمويل المختلط، والتمويل الانتقالي، والاستفادة من منتجات التمويل الإسلامي لدعم هذا الاستثمار وتمكين الوصول إلى مجموعة أكبر من الأموال.
العملات الرقمية
وفيما يخص إمكانية إصدار العملات الرقمية للبنوك المركزية، أفاد تقرير «هيريوت وات دبي» بأن الفكرة أصبحت ممكنة تدريجياً، حيث تقوم العديد من الدول، وخاصة الصين والإمارات والاتحاد الأوروبي، باختبار هذه العملات الرقمية، منبهاً إلى إن النطاق الهائل للعملات الرقمية للبنك المركزي (CBDCs) وحجمها سيعني تحولاً في شكل وطبيعة التحويلات والمدفوعات عبر الحدود، جنباً إلى جنب مع خفض التكاليف والزيادة المحتملة في عدد الأشخاص المدرجين في الاقتصاد المالي.
وأشار التقرير إلى أن حماية الأصول المالية أصبحت ضرورة ومحوراً للتركيز لأن مخاطر الهجوم السيبراني زادت أضعافاً مضاعفة، وفي عام 2025، سيكون الأمن السيبراني أولوية.
وأوضح أنه وفقاً لتقرير صادر عن «موردور إنتلجنس» يقدر حجم سوق الأمن السيبراني في دولة الإمارات بنحو 0.67 مليار دولار في عام 2025، ومن المتوقع أن يصل إلى 1.21 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 12.72% خلال الفترة المتوقعة (2025-2030)، منوهاً بأن الشركات تتوقع أن تكون «المصادقة متعددة العوامل»، والتشفير المتقدم، وأطر الثقة المعدومة من بين أولوياتها القصوى. وبين تقرير «هيريوت وات دبي» أن المستهلكين يبحثون اليوم عن المنتجات المالية التي تناسب أذواقهم وأهدافهم وظروفهم الفردية، ولذا تطور مفهوم التخصيص المفرط بسرعة إلى نموذج مهيمن وتميز تنافسي مهم في القطاع المالي من خلال استغلال فوائد علوم البيانات المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وقال إن هذا النهج يسمح للمؤسسات بتطوير منتجاتها وخدماتها إلى منتجات وخدمات معقدة شديدة التخصيص تناسب احتياجات الأفراد الفردية، بما في ذلك حسابات الودائع المخصصة، وأدوات الاستثمار المحددة ومستشاري الاستثمار الشخصي، لاسيما وأن مقدمي الخدمات في الأسواق المالية الذين يتبنون الابتكارات الموجهة نحو العملاء لا يحسنون الاحتفاظ بالعملاء وولائهم فحسب، بل يعززون أيضاً آفاقهم في السوق الذي أصبح أكثر شخصية وتوجهاً من الناحية التكنولوجية.
تطورات تنظيمية
ووفقاً لمعدة التقرير الدكتورة يلينا جانجوسيفيتش، أستاذ مشارك في العلوم المالية بجامعة هيريوت وات دبي، فإنه مع تطور القطاع المالي، يتم تقديم المزيد من اللوائح المتعلقة بالعملات المشفرة والإفصاح عن الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة وخصوصية البيانات للمساعدة في إدارة المخاطر.
وقالت، إن تقبل هذه التغييرات في القوانين يشكل تحدياً للمؤسسات المالية التي سيتوجب عليها إعادة التفكير في استراتيجياتها لتطوير الأنظمة، والاستثمار في هياكل الامتثال، وممارسة متابعة التغييرات المؤسسية، مع تشجيع النزاهة ومساءلة المسؤولين، مؤكدة أن المؤسسات التي تتعامل بشكل فعال مع التغييرات التي أحدثتها هذه اللوائح ستكون قادرة على تحقيق أداء جيد في أوقات الأزمات، وسوف تقلل من المخاطر وتكتسب ثقة السوق وتبرز في البيئة التنظيمية الديناميكية.
وترى جانجوسيفيتش، أن تأثير الجيل Z وجيل الألفية، سيكون أحد أهم محددات القطاع المالي في دولة الإمارات خلال العام الجديد، حيث تعمل الأجيال الجديدة حالياً على تغيير القواعد والمفاهيم عندما يتعلق الأمر بالمال.
وبرهنت على ذلك بتقرير صدر عن «ستاتيستا» يظهر أن عدد المستخدمين في سوق المدفوعات الرقمية في الإمارات متوقع أن يصل إلى 9.19 مليون مستخدم بحلول عام 2028 حيث تختار الأجيال الجديدة النهج الرقمي أولاً وتفضل الاستثمار في الخيارات المستدامة، مختتمة بالتأكيد على أنه مع بداية عام 2025، هناك شيء واحد مؤكد وهو أن مستقبل الصناعة المالية سوف يتغير بشكل كبير، وأن المؤسسات المالية التي تعمل بشكل استراتيجي في التكيف مع هذه التحولات لن تخفف المخاطر فحسب، بل ستزدهر في هذه البيئة الديناميكية والمتطورة.