عدد اليوم
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تستهدف دولة الإمارات أن تصبح مركزاً عالمياً لتجارة أرصدة الكربون عالية الجودة، لتكون واحدة من أهم أسواق الامتثال العالمية لأرصدة الكربون.
واتخذت دولة الإمارات خطوات فعلية ضمن هذا التوجه ومنها إطلاق تحالف الإمارات للكربون الذي يضم البائعين والمشترين والتجار ومطوّري مشاريع المناخ والمؤسسات المالية، والشركات، والبورصات، والوسطاء بهدف دعم تطوير ونمو السوق.
كما بدأت بنوك محلية توفير خدمات تداول عقود الكربون الآجلة من أجل تلبية الطلب المتزايد من الشركات لإدارة انبعاثاتها الكربونية ودعم الاستراتيجية الوطنية لتحقيق الحياد المناخي، حيث تصل القيمة التقديرية لتسهيلات تداول عقود الكربون الآجلة للعملاء إلى 850 مليار دولار عبر ستة برامج عالمية لتداول الانبعاثات.
ويأتي ذلك التوجه لمواكبة التوجهات العالمية ومنها على سبيل المثال تبنى نظام الاتحاد الأوروبي لتداول الانبعاثات، لنهج «الحد الأقصى والتداول»، حيث يتم تحديد «حد أقصى» لكمية الغازات الدفيئة التي يُسمح للشركات بإنتاجها، وفي حال تجاوزت الشركة الحد الأقصى المسموح به، فيجب عليها شراء تصاريح (تسمّى أيضاً «مخصصات») من الشركات الأخرى ذات الانبعاثات الأقل.
وإلى ذلك شهدت الدولة توقيع شراكة استراتيجية لتمكين المؤسسات والشركات من تقييم وقياس البصمة الكربونية الخاصة بها عبر أداة رقمية سهلة الاستخدام، فضلاً عن دعم الحكومة الإماراتية نمو أسواق تداول الكربون عبر التخطيط لإطلاق بورصات ودور مقاصة لتداول أرصدة الكربون ضمن أسواق الامتثال العالمية.
وعالمياً شهدت العاصمة الكينية «نيروبي» المزاد الأكبر في العالم لبيع أرصدة الكربون الطوعية، وهو مزاد عالمي أقامته شركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية RVCMC في نيروبي ويعد الثاني للشركة منذ إطلاقها في عام 2022.
وشهد المزاد طرح أكثر من مليوني طن من أرصدة الكربون عالية الجودة، التي تتماشى مع معايير (كورسيا) المسجلة في برنامج (فيرا) للبيع لأكثر من 15 شركة من السعودية وخارجها. ويتم بناء أرصدة الكربون من مشروعات تتجنب توليد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أو تلتقط الانبعاثات من الغلاف الجوي وتخزنها.
تحالف الإمارات
وشهدت دولة الإمارات مؤخراً إطلاق تحالف الإمارات للكربون، وهو مجموعة من الشركاء الذين يكرسون جهودهم لدعم تطوير ونمو سوق للكربون بدولة الإمارات. وسيكون التحالف ممثلاً عن المشترين والبائعين لأرصدة الكربون والتجار ومطوّري مشاريع المناخ والمؤسسات المالية، والشركات، والبورصات، والوسطاء.
ويرحب تحالف الإمارات للكربون بجميع المنظمات والمؤسسات الملتزمة بدفع أجندة وأهداف إزالة الكربون في الإمارات، ما سيسهم في تسهيل الحوار على مستوى القطاع في جميع الصناعات وتطوير إطار عمل قوي لسوق الكربون.
ويضم تحالف الإمارات للكربون، الذي أطلقته «المسرعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي (UICCA)، التي يقع مقرها الرئيسي في سوق أبوظبي العالمي، مجموعةً من المؤسسات التي تدرك أهمية أرصدة الكربون وتأثيرها الفعّال في تحقيق مستهدفات صافي الانبعاثات الصفري. والأعضاء المؤسسون للتحالف هم شركة AirCArbon Exchange (ACX)، وبنك أبوظبي الأول، وشركة مبادلة للاستثمار، وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة، بالإضافة لـ «المسرعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي».
وسيعمل تحالف الإمارات للكربون على إقامة تعاون وطني يجمع بين المشاركين الرئيسيين في السوق، بهدف تعزيز جهود إزالة الكربون وتطوير معايير وأطر مبتكرة لتمويل مبادرات الكربون المثمرة، ورفع الوعي والمعرفة حول أسواق الكربون، بجانب دعم المؤسسات في تنفيذ برامجها ومبادراتها المكرّسة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وسيساهم تأسيس سوق للكربون يحقق أعلى درجات المرونة والشفافية والجوّدة في توجيه الاستثمارات ورؤوس الأموال نحو المشاريع الداعمة لجهود إزالة الكربون، كما سيتيح للشركات منهجية وآليات شاملة لتسريع رحلّة تحوّلهم وتحقيق الأهداف المرجوّة في الحد من الانبعاثات.
مكانة الإمارات
ويرسخ تحالف الكربون مكانة الإمارات كمركز رائد لأسواق الكربون عالية الجوّدة والشفافية، وبما يدعم الجهود المرجوة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. وسيقوم تحالف الإمارات للكربون بدور حيوي في تسهيل الحوار الشامل بين جميع أصاحب المصلحة بجانب وضع إطار عمل قوي وخطة تنفيذية واضحة لسوق الكربون في دولة الإمارات، في حين ستلعب المسرعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي دوراً مهماً في توجيه أساليب الوصول إلى حلول أرصدة الكربون في المنطقة، وتسهيل تعاون أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص في هذا الشأن.
أرصدة الكربون
اتخذ بنك الإمارات دبي الوطني، زمام المبادرة في المنطقة بتوفير خدمات تداول عقود الكربون الآجلة، ما يسهم في تلبية الطلب المتزايد من الشركات لإدارة انبعاثاتها الكربونية ودعم الاستراتيجية الوطنية لتحقيق الحياد المناخي.
ويستهدف البنك الاستمرار في تصدّر مشهد تداول الكربون المتسارع في المنطقة مع توفير المرونة اللازمة للعملاء لبيع أرصدة الكربون عند بلوغ أهداف الاستدامة الخاصة بهم حيث تتيح تسهيلات تداول عقود الكربون الآجلة للعملاء الوصول إلى هذه السوق سريعة النمو التي تصل قيمتها التقديرية إلى 850 مليار دولار عبر ستة برامج عالمية لتداول الانبعاثات.
وتدعم الحكومة الإماراتية نمو أسواق تداول الكربون عبر التخطيط لإطلاق بورصات ودور مقاصة لتداول أرصدة الكربون. كما يساهم إطلاق مجموعة «بنك الإمارات دبي الوطني» لتسهيلات التداول في أسواق الامتثال لأرصدة الكربون في تعزيز وصول الشركات إلى التمويل المرتبط بالاستدامة في ضوء الطلب المتزايد على الحلول التمويلية المرتبطة بممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
وقال أحمد القاسم، رئيس الأعمال المصرفية للهيئات والمؤسسات لمجموعة بنك الإمارات دبي الوطني، إن الهدف من تلك المبادرة هو تسهيل وصول العملاء إلى أسواق الامتثال العالمية لأرصدة الكربون، ومن خلال فريق الأسواق العالمية التابع للمجموعة، سيتمكن العملاء من الاستثمار في أسواق أرصدة الكربون العالمية لدعم طموحاتهم في تحقيق صافي انبعاثات صفري وبلوغ أهداف الاستدامة الخاصة بهم.
منصة تداول
قال فيجاي بينز، كبير مسؤولي الاستدامة، رئيس الحوكمة البيئية والاجتماعية للمجموعة في بنك الإمارات دبي الوطني، إن إطلاق البنك لمنصة تداول أرصدة الكربون يعتبر محطة مهمة للوصول إلى أسواق الكربون الأكثر تنظيماً في العالم، ويتماشى ذلك مع مبادرة عام الاستدامة والهدف المحدد وطنياً لدولة الإمارات في خفض الانبعاثات بنسبة 31% بحلول عام 2030 مقارنةً بالوضع الاعتيادي للأعمال، مشيراً إلى أن الوصول إلى أسواق الكربون على شكل أرصدة وتعويضات سيصبح أمراً محورياً لدعم الشركات في تحقيق صافي انبعاثات صفرية بطريقة منظمة.
ولتمكين المؤسسات والشركات من تقييم وقياس البصمة الكربونية الخاصة بها، أبرمت مجموعة عمل الإمارات للبيئة شراكة استراتيجية مع شركة فارنك المتخصصة في مجال إدارة المرافق الذكية والخضراء في دولة الإمارات بحيث تحسب أداة «كربون تك» الرقمية التي طورها خبراء إدارة الكربون الداخليون في «فارنك»، انبعاثات الكربون عبر جميع النطاقات الثلاثة للانبعاثات، مع إعداد تقرير مخصص قائم على النشاط خاص بكل عميل.
ويستهدف تقديم تقييم الكربون مساعدة المؤسسات والشركات التي تتوق إلى تقليل تأثيرها على البيئة، ولكنها قد لا تفهم أين وكيف تبدأ رحلتهم نحو تحييد الكربون.
