الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: تشديد نقدي أوروبي لا يتوقف

محمد كركوتي يكتب: تشديد نقدي أوروبي لا يتوقف
31 يوليو 2023 02:11

كانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، من أكثر المشرعين الماليين تشدداً حيال رفع الفائدة. فقد التزمت «المقاومة» ضد زيادة تكاليف الاقتراض، لفترة تعد طويلة، بينما كانت تهديدات الموجة التضخمية تتراكم. 
لكن الوضع انقلب رأساً على عقب، بعدما وجدت لاجارد، أنه لا مناص من اللجوء إلى التشديد النقدي، لوقف التضخم الذي ضرب الاقتصاد الأوروبي عموماً، واقتصاد منطقة اليورو على وجه الخصوص. صحيح أن ارتفاع أسعار المستهلك انخفضت في الشهر الماضي إلى 5.5% من 6.1% في مايو الماضي على أساس سنوي، لكن الصحيح أيضاً أن تهديدات التضخم لا تزال قائمة، وأن هناك ضغوطاً موجودة على صعيد أسعار الغذاء والطاقة، وأن هذه التهديدات قد تتعاظم في فصل الشتاء المقبل، عندما يرتفع الطلب على الطاقة، بينما لا تزال الحرب الأوكرانية دائرة، وتؤثر مباشرة.
أمام هذا المشهد، لم يكن هناك مجال أمام «المركزي الأوروبي» إلا لرفع الفائدة في مراجعته الأخيرة 25 نقطة أساس إلى 3.75%، علماً بأن هذا المستوى من تكاليف الاقتراض لا يزال أقل مقارنة بمثيليه في كل الولايات المتحدة وبريطانيا. 
الرفع الأخير هو التاسع على التوالي، لتصل الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ العام 2008، السنة التي انفجرت فيها الأزمة الاقتصادية العالمية، مخلفة آثاراً لا تزال قائمة بصورة أو بأخرى حتى اليوم. 
وكما هو الحال على الساحة الأميركية، بات الأوروبيون متمسكون بمواجهة التضخم، بصرف النظر عن الآثار السلبية للتشديد النقدي على النمو المتوقع في المستقبل. 
فمع أكثر التوقعات تفاؤلاً، لن تتمكن منطقة اليورو من تحقيق نمو بنهاية العام الجاري أكثر من 1%، وهذا يعني أن اقتصاد المنطقة لن يدخل الركود الذي تخشى منه الحكومات حول العالم. مع ضرورة ملاحظة وجود تباين بين دولة وأخرى على صعيد النمو ضمن نطاق المنطقة الأوروبية.
كل الأنظار باتت متجهة الآن، نحو المراجعة المقبلة لمستويات الفائدة الأوروبية في سبتمبر المقبل. مع تراجع التضخم، ربما أقدمت إدارة «المركزي الأوروبي» على التوقف عن الزيادة، على أمل أن تعطي دفعاً للنمو بصرف النظر عن مستواه. 
والمشكلة هنا، تكمن بأن بيانات مؤشر مديري المشتريات لا تزال أضعف من المتوقع، وهذا ما دفع المشرعين الأوروبيين إلى ترك الباب مفتوحاً أمام تعديل الفائدة في المستقبل. 
فالأمور ربما تحتم عليهم تجميد الفائدة عن حدودها الجديدة الراهنة، أملاً في المساعدة في تحريك أكبر للاقتصاد الأوروبي عموماً. ومن المشاكل الصعبة في نطاق منطقة اليورو، أن المصارف تلعب دوراً أساسياً في تمويل اقتصاد المنطقة. 
فأسواق رأس المال ليست بالعمق وبالسيولة كما هو الحال في الولايات المتحدة. ومن هنا، يتم التعاطي مع مستويات الفائدة الأوروبية بحساسية شديدة، ما يفسر بالطبع امتناع كريستين لاجارد لفترة طويلة عن رفع تكاليف الاقتراض. 
كان من الصعب قبل موجات التشديد النقدي، أن يتوقع أحد أن ترتفع الفائدة 400 نقطة أساس في عام واحد. إنها ضربات التضخم التي لا ترحم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©