حسام عبدالنبي (دبي)
توقع خبراء ماليون نمو سوق المعادن الثمينة في دولة الإمارات، بما يشمل الذهب والمجوهرات والفضة والسبائك الذهبية، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.66% حتى عام 2030، ليسجل 13.21 مليار درهم بحلول نهاية العقد الجاري. وأجمع هؤلاء على أن الاستثمار في الذهب في دولة الإمارات سيواصل النمو المطرد بدعم عدد من العوامل، أهمها تنامي أهمية المعدن الأصفر في تنويع المحافظ الاستثمارية، خصوصاً أنه يشكل وسيلة تحوط فعالة خلال فترات التضخم المرتفعة أو انهيار الأسواق، فضلاً عن حرص المستثمرين على شراء الذهب والاحتفاظ به كاحتياطات نقدية وتسييله؛ نظراً لثقتهم بأن الاستثمار في مجال الذهب هو الأكثر أماناً.
وقالوا لـ«الاتحاد»، إنه على المستوى العالمي، سيزداد الطلب على الذهب في ظل أسعار الفائدة المرتفعة، والحرب الروسية الأوكرانية، والركود المحتمل، والتجاذبات السياسية بين أكبر القوى في العالم، لاسيما أن الاضطرابات العالمية قد أدت إلى أن تقل قيمة عملات العديد من الدول أو حتى انهيارها. وأشاروا إلى أن شراء البنوك المركزية أكثر من 1000 طن من الذهب على مدار العام الماضي، وهو رقم قياسي ويمثل أيضاً أكثر من 20% من إجمالي الطلب العالمي، يشير إلى أن العالم قلق للغاية بشأن المستقبل، ما قد يمثل دعماً إضافياً لأسعار الذهب عالمياً.
توقعات النمو
من جهته، قدر باس كويمان، الرئيس التنفيذي، مدير الأصول في شركة «دي إتش إف كابيتال»، قيمة سوق المعادن الثمينة في دولة الإمارات، بما يشمل الذهب والمجوهرات والفضة والسبائك الذهبية، بنحو 8.52 مليار درهم في عام 2020، متوقعاً نمو السوق بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.66% حتى عام 2030، ليسجل 13.21 مليار درهم بحلول نهاية العقد الجاري، في ظل عددٍ من العوامل التي تسهم في تعزيز التقدم الذي تشهده السوق في الدولة، وأهمها أن أصول الذهب تمتلك قوة استثنائية تدفع المستثمرين الخبراء إلى تنويع محافظهم الاستثمارية، بما يشمل إضافة نسبة 5-10% من الذهب على الأقل.
وقال كويمان، إن قيمة الذهب تزداد مع مرور الوقت، ما يعني أن الاستثمار في قطاع الذهب لا يعني فقط التغلب على واقع السوق، وإنما يشكل وسيلة تحوط فعالة خلال فترات التضخم المرتفعة أو انهيار الأسواق. ودلل على ذلك بتحقيق دولة الإمارات المرتبة الأولى في مجال استهلاك الذهب في منطقة الشرق الأوسط، حيث اشترى المستهلكون في الدولة كمية إجمالية تبلغ 46.9 طناً من الذهب، بزيادة تبلغ 38% منذ عام 2021.
وأوضح أن المستثمرين والسكان الهنود في دولة الإمارات والبالغ عددهم 8.2 مليون نسمة، ساعدوا في نمو قطاع الذهب، إذ يحرص المستثمرون الهنود على شراء الذهب والاحتفاظ به كاحتياطات نقدية وتسييله؛ نظراً لثقتهم بأن الاستثمار في مجال الذهب هو الأكثر أماناً، لافتاً إلى أن أهمية الذهب تكمن في كونه واحداً من أقدم الأدوات المالية، وأبرز الاستثمارات طويلة الأمد، ويزداد الطلب على هذا المعدن الثمين مع تسارع عملية الرقمنة حول العالم، وظهور العديد من الاضطرابات العالمية التي أدت إلى تقلب قيمة عملات العديد من الدول أو حتى انهيارها.
وأشار كويمان إلى أهمية المعدن الأصفر في الاقتصاد العالمي، وامتلاكه العديد من الخصائص الاقتصادية التي تتجاوز المزايا المادية، حيث شكل الذهب معياراً للقيمة في التاريخ، أسوة بالأصول العقارية، ولكن دون انخفاض القيمة بسبب ضرائب الرهن العقاري أو تكلفة صيانة الممتلكات.
وذكر أن طرق الاستثمار القديمة وتخزين المعادن تحافظ على مكانتها البارزة، على الرغم من ظهور العملات الرقمية كأصول حديثة، حيث تجاوزت القيمة الإجمالية لتجارة الذهب 275.25 مليار درهم في عام 2021، منوهاً بأن عمليات التنشيط الاقتصادي التي تقودها الجهات الحكومية تسهم في ترسيخ مكانة دبي لتكون مدينة الذهب، علماً بأنّ قيمة الذهب ترتبط بمفهوم تقييم الطلب مقابل العرض وتوجهات السوق، إلى جانب الاستقرار السياسي والاقتصادي.
ملاذ المستثمرين
بدورها، أفادت فرح مراد، خبيرة تحليل الأسواق لدى «XTB MENA»، بأن الذهب لطالما كان هو ملاذ المستثمرين في الأوقات المضطربة، وبالنظر إلى حركة الأسعار في الأشهر الأخيرة، يبدو أننا نعيش حالياً في مثل هذه الأوقات، مرجعة ذلك إلى التضخم المرتفع للغاية، وأسعار الفائدة المرتفعة، والحرب الروسية الأوكرانية، والركود المحتمل، والتجاذبات السياسية بين أكبر القوى في العالم.
وأوضحت مراد أنه على الرغم من وجود حالة من عدم اليقين لبعض الوقت، فقد كافح الذهب لتوفير شعور بالأمان لفترة طويلة.
وأضافت أنه قبل فترة رصدنا طلباً قوياً على الاستثمار المادي للذهب في شكل سبائك أو عملات معدنية، وأيضاً طلباً على الذهب المادي من قبل البنوك المركزية، حيث شهدنا في عام 2022 شراء البنوك المركزية أكثر من 1000 طن من الذهب على مدار العام، وهو ما لم يكن رقماً قياسياً فحسب، بل كان يمثل أيضاً أكثر من 20% من إجمالي الطلب العالمي، فضلاً عن تجاوز الطلب الاستثماري بالكامل تقريباً، معتبرة أن مشتريات الذهب من قبل البنوك المركزية قد تشير إلى أن العالم قلق للغاية بشأن المستقبل.
توقعات إيجابية
ذكر أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى «ساكسو بنك»، أن مشتري الذهب يتطلعون أبعد من العقبات الحالية، وبشكل عام نحتفظ بتوقعاتنا الإيجابية للذهب، حيث قد نشهد وصوله إلى أعلى مستوى قياسي جديد عندما يضطر الاقتصاد إلى الانكماش خلال النصف الثاني من العام، ويجبر الاحتياطي الفيدرالي في النهاية على تجميد الفائدة وتخفيضها.
وقال إنه في الوقت الحالي، ما زال التحكم باتجاهات الذهب يتم بواسطة التطورات في أسواق أسعار الفائدة على المدى القصير، حيث يضع المتداولون رهانات على اتجاه أسعار فائدة صندوق الاحتياطي الفيدرالي، وبعد قرار مفاجئ قبل أيام من قبل بنك كندا بإعادة حملته لرفع أسعار الفائدة، تراجعت قيمة المعدن الأصفر قبل أن تتلقى عرضاً جديداً قرب منطقة الدعم عند مستوى 1935 دولاراً، لافتاً إلى أن شركات إدارة الأموال- بما في ذلك المتداولون مرتفعو المخاطر، مثل صناديق التحوط ومتابعو الاتجاهات (CTA)- تعتبر أحد اللاعبين الرئيسيين في سوق السلع، لا سيما سوق الذهب مع سيولته العميقة.
وأكد هانسن أن الأصول الإجمالية في صناديق التداول المدعومة بالذهب شهدت انخفاضاً طفيفاً خلال الأسبوع الماضي، ولكن بشكل عام، يُنظر حالياً إلى التصحيح الحالي كفرصة لتجميع الذهب. وأضاف أن سعر الذهب حالياً يتحرك ضمن نطاق ضيق بعرض 50 دولاراً، مع وجود دعم في منطقة 1930 - 1935 دولاراً، بينما يتعذر الارتفاع بسبب المتوسط المتحرك لمدة 21 يوماً الذي يقدر حالياً بـ 1969 دولاراً، ومن ثم مستويات القمة الأخيرة حول 1985 دولاراً.
وأشار إلى أنه على المدى القصير، إذا تجاوز السعر مستوى 1930 دولاراً هبوطاً للأسفل، فقد يستهدف المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم عند 1840 دولاراً، ولكن طالما بقي السعر فوق 1800 دولار، فإن النظرة الفنية ستستمر في تفضيل الارتفاع المتجدد، مرجحاً أن يؤدي تباطؤ الاقتصاد الأميركي في الأشهر المقبلة إلى الحد من الحديث عن زيادة في أسعار الفائدة الإضافية، وعندما يحدث ذلك، ستتاح الفرصة لدفعٍ جديد نحو مستوى قمة جديدة لأسعار الذهب.