يوسف البستنجي (أبوظبي)
أكد خبراء أن القطاع العقاري في دولة الإمارات أصبح اليوم الوجهة المفضلة للثروات الخاصة في العالم، مع استقطاب القطاع لأصحاب المستثمرين ورؤوس الأموال الخاصة في الدولة والمنطقة والعالم، الباحثين عن فرص مجدية وسوق آمنة وشفافة ومستقرة.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد»، إن السوق العقاري في الإمارات يتميز بتوافر بنية تشريعية تحمي الحقوق لجميع الأطراف، ما يعزز من جاذبية السوق للمستثمرين من مختلف الجنسيات.
وأظهر تقرير صادر عن مصرف الإمارات المركزي حديثاً، أن قيمة المعاملات العقارية ارتفعت بشكل حاد في السوق الإماراتية، حيث تجاوزت قيمتها 500 مليار درهم بسوق دبي فقط عام 2022، وهو الأعلى على الإطلاق، بنمو 77% مقارنة مع العام الذي سبقه، كما شهد عام 2022 تسجيل نحو 122 ألف معاملة عقارية، بزيادة 45% عن عام 2021.
وأكد المصرف المركزي، أن قطاع العقارات في دولة الإمارات سجل نمواً قوياً خلال 2022، وهو الأعلى على الإطلاق، مدفوعاً بجاذبية السوق الإماراتية للمستثمرين، وتوفر سيولة عالية في السوق المحلية، وثروة كبيرة لدى المقيمين بالدولة، والتي تم ضخها بقطاع العقارات، مبيناً أن غالبية المعاملات العقارية لم يتم تمويلها من البنوك.
نشاط قوي
وأوضح «المركزي»، أنه حافظ على ضوابط تحكم عمليات التمويل والإقراض للقطاع العقاري، وفي مقدمها الالتزامات المفروضة على المقترض من أجل الحد من المخاطر التي يمكن أن تترتب على التمويل العقاري، وتشمل هذه الضوابط، تحديد الحد الأقصى لنسبة عبء الديون من قيمة القرض، والتي حددت قيمة القرض لمشتري المنزل الأول (بما لا يتجاوز 85% لمواطني دولة الإمارات، و80% للمقيمين).
وذكر التقرير أن قطاع العقارات في الإمارات سجل نشاطاً قوياً في عام 2022، رغم الرياح المعاكسة في الاقتصاد العالمي، وزيادة عدم اليقين.
وبين أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، ظل السوق في دولة الإمارات وجهة جذابة للاستثمار.
ووفقاً لبيانات «المركزي»، فإن قطاع العقارات استحوذ على 18.5% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي لدولة الإمارات لعام 2021 فيما استحوذ على 22% من إجمالي محفظة الائتمان والتمويل وقروض القطاع المصرفي الإماراتي.
وقال المصرف، إن التمويل والإقراض الممنوح للقطاع العقاري شهد نمو متواضعاً بلغ 0.9% في عام 2022.
جذب الاستثمارات
من جانبه، قال الدكتور مهند الوادية المدير التنفيذي لشركة هاربور العقارية، والمحاضر في معهد دبي العقاري التابع لدائرة الأراضي والأملاك بدبي، إن عوامل عدة تضافرت معاً خلال الأعوام القليلة الماضية، وجعلت الاستثمار في السوق العقارية بدولة الإمارات، الخيار الأفضل عالمياً، للمستثمرين وأصحاب الثروات الخاصة.
وأوضح أنه في ظل منافسة شرسة بين مختلف الأسواق العالمية، على جذب الاستثمارات، ورؤوس الأموال، واستقطاب المستثمرين، تمكنت دولة الإمارات من خلال التطوير الذي أدخلته على تشريعاتها، لاسيما ما يتصل بقوانين الملكية للأجانب والإقامة، وتطوير بنيتها التشريعية التحتية، وتوفير الحلول الضرورية للمستثمرين، وتبني استراتيجيات ومبادرات تطويرية متعددة طويلة المدى، أن تصبح الخيار الأول لجميع المستثمرين الباحثين عن الأمن والآمان والاستقرار لثرواتهم الخاصة ولعائلاتهم أيضاً.
وأضاف: إن السنوات القليلة الماضية شهدت بوادر أزمة اقتصادية عالمية، أهم مؤشراتها ارتفاع مستويات التضخم والتي أدت لرفع مستويات الفائدة، ثم أزمة «كوفيد - 19»، وفي هذه الأثناء برزت دولة الإمارات كأحد أهم الخيارات التي يصعب منافستها على المستوى العالمي، من حيث مستويات الأمن والأمان والاستقرار، وتوفير فرص استثمارية مقرونة بإمكانية الحصول على إقامات ذهبية طويلة الأجل، و قوانين تحمي الحقوق لجميع الأطراف، في ظل السماح للمستثمرين بتملك مشاريعهم وشركاتهم بنسبة 100%.
بيئة تشريعية
وأوضح الودية أن الارتفاع الكبير في معدلات الفوائد على القروض والتمويل المصرفي دفع المستثمرين وأصحاب الثروات لاستخدام مدخراتهم وأموالهم الخاصة لتمويل شراء عقاراتهم، مبيناً أن 70% من الصفقات العقارية لتي أبرمت في دبي خلال عام 2022 كانت بتمويل ذاتي للمستثمرين دون الاقتراض من البنوك، مشيراً إلى أن هذا الاتجاه مستمر في السوق العقارية بدبي خلال الحالي أيضاً.
وقال: إن دبي سنت تشريعات جديدة سهلت للمطورين العقاريين توفير حلول للدفع متفقة مع القانون ومعترف بها وموثقة رسمياً، وهذا التطوير في البنية التشريعية مكن المشترين من الشراء دون تحمل عبء الفوائد المصرفية العالية جداً، والمتوقع أن تستمر كذلك لسنوات قادمة.
وأوضح أن القطاع العقاري في الإمارات يمتلك القدرة الكافية لتوفير حلول ميسرة ومناسبة تزيد جاذبيته للمستثمرين وأصحاب الثروات الخاصة، في ظل منظومة قانونية تشريعية محكمة وآمنة.
فرص واعدة
من جهته، قال أمجد نصر الخبير المصرفي، إنه في عام 2022 ومع بدء موجة ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع مستويات التضخم بعد فترة الجائحة، أصبحت الأسواق العالمية تشهد حالة من الضبابية وغياب الرؤية، حتى على صعيد الاستثمار في الذهب؛ لذلك بدأ أصحاب الثروات الخاصة في البحث عن وجهة جاذبة لحماية رؤوس أموالهم من التآكل والحفاظ على سلامة القيمة الحقيقية لثرواتهم.
وقال: في هذا الوقت بدأ القطاع العقاري في الإمارات يعرض فرصاً استثمارية حقيقية ومجدية، ما جعله أحد أهم الوجهات لرؤوس الأموال الباحثة عن الاستقرار.
وأوضح أن هذا ترافق مع ظهور توجهات جديدة للشركات والمطورين العقاريين في دولة الإمارات، أهمها أن الشركات بدأت تطرح عقارات لذوي الدخل المتوسط، وبالتالي وسعت حجم سوقها لتشمل فئات كثيرة لم يكن في مقدرتها شراء عقارات بالدولة، بجانب بدء الكثير من المطورين بطرح آليات جديدة لتقسيط ثمن العقار مباشرة للعملاء دون وساطة البنوك، الأمر الذي حفز المشترين والمستثمرين للأخذ بهذا الخيار وتجنب أسعار الفائدة المرتفعة جداً التي تطلبها البنوك للتمويل العقاري.
وقال نصر: هذه التطورات في سوق العقارات بالإمارات، في ظل انحسار الفرص الاستثمارية عالمياً و الضبابية في مستقبل أسعار الصرف ومستويات التضخم وغيرها، جعل العقارات في دولة الإمارات هي الهدف الأهم والملاذ الآمن لأصحاب الثروات الخاصة.
ارتفاع الأسعار
أظهر التقرير الصادر عن المصرف المركزي، أن أسعار العقارات في القطاع السكني في أبوظبي سجلت زيادة طفيفة، بنمو 1.5% خلال 2022، فيما انخفضت الإيجارات في أبوظبي بنسبة 1%.
وفي قطاع العقارات السكنية في دبي سجلت الأسعار ارتفاعاً بنسبة 17.3% في عام 2022، وصلت الإيجارات إلى مستويات قياسية، بزيادة قدرها 26.9%، كما ارتفعت عائدات الإيجارات إلى حوالي 7.2.