مصطفى عبدالعظيم (دبي)
تتهيأ المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات لبدء مرحلة جديدة من الازدهار والنمو بعد أن اجتازت بنجاح مرحلة الصمود أمام تداعيات جائحة كوفيد -19، وفقاً لنتائج التقرير الأول لبنك رأس الخيمة الوطني حول مؤشّر ثقة الشركات الصغيرة والمتوسّطة.
وأظهرت نتائج التقرير الذي أطلقه «راك بنك» بالتعاون مع شركة آر إف آي جلوبال للأبحاث المستقلّة، أن ثلثي الشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة تنظر بإيجابية تجاه بيئة العمل المستقبلية على صعيد محلي.
وبحسب التقرير، الذي تم الكشف عنه خلال مؤتمر صحفي عقد في دبي، سجّل مؤشّر الثقة العام بين الشركات الصغيرة والمتوسّطة في الإمارات 61 نقطة، وهو رقم يستند إلى تحليل أجرته شركة آر إف آي جلوبال لمؤشّرات الاقتصاد الكلي في الإمارات، فضلاً عن الإجابات على مسح استبياني طال أكثر من ألف شركة صغيرة ومتوسّطة في شهرَي نوفمبر وديسمبر 2023، وكلّها ساهمت في إعداد المؤشّر النهائي.
وفي ظلّ تخطّي معظم القطاعات الواردة في التقرير معدّل الـ50 نقطة، يتضّح أن الشركات الصغيرة والمتوسّطة تشهد فترة من النمو، تسندها الزيادات الملحوظة في الإيرادات في العامَين الأخيرَين، ولا سيّما ضمن قطاعات أساسية مثل البناء والتصنيع والخدمات العامة.
وقال الرئيس التنفيذي لبنك رأس الخيمة الوطني، راحيل أحمد: «تُشكّل الشركات الصغيرة والمتوسّطة ركيزة كل اقتصاد سليم، وينطبق ذلك بشكل خاص على الإمارات، حيث تستأثر الشركات الصغيرة والمتوسّطة بنسبة 94% من الشركات وتُساهم في إجمالي الناتج المحلي بنسبة تفوق 50%. لذا قرّرنا أن يتمحور التقرير حول قطاع الشركات الصغيرة والمتوسّطة، بالتوازي مع الأولوية التي نوليها لدعم هذه الفئة المزدهرة من الشركات من خلال تأمين معلومات وتحاليل عمليّة تُسهّل عليها اتّخاذ القرارات، في سبيل تحقيق المزيد من النمو والنجاح».
نمو الاقتصاد
ويلفت التقرير إلى توقّعات اقتصادية قوية للإمارات، حيث من المتوقّع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي للقطاعات غير النفطية بنسبة تتخطّى 4% عام 2024، وإجمالي الناتج المحلي بنسبة 5.70%.
ويُشير مؤشّر بنك رأس الخيمة الوطني لثقة الشركات الصغيرة والمتوسّطة إلى تعافٍ ثابت ومستمرّ في بعض العوامل الاقتصادية، مثل معدّلات إشغال الفنادق التي لامست مستويات ما قبل الجائحة، ممّا يُشير إلى تعافي قطاع السياحة، وهو مؤشّر يُساهم في التطلّعات الإيجابية عموماً للشركات الصغيرة والمتوسّطة حول إيراداتها المستقبلية والمشهد التجاري في الأشهر الـ12 المقبلة.
وتطرق التقرير إلى التحديات التي واجهتها الشركات الصغيرة والمتوسّطة، بما في ذلك ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة والمصاريف التشغيلية وغيرها من التكاليف، واستحداث ضريبة الشركات وكلفة رأس المال/الائتمان، مشيراً إلى أنه لتجاوُز هذه التحديّات، لا بدّ من أن تحظى الشركات الصغيرة والمتوسّطة بدعم مستمرّ واهتمام متواصل من المؤسّسات المالية.
حلول تمويلية
يوضح التقرير أنه في حين أنّ الشركات الصغيرة والمتوسّطة تتبنّى الابتكار والتوسّع بصورة فاعلة، وتُظهر توجّهاً قوياً لإطلاق منتجات وخدمات جديدة، لكنّها أظهرت قاسماً واحداً مشتركاً، وهو الدور المحوري الذي يؤدّيه الدعم المصرفي، فهناك حاجة واضحة في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسّطة للحلول المالية والخدمات الاستشارية المفصّلة بحسب احتياجاتهم. وقدّم المؤشّر تحليلاً معمّقاً للأجواء العامة في قطاعات مختلفة، مع تركيز خاص على مجالات البناء والتصنيع، والنقل، والتجارة، والخدمات العامة، والخدمات المهنية، وخدمات المستهلك والتجزئة، بحيث سجّلت كل القطاعات ثقة قوية.
أعلى زيادة
ووفقاً للمؤشر، سجّل قطاع البناء والتصنيع 62 نقطة على مؤشر الثقة، وشهد أعلى زيادة في الإيرادات في العامَين الأخيرَين مقارنةً بقطاعات أخرى. أمّا الشركات الصغيرة والمتوسّطة التي تعتمد على قطاع النقل، فسجّلت 60 نقطة على مؤشّر الثقة، وأظهرت تفاؤلاً حذراً يُعزى إلى تعديل الأسعار، ونيّة واضحة لاكتشاف قنوات تشغيلية جديدة.
وبرزت الشركات الصغيرة والمتوسّطة التي تعمل في مجال الخدمات العامة والخدمات المهنية، مسجّلةً 62 نقطة على مؤشّر الثقة، ومردّ ذلك النمو الملحوظ في الإيرادات، تلتها التي تعمل في مجال خدمات المستهلك والتجزئة والتجارة، والتي سجلت 59 نقطة بين المؤسّسات التي شملها الاستطلاع في هذه القطاعات.