حسام عبدالنبي (دبي)
يختبر الذهب حالياً من الناحية الفنية مستوى الدعم عند 1930 دولاراً، وهو جعل عدداً من المحللين الماليين يؤكدون أن المعدن الأصفر يقف في الوقت الراهن عند مفترق طرق بين مواصلة موجات الهبوط أو الانطلاق نحو مستويات قياسية من الارتفاع.
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»، إن تخفيض التصنيف الائتماني لأميركا أدي إلى ارتفاع المخاوف وضعف شهية المخاطرة في الأسواق بشكل ملحوظ، مؤكدين أن توقعات توقف الفيدرالي الأميركي عن رفع أسعار الفائدة سيعطي قوة صاعدة لسعر الذهب على المديين المتوسط والبعيد.
وأكدوا أن الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة العالية رفعت تكلفة الفرصة لامتلاك المعدن النفيس غير المدر للعوائد، لافتين إلى أن الذهب سجل أعلى طلب من البنوك المركزية في النصف الأول من العام الحالي، حيث أضافت البنوك المركزية حول العالم كمية قياسية من الذهب إلى احتياطاتها خلال النصف الأول من عام 2023.
طلب قياسي
ترى تشارو تشانانا، الخبيرة الاستراتيجية في الأسواق الآسيوية في ساكسو ماركت، أن الذهب سجل أعلى طلب من البنوك المركزية في النصف الأول من العام الحالي، حيث أضافت البنوك المركزية حول العالم كمية قياسية من الذهب إلى احتياطاتها خلال النصف الأول من عام 2023.
وأضافت أنه وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي، فقد بلغت مشتريات الذهب الصافية للبنوك المركزية 387 طناً خلال النصف الأول من العام، وكان ذلك أعلى إجمالي للنصف الأول من العام منذ بدء المنظمة في تجميع البيانات الفصلية في عام 2000، مشيرة إلى أن البنك الشعبي الصيني كان أكبر المشترين، تليه هيئة مونتاري سنغافورة، في حين أصبحت تركيا بائعاً صافياً في الربع الثاني بسبب ديناميكيات السوق المحلية.
تعافي الأسعار
وقال فيجاي فاليشا، رئيس قسم الاستثمار في شركة «سنشري فاينانشال»: إن تداول أسعار الذهب تم بشكل إيجابي يوم الخميس الماضي، بعد أن تمكنت من التعافي من أدنى مستوياتها خلال شهر واحد التي سجلتها في الجلسة السابقة، حيث انخفض مؤشر الدولار الأميركي قبيل بيانات التضخم الأميركي المنتظرة بشدة.
وأوضح أن هذه البيانات يمكن أن تؤثر على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المتعلقة بأسعار الفائدة المستقبلية، وقد ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.2% إلى 1918.24 دولار للأوقية، حيث يتداول قرب أدنى مستوى له منذ 10 يوليو الذي وصل إليه يوم الأربعاء، فيما كانت عقود الذهب الأميركي مستقرة عند 1951 دولاراً، مشيراً إلى أن مؤشر الدولار الأميركي كان يتداول بانخفاض نسبته 0.08%، ما يجعل المعدن النفيس أرخص للمستثمرين الأجانب.
ويرى فاليشا، أن أي تراجع أكبر من المتوقع في أرقام التضخم الأساسية يمكن أن يعزز من اتجاهات انكماش التضخم ويمنح دعماً لأسعار الذهب، لاسيما أن أسعار الفائدة العالية قد رفعت تكلفة الفرصة لامتلاك المعدن النفيس غير المدر للعوائد، والذي انخفض بنسبة تزيد على 7% منذ الارتفاع القريب من أعلى مستوياته في مايو، ملمحاً إلى أن مستويات التضخم الأساسية المرتفعة جداً وظروف سوق العمل المتوترة، قد تثني مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن تخفيض أسعار الفائدة هذا العام، وهذا سيضغط بشكل سلبي على المعدن الأصفر.
وأكد فاليشا أن المتداولين يرون أن هناك احتمالية بنسبة 86.5% لعدم رفع أسعار الفائدة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم في سبتمبر، وبناء على ذلك يتوقعون أن تكون الخطوة التالية للبنك المركزي خفضاً في أسعار الفائدة، على الأرجح في ربيع عام 2024، منوهاً بأن توقعات سعر الذهب ستتحول إلى تفاؤلية عندما تبدأ الأسواق في تسعير احتمالات زيادة أسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
ترقب الأسواق
ترى رانيا جول، محلل أسواق في الشرق الأوسط في XS.com، أن سعر الذهب يقف عند مفترق طرق مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع، تزامناً مع ارتفاع الدولار الأميركي وعوائد سندات الخزانة الأميركية، حيث يترقب المتداولون والمستثمرون المزيد من الأحداث المهمة في الأسواق، والتي من أهمها بيانات جداول الرواتب غير الزراعية المقرر صدورها في وقت لاحق اليوم.
وقالت: إن خفض التصنيف الائتماني للديون السيادية الأميركية إلى AA+ من AAA من قبل وكالة «فيتش»، أدى إلى ارتفاع المخاوف وضعف شهية المخاطرة في الأسواق بشكل ملحوظ، خاصة بعد أن انتقدت وزيرة الخزانة جانيت يلين خفض التصنيف ووصفته بأنه «تعسفي» وعفا عليه الزمن، مما جعل حركة أسعار الذهب مقابل الدولار ضعيفة وجانبية، مؤكدة أن المخاوف بشأن ديون الولايات المتحدة زادت أيضاً بعد أن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية يوم الأربعاء الماضي أنها ستسعى لإصدار 103 مليارات دولار الأسبوع المقبل، ارتفاعاً من 96 مليار دولار في المرة السابقة.
وأكدت جول، أنه في المقابل، يتوقع السوق الآن أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أصبح قريباً من نهاية دورة التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة، ما سيعطي قوة صاعدة لسعر الذهب على المديين المتوسط والبعيد.
وذكرت أن التحليلات تظهر أن تقلبات سعر الذهب المستقبلية كانت تتلاشى مؤخراً، لكنها ارتفعت في ساعات التداول القليلة الماضية، ما يشير إلى سيطرة عدم اليقين على الأسواق واحتمالية حدوث حركة تقلبات كبيرة في الأسعار قريباً.
وأوضحت أنه من الناحية الفنية يختبر سعر الذهب حالياً دعم خط الاتجاه عند 1930 دولاراً، وفي حالة حدوث اختراق السعر للأسفل فمن المحتمل أن يكون الدعم التالي في منطقة 1885 و1895 دولاراً، حيث تشمل هذه المنطقة السعرية سلسلة من القيعان السابقة ومستوى المتوسط المتحرك البسيط لمدة 200 يوم (SMA) ومستوى تصحيح فيبوناتشي 38.2% للحركة من 1614 إلى 2062 دولاراً، لافتة إلى أنه في السيناريو الصاعد قد تكون المقاومة عند مستوى القمة الأخيرة 1950 دولاراً، يليها المقاومة العنيدة عند مستوى 2000 دولار.