حسونة الطيب (أبوظبي)
تواجه أوروبا، فترات عصيبة خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث تعاني اقتصاداتها الكبيرة مثل، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من تباطؤ وتيرة النمو وارتفاع معدلات الدين، في الوقت الذي تبذل فيه جهوداً كبيرة لإعداد ميزانياتها للعام المقبل.
وبينما يحقق الاقتصاد الأميركي، نمواً مطرداً، تبدو النظرة المستقبلية لاقتصادات أوروبا، ضبابية وغير مبشرة.
أعلنت الحكومة البريطانية مؤخراً، عن خطة مالية ترمي لجمع 52 مليار دولار، عبر عمليات ضريبية جديدة، في أكبر زيادة منذ 10 سنوات تقريباً.
ويجيء ذلك، في أعقاب إعلان الحكومة الفرنسية مؤخراً، عن خطط للتقشف. وعلى الرغم من الدفعة التي حُظي بها اقتصادها جراء الألعاب الأولمبية، إلا أنه لا يزال يعاني من عبء الدين الهائل والعجز المتصاعد، الذي يعتبر واحداً من بين الأسوأ في أوروبا، بحسب خدمة واشنطن بوست.
وتأمل الحكومة الفرنسية في تحقيق توفير بالميزانية العامة بنحو 60 مليار يورو (65 مليار دولار)، خلال العام المقبل.
كما أعلنت الحكومة الألمانية، عن تمكنها من تفادي وقوع وشيك في دائرة الركود، إلا أن البلاد التي كانت بمثابة المحرك الاقتصادي لأوروبا، تعاني من تثاقل وتيرة نموها، ما يدفعها لتقليص ميزانيتها.
وعموماً، تأخرت بريطانيا ودول أخرى من الاتحاد الأوروبي، عن ركب التعافي من تداعيات فيروس كوفيد-19 ومن تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية. فيما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في أميركا، بنسبة قدرها 10.7%، بالمقارنة مع مستويات فترة الوباء، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي، إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري ككل، ستكون 2.8 بالنسبة للاقتصاد الأميركي، وبنحو 0.8% فقط للاتحاد الأوروبي.
وفي غضون ذلك، تسعى الحكومة البريطانية الحالية، لجسر الفجوة التي خلفتها حكومة المحافظين، عبر تحقيق عائدات جديدة وكبيرة. وللوصول لذلك، فرضت الحكومة، ضريبة على الشركات وعلى أموال الميراث وعلى أرباح رؤوس الأموال وعلى العاملين الأجانب من ذوي الدخل المرتفع، بجانب المدارس الخاصة وقطاع الطيران الخاص وجولات جديدة من عمليات الاقتراض.
وفي فرنسا، تضمنت إجراءات خفض الإنفاق، تقليص عمليات الصرف الكبيرة ورفع المعدلات الضريبية، التي غالباً ما تطال الشركات الكبيرة والأثرياء.
وتعتبر ميزانية 2025، بمثابة الخطوة الأولى لفرنسا، في سعيها نحو استعادة السيطرة على المال العام، رغم أن بارنييه قال، إنه يترتب على بلاده الامتثال لقواعد الإنفاق الخاصة بالاتحاد الأوروبي حتى العام 2029. وقفز عجز البلاد، إلى 6.1% خلال هذه السنة، متجاوزاً بنسبة كبيرة حد الاتحاد الأوروبي المقرر عند 3%.
وفي هذه الأثناء، استمرت معاناة الاقتصاد الألماني، حيث يعكف على قيادة دفته في الوقت الحالي، تحالف من ثلاثة أحزاب هزيلة. وتُعد شركة فولكس فاجن، مثالاً لتعثر نمو الاقتصاد الألماني، الذي من المتوقع أن يتراجع بنحو 0.2% هذه السنة. وأعلنت الشركة العملاقة، أن إيراداتها قبل الضريبة، تراجعت بنسبة كبيرة قدرها 60%، لنحو 2.6 مليار دولار خلال الربع الثالث، ما دفعها للتخطيط، لإغلاق 3 مصانع لها داخل ألمانيا.
وأمضت ألمانيا، عدة أشهر في التخطيط لإعداد ميزانية مناسبة للعام المقبل 2025، حيث يرى كبار المسؤولين في الحكومة، ضرورة المزيد من الاستثمارات، لإنعاش الاقتصاد عبر زيادة معدل الاقتراض. وتنص مسودة الميزانية الألمانية، التي أُعلن عنها في يوليو الماضي، على خفض الإنفاق الإجمالي بنسبة قدرها 1.6%، ليبلغ نحو 522 مليار دولار.