حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تتزايد توقعات الخبراء الماليين باختفاء الشيكات الورقية قريباً في عصر المدفوعات الرقمية، وتراجع استخدام الشيكات المصرفية على المستوى العالمي بشكل لافت في السنوات الأخيرة، بعد أن كانت الوسيلة الرئيسية للدفع لعقود طويلة. ويؤكد الخبراء أن التكنولوجيا الحديثة قدمت بدائل أسرع وأكثر أماناً وكفاءة، إذ تتم المدفوعات الإلكترونية بلمسة زر وتعتبر أسرع مقارنة بالشيكات الورقية التي تستغرق أياماً.
وأشاروا إلى أنه على الرغم من زيادة الانتقال من الشيكات إلى عصر المدفوعات الرقمية، إلا أن بعض الفئات، مثل كبار السن وسكان المناطق النائية ما زالوا يعتمدون على الشيكات كوسيلة موثوقة للدفع، لافتين إلى أن الحكومات والبنوك تدفع نحو التخلص التدريجي من الشيكات، مع خطط لإلغاء الشيكات الشخصية بحلول عام 2027.
ويرى حسين القمزي، الخبير المالي الاقتصادي، والرئيس التنفيذي السابق لنور بنك ونور تكافل، أنه في عالم يتجه نحو الرقمنة بشكل متزايد، يبدو أن الشيكات الورقية تجد نفسها في مواجهة غير مسبوقة مع التكنولوجيا الحديثة، فعلى الرغم من أن الشيكات المصرفية كانت وسيلة رئيسية للدفع لعقود طويلة، إلا أن استخدامها قد شهد تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، مدللاً على ذلك بأن الإحصائيات تُظهر أن الشيكات الورقية كانت تمثل 85% من جميع المدفوعات غير النقدية في الثمانينيات، أما اليوم فهي تمثل فقط 0.01% من إجمالي المدفوعات.
وأرجع القمزي، الأسباب الرئيسية لانخفاض استخدام الشيكات إلى أن التكنولوجيا الحديثة قدّمت بدائل أسرع وأكثر أماناً وكفاءة، إذ تتم المدفوعات الإلكترونية بلمسة زر، وتعتبر أكثر أماناً وأسرع مقارنة بالشيكات الورقية التي تستغرق أياماً للتصفية.
وأشار إلى أنه في المقابل، فإن بعض الفئات مثل كبار السن وسكان المناطق النائية ما زالوا يعتمدون على الشيكات كوسيلة موثوقة للدفع، منوهاً بأن الاتجاه العام يشير إلى تحول لا رجعة فيه نحو المدفوعات الرقمية، خاصة أن الحكومات والبنوك تدفع نحو التخلص التدريجي من الشيكات، مع خطط لإلغاء الشيكات الشخصية بحلول عام 2027. واختتم القمزي، بالتأكيد على أن الشيكات الورقية قد تكون في آخر عمرها، فالتحول الكامل نحو المدفوعات الرقمية يبدو حتمياً.
المدفوعات الرقمية
من جانبها، أفادت سليمة جوتييفا، نائب الرئيس والمدير الإقليمي لشركة Visa في دولة الإمارات، بأن من أهم التوجهات التي رصدها تقرير «التوجهات الكبرى للشركات الصغيرة والمتوسطة»، الصادر عن شركة Visa الرائدة عالمياً في مجال المدفوعات الرقمية، زيادة الانتقال من الشيكات إلى عصر المدفوعات الرقمية، موضحة أنه على الرغم من استمرار استخدام الشيكات في دولة الإمارات، إلا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تُدرك مزايا التحول إلى خيارات الدفع الرقمية من ناحية السرعة وانخفاض التكلفة، ما يعكس الطلب على حلول مثل Tap to Phone وVisa Direct للمعاملات العابرة للحدود.
وأشارت جوتييفا إلى أن التقرير كشف عن ازدهار المشهد المحلي للشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات بدافع من مبادرات التحول الرقمي، والسياسات التنظيمية والحلول التمويلية وغيرها، حيث تساهم هذه المبادرات جميعها في توفير فرص جديدة للشركات العاملة في الدولة، مؤكدة أنه في ظل هذه البيئة الديناميكية، تتحول الشركات الصغيرة والمتوسطة سريعاً إلى اعتماد الإمكانات الرقمية من خلال تعزيز حضورها عبر الإنترنت لاجتذاب عملاء جدد، واعتماد المدفوعات الرقمية واللاتلامسية للحفاظ على قدرتها التنافسية، ودمج أدوات الأعمال الرقمية لتحسين عملياتها التجارية.
تنظيم قانوني
من الناحية القانونية، قال عمار أنيس، الاستشاري القانوني، إن الواقع الحالي يشير إلى أن الشيك الورقي مازال هو الوسيلة الأكثر استخداماً في المعاملات ولاسيما المعاملات التجارية، لكونه أداة دين ملزمة من الناحية القانونية. وأضاف أنه في الوقت الحالي يمكن لعملاء البنوك استخدام الخدمات المصرفية عبر «الإنترنت» لجدولة دفعات مالية مستقبلية مستحقة مثل سداد الإيجار أو أي دفعات مالية أخرى.
وأشار إلى أن الانتقال إلى عصر المدفوعات الرقمية أمر لا خلاف على أهميته، ولكن يجب أن تعمل البنوك والجهات التنظيمية على وضع نظام قانوني سليم وأمن للمدفوعات عبر الشيكات الرقمية، بحيث يتلقى الدائن رسالة فورية أو إشعاراً إلكترونياً «مُلزم» فور توقيع المدين للشيك الرقمي من أجل حفظ الحقوق، موضحاً أن التحول للمدفوعات أو الشيكات الرقمية لو تم تنظيمه من الناحية القانونية سيوفر مزايا أفضل للمدين مقارنة بالشيكات الورقية. ونبه أنيس، إلى أن التحول إلى عصر الشيكات الرقمية سيضع عبئاً كبيراً على البنوك، حيث إن المخاوف المتعلقة بالأمن السيبراني، قد تكون من أهم التحديات التي تحد من التحول السريع إلى عصر الشيكات الرقمية، حيث يسود انطباع بأن تعرض أنظمة البنوك والمؤسسات لأي محاولات اختراق أو هجمات إلكترونية قد يعني ضياع حقوق الدائنين حائزي الشيكات الرقمية، مشدداً على أهمية دور البنوك في زيادة ثقة الأفراد بحفظ الحقوق المالية، لاسيما أن المعاملات التجارية تكون بمبالغ طائلة.
الشيكات الآلية
ذكر محمد السيد، استشاري إدارة مشاريع أنظمة ومشاريع تكنولوجيا المعلومات بدائرة المالية المركزية بالشارقة، أن خدمة الدفع الرقمي باستخدام الشيكات الآلية، تتيح العديد من المزايا والتسهيلات للمستخدمين من الجهات الحكومية والأفراد.
وقال: إن آليات العمل بنظام الدفع الرقمي عبر الشيكات الآلية، تشمل أتمتة إجراءات الدفع الرقمي كافة باستخدام الشيكات البنكية والتخلص من الإجراءات اليدوية كافة، وتزويد الجهات المشاركة بقارئ المسح الإلكتروني للشيكات البنكية، يليها تدريب موظفي الجهة على التعرف على الخصائص الأمنية للشيكات بواسطة مصرف الشارقة الإسلامي، وكيفية القراءة الآلية لتفاصيل الشيك.
وأشار إلى أن آلية الدفع عبر الشيكات الآلية تخضع لنظام حوكمة دقيقة بين الشيك والعميل والجهة، وتمكن من القيام بدفع رسوم معاملات عدة بواسطة شيك واحد، وكذلك دفع رسوم معاملة واحدة بشيكات عدة، مع إمكانية تسجيل وتحصيل الشيك الحال أو الآجل لسداد رسوم الخدمات.
رقمنة الشيكات
قدم مصرف الإمارات المركزي نظام مقاصة الشيكات باستخدام صورها في عام 2008؛ بهدف السماح باقتطاع قيمة الشيكات «رقمنة الشيكات الورقية إلى نموذج إلكتروني للتسوية» عند نقطة قبولها، مع توفير آلية دفع آمنة وفعالة وقوية في دولة الإمارات. ووفق النظام، تقوم البنوك بتسوية الشيكات الصادرة على الحسابات التي تحتفظ بها بناء على الصور الإلكترونية لهذه الشيكات، بحيث يقلل هذا النظام من اعتماد البنية التحتية للدفع على الحركة المادية للشيك الورقي، وبالتالي تسهيل وتقصير دورات المقاصة والتسوية.
مقاصة الشيكات
بلغ عدد الشيكات التي تمت تسويتها عبر نظام مقاصة الشيكات، خلال فترة الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، نحو 7.325 مليون شيك، وبلغت قيمة الشيكات المقاصة باستخدام نظام مقاصة الصور (ICCS) نحو 421.745 مليار درهم.
وأشارت البيانات إلى أن عدد الشيكات المصدرة خلال عام 2023 بلغ 22.125 مليون شيك بقيمة 1.263 تريليون درهم، وأظهرت الإحصائيات أن عدد الشيكات في عام 2022 بلغ 21.819 مليون شيك بقيمة 1.225 تريليون درهم.