حسونة الطيب (أبوظبي)
بينما وضعت حكومات العالم نصب أعينها أهدافاً طموحة للتصدي للتغير المناخي، يرى المطورون ضرورة ارتفاع أسعار الكهرباء، بُغية تحقيق هذه الأهداف.
وتتسم هذه السنة بزيادة الصعوبات التي تواجه قطاع طاقة الرياح البحرية العالمية، حيث ارتفعت تكاليف التمويل متزامنةً مع ارتفاع أسعار الفائدة ومصحوبةً بارتفاع أسعار العديد من مكونات التوربينات، ما دفع بعض المطورين للتراجع عن بيع الكهرباء أو الدخول في صفقات الدعم، التي تغطي مشاريع محددة، خاصة في أميركا والمملكة المتحدة.
تلقت مشاريع طاقة الرياح البحرية في جميع أنحاء العالم، ضربة ثلاثية، تتمثل في ارتفاع معدل التضخم في سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار الفائدة وإحجام الحكومات عن تعديل معايير المزادات، للاستجابة لظروف السوق الجديدة.
وحقق القطاع، تطوراً سريعاً، منذ بناء أول مزرعة لطاقة الرياح البحرية في العالم قُبالة ساحل الدنمارك في العام 1991، مزودة بـ11 توربيناً، قادرة على تزويد 2.2 ألف منزل بالكهرباء.
ولدى مزارع اليوم المقدرة على توفير الكهرباء لملايين المساكن، في حين ساعدت الزيادة في أحجام التوربينات والانخفاض الكبير في أسعار الفائدة، في خفض التكلفة الكلية للبناء والتشغيل بنسبة بلغت نحو 60% في الفترة ما بين 2010 و2021، بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا).
يمثل توليد الكهرباء بطاقة الرياح عاملاً رئيساً في تنفيذ خطط الحكومات الرامية لخفض انبعاثات الكربون. وتقدر نسبة طاقة الرياح في مزيج الطاقة في المملكة المتحدة، التي تحتل المرتبة الثانية كأكبر سوق لهذا النوع من الطاقة، بنحو 13%، في الوقت الذي أسهم فيه القطاع بنسبة ضئيلة لم تتجاوز سوى 0.8%، من إنتاج الكهرباء حول العالم خلال العام 2022، وفقاً لفاينانشيال تايمز.
وضمن محاولات العالم، لتقليص الاحتباس الحراري، لا بد من زيادة هذه النسبة، من خلال استبدال المحطات العاملة بالفحم والغاز والنفط، بمصادر الطاقة المتجددة. وترى الوكالة الدولية للطاقة وأيرينا، أهمية زيادة سعة طاقة الرياح من واقع 70 جيجا واط حالياً، لأكثر من 2 ألف جيجا واط بحلول العام 2050.
ومن أجل تحقيق أهداف طاقة الرياح البحرية التي حددتها الحكومات حول العالم، يتطلب ذلك توفير أكثر من 60 جيجا واط في 2029 ونحو 77 جيجا واط في 2030، بالمقارنة مع 3 جيجا واط التي تمت إضافتها سنوياً من دون الصين، في الفترة بين 2015 و2021، بحسب وكالة وود ماكينزي الاستشارية.
أعلنت الشركات العاملة في سلاسل توريد مزارع طاقة الرياح، عن خسائر أو تراجع في أرباحها في الفترة بين 2015 إلى 2021، في الوقت الذي زادت فيه سعاتها التشغيلية لمقابلة الطلب المتزايد.
أسعار
في الوقت الذي ارتفعت فيه التكاليف بنسبة كبيرة، ظلت الأسعار المتفق عليها للكهرباء المولدة بطاقة الرياح البحرية، على ما هي عليه. وعادة ما يقوم مالكو المحطات، بتوقيع اتفاقيات طويلة الأجل لبيع الكهرباء قبل البدء في عمليات الإنشاء، حتى تكون لديهم صورة واضحة فيما يتعلق بالعائدات في المستقبل، وتفادي تقلبات الأسعار الفورية للطاقة. وبما أن العديد من هذه العقود، تبدو في حالة سيئة مع زيادة تكاليف البناء، أضر ذلك وبشكل خاص بمشاريع التنمية في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة.
صفقات
بينما حصلت مشاريع تقدر سعتها الكلية بنحو 53 جيجا واط حول أنحاء العالم المختلفة، على صفقات بيع الكهرباء أو ضمانات أسعار في الفترة بين عامي 2017 و2022، حصلت أخرى سعتها 23 جيجا واط، على عمليات تمويل. كما تواجه التي تقدر سعتها بنحو 18 جيجا واط، مستوى معيناً من الضغوطات، في الوقت الذي تراجعت فيه المشاريع ذات الـ5 جيجا واط، عن صفقات مبيعات الطاقة طويلة الأجل.
لا يخلو طريق طاقة الرياح البحرية، من المطبات، في ظل الأهداف التي حددتها الحكومات حول العالم، في حين تستمر المملكة المتحدة ومنطقة شمال غرب أوروبا، في الهيمنة على هذه السوق. كما تظل قضية الأسعار، واحدة من التحديات التي ربما تعرقل مسيرة هذه الطاقة وسهولة انتشارها.