تمضي اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، في تحقيقها قفزات نوعية على صعيد النمو في المرحلة المقبلة، في حين تعاني اقتصادات كبرى من مصاعب في هذا الاتجاه، خصوصاً في ظل استمرار حالة عدم اليقين فيها. تستند اقتصادات الدول الخليجية في حراك النمو، إلى عاملين اثنين، التنوع والإنفاق في ميدان البنى التحتية، في وقت يتراجع فيه بقوة هذا النوع من الإنفاق في الاقتصادات الكبرى، إلى درجة أنه ساهم في اضطرابات الأداء السياسي للحكومات فيها، وولد سلسلة من الإضرابات فاقمت الوضع العام. اليوم سيتقدم النمو على الساحة الخليجية، مدفوعاً أيضاً بزيادة مشاركة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يعزز المسار الذي اعتمدته نحو آفاق اقتصادية جديدة تقوم على التنوع والاستدامة.
حققت دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام نمواً بلغ 1.6%، وفق تقرير للبنك الدولي، وهذا يعد جيداً بعد مرحلة من الصعوبات الاقتصادية العالمية، بدأت منذ مطلع العقد الحالي. اللافت، أن هذا النمو سيصل وفق كل التقديرات، إلى 4.2% في السنتين المقبلتين. واللافت أيضاً أن القطاعات غير النفطية، هي التي تقود النمو العام، حيث نمت في العام الجاري بنسبة 3.7%، في مسار يمضي نحو مزيد من مشاركتها في الناتج المحلي الإجمالي، وفق سلسلة من المخططات الاقتصادية والتنموية التي تعتمدها البلدان الخليجية عموماً. علماً بأن مستوى التضخم بلغ الحد المقبول عند 2.1% هذا العام، وذلك بفضل السياسات المتبعة محلياً، والتي أثمرت في هذا المجال الحساس.
الذي سيضمن المزيد من النمو في المستقبل، ليس إلا التحولات الاقتصادية في بلدان الخليج عموماً، ولاسيما الإمارات والسعودية، اللتان حققتا الأهداف الموضوعة، على طريق الاستدامة. في الإمارات سجل اقتصاد البلاد أسرع وتيرة نمو خليجياً في القطاعات غير النفطية العام الماضي، حيث بلغت النسبة 6.2%، كما ارتفع حراك القطاع الخاص بصورة كبيرة، مع الإشارة إلى أن مستويات الفائدة المنخفضة، تدعم النمو محلياً. وفي كل الأحوال، يبقى اتجاه النمو، هو الأفضل في الساحة الخليجية، وسط مسار متماسك، يأخذ في الاعتبار تحقيق مستهدفات عدد كبير من المخططات التي وضعتها دول المنطقة بصورة عامة.