الأحد 8 سبتمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإمارات الأكثر جهوزية لقيادة قطاع وقود الطيران المستدام في الشرق الأوسط والعالم

الإمارات الأكثر جهوزية لقيادة قطاع وقود الطيران المستدام في الشرق الأوسط والعالم
15 يوليو 2024 01:23

كولجيت غاتا أورا*

تعاونت أنا وزملائي في فريق بوينج على مدى العام والنصف الماضيين مع حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وقادة الناقلات الجوية وشركاء قطاع الطيران وأصحاب المصلحة الآخرين لنرسم فصلاً جديداً في مجال الطاقة المتجددة بدولة الإمارات.
وكان إيماننا راسخاً منذ البداية، بأن ثقافة الابتكار والتعاون في دولة الإمارات يُمكن أن توفر القاعدة المتينة والأساسية لإنشاء مركز إقليمي جديد لوقود الطيران المستدام.
أطلقنا في نوفمبر الماضي Air-CRAFT، وهو اتحاد بحثي مقره الإمارات العربية المتحدة، يُركّز على تطوير وإنتاج وتوسيع نطاق تقنيات وقود الطيران المستدام، وذلك على هامش مؤتمر إيكاو الثالث بشأن الطيران والوقود البديل (CAAF/3) الذي عُقد في دبي قبل مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28).
تسارعت في الآونة الأخيرة وتيرة نشر وقود الطيران المستدام في الإمارات العربية المتحدة، وافتتح معالي عبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات، في وقت سابق من الشهر الجاري، الاجتماع العام السنوي الثمانين للاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» وسلّط الضوء على إمكانات دولة الإمارات في إنتاج وقود الطيران المستدام وأهمية الشراكات مع القطاع الخاص.
إضافةً إلى ذلك، أعلنت «إياتا» أنها ستنشئ سجلاً لوقود الطيران المستدام لتُمكّن قطاع الطيران التجاري من تتبع جودة وكميات الوقود المستدام المستخدمة بدقة، مما يؤدي إلى بناء سوق عالمية للوقود المستدام تسمح لشركات الطيران بشراء الوقود المستدام بغض النظر عن مكان إنتاجه، لذا أضحت قيمة السفر الجوي أولويتنا في جعله مستداماً، قدر الإمكان، واضحة كوضوح الشمس. 
 التزم قطاع الطيران بخفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050، وهو العام الذي يتوقع أن تتجاوز فيه حركة النقل الجوي 10 مليارات رحلة للركاب على مستوى العالم.
وباعتبارنا نعمل في دولة الإمارات، فإننا ندرك أن الطيران هو قطاع محوري في هذه الدولة الحيوية، حيث يتم نقل المسافرين والبضائع والإمدادات المنقذة للحياة عبر المطارات لكافة أنحاء العالم.
ويربط السفر الجوي بين الناس والثقافات والشركات، ويوفر حلولاً بالغة الأهمية مثل عمليات الإنزال الجوي الإنسانية وحتى نقل الأعضاء لعمليات زرع الأعضاء. ويدعم هذا القطاع ما يقرب من 800 ألف وظيفة في دولة الإمارات، ويُسهم بنحو 13.3% في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
لكن يتعين علينا الحفاظ على فوائد الطيران والعمل بأقصى قدر ممكن من الاجتهاد للحد من آثاره البيئية.
ولتحقيق هذه الغاية، لا بد من وضع استراتيجية واسعة النطاق نحن في شركة بوينج نؤمن بأن الطيران قادر على خفض الانبعاثات من خلال أربع خطوات هي: استبدال الأساطيل القديمة بطائرات أحدث وأكثر كفاءة، وتوفير كفاءة تشغيلية أكبر من خلال الأدوات الرقمية، وتطوير الطائرات عبر تزويدها بتقنيات متقدمة وجديدة تشمل الدفع بالهيدروجين والكهرباء والتصاميم الديناميكية الهوائية الجديدة، أما الخطوة الرابعة والأهم فهي الطاقة المتجددة. ويمكن لوقود الطيران المستدام أن يخفض انبعاثات الكربون طوال دورة حياة الوقود بنسبة تصل إلى 85% وهو متوافق مع البنية التحتية الحالية. ويمكن مزجه اليوم مع وقود الطائرات العادي بنسبة تصل إلى 50%، ويمكنه العمل بسلاسة مع الطائرات الحالية ولا يتطلب أي تغييرات في البنية التحتية للتزود بالوقود.
وسنحتاج إلى كميات هائلة من وقود الطيران المستدام، إن أردنا الوفاء بالتزام قطاع الطيران المدني الذي يرمي إلى تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وتتركز التحديات التي تقف في وجه توسيع نطاق هذا الوقود في العرض المحدود والتكاليف المرتفعة. 
ولهذا السبب، فإن موقع دولة الإمارات القيادي والفريد قد يكون عنصراً أساسياً في تعزيز انتشار وقود الطيران المستدام. حيث اتفقت حكومات أكثر من 100 دولة خلال مؤتمر إيكاو الثالث بشأن الطيران والوقود البديل على إطار عالمي لتعزيز إنتاج وقود الطيران المستدام هنا في الإمارات.
وتُعد دولة الإمارات من كبار المستثمرين في مجال الطاقة المتجددة وأول دولة في المنطقة توقع على اتفاقية باريس للمناخ، كما تتمتع بإمكانات كبيرة في تطوير تقنيات وقود الطيران المستدام الناشئة المسماة «الطاقة إلى سوائل» أو PtL.
هناك عدة طرق لإنتاج PtL، أحدها استخدام الكهرباء المتجددة وثاني أكسيد الكربون والماء وتحويلها إلى هيدروكربون سائل مثل وقود الطائرات. وتعتبر المصادر الوفيرة للطاقة المتجددة في دولة الإمارات (مثل أشعة الشمس الشديدة والرياح المستمرة) والقدرة على احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه من الهواء أو من مصادر محددة مثل غازات النفايات الصناعية، جميعها عناصر مهمة في إنشاء مركز لإنتاج الوقود المستدام هنا.
وأظهر تقرير صادر عن دولة الإمارات بدعم من شركة بوينج، أن إنتاج ما يصل إلى 11 مليون طن من وقود الطائرات المستدام بحلول عام 2050، وهو ما يعادل نحو 70% من استهلاك وقود الطائرات على المستوى الوطني، مع دعم أكثر من مليون وظيفة في مختلف أنحاء الإمارات  يُعد هدفاً طموحاً، لكن ممكن التحقيق.
وتوقعت دراسات أخرى فرصاً مماثلة، وتهدف الخطة الوطنية للوقود المستدام للطيران في دولة الإمارات إلى إنتاج 700 مليون لتر من وقود الطيران المستدام سنوياً من خلال الاستفادة من جميع المصادر المتاحة.
ويتطلب إنشاء قطاع جديد تعاوناً قوياً بين الشركاء، وأظهرت شركات الطيران في دولة الإمارات بالفعل التزامها العميق بتطوير قطاع الطيران المستدام.
وأكملت «طيران الإمارات» في العام الماضي أول رحلة تجريبية في المنطقة تعمل بوقود الطيران المستدام بالكامل على متن طائرة بوينج 777-300ER. كما قامت «طيران الاتحاد» في عام 2019 بتشغيل أول رحلة في العالم باستخدام مزيج من وقود الطيران المستدام، والذي احتوى وقوداً تم تصنيعه في الإمارات  من نباتات مزروعة في المياه المالحة (من خلال مشروع أساسي تدعمه بوينج). إضافةً إلى ذلك، اختبر برنامج بوينج ecoDemonstrator 2020 على طائرة الاتحاد طراز 787-10 تقنيات جديدة لتقليل ضوضاء الطائرات والانبعاثات أثناء الطيران بمزيج من وقود الطيران المستدام.
ومن خلال Air-CRAFT وعمل الشركات الرائدة في دولة الإمارات مثل «مصدر»، أشعر اليوم بتسارع وتيرة توسيع نطاق استخدام وقود الطيران المستدام في دولة الإمارات العربية المتحدة. 
تحظى دولة الإمارات باعتراف عالمي بفضل ريادتها في مجال الطيران والعمل المناخي والطاقة المتجددة. وتمتلك موقعاً فريداً، يُمكنها من ضمان استمرار نمو قطاع الطيران من خلال التقنيات منخفضة الكربون. وسنستطيع تحقيق ذلك فقط إذا استمر جميع الشركاء وأصحاب المصلحة في التعاون والعمل والإنجاز لإطلاق العنان لإنتاج وقود الطيران المستدام في الشرق الأوسط وحول العالم.
*رئيس شركة بوينج في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا وآسيا الوسطى

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©