يوسف البستنجي (أبوظبي)
يستحوذ قطاع الخدمات المالية حالياً على النصيب الأكبر من سوق الخدمات المشتركة المتنامي في دولة الإمارات، بنسبة بلغت %36 من الإنفاق، يليه القطاع العام والجهات الحكومية الأخرى بنسبة %16، بحسب ناصر النبهاني الرئيس التنفيذي لشركة «سلوشنز بلس»، إحدى الشركات التابعة لـ«مبادلة للاستثمار».
وقال النبهاني لـ«الاتحاد»: إنه من ناحية المهام الوظيفية، يتركز الإنفاق على الخدمات المشتركة في دولة الإمارات بشكل أساسي في إدارات تقنية المعلومات بنسبة 62% ودعم العملاء بنسبة 21%، ما يمثل 83% من إجمالي إنفاق السوق.
وأوضح أن شركة «سلوشنز بلس» قامت باختبار المخاطر والفرص التي تأتي مصاحبة لنموذج الخدمات المشتركة، فقد عملت الشركة منذ إنشائها في العام 2014، في مجال التقنيات والمشتريات والتمويل وإدارة المرافق والموارد البشرية، لإتاحة المجال لعملائها للتركيز على أعمالهم الأساسية. وقال: من خلال العمل على نموذج الخدمات المشتركة الذي يركز على التحول الرقمي، حقق عملاء الشركة وفورات في التكاليف تزيد على 300 مليون درهم، ونجحوا في خفض زمن معالجة المدفوعات بنسبة 75% علاوة على إجراء أكثر من 14 ألف معاملة شهريًا.
وأضاف: نتيجة لذلك، قامت «سلوشنز بلس» بمعالجة معاملات سنوية لعملائها بقيمة تزيد عن 530 مليار درهم إماراتي، ويتضح من ذلك أن الخدمات المشتركة تعد اليوم أداة مهمة لدعم جهود التنويع الاقتصادي، وسوف تسعى المزيد من الشركات وصناع السياسات إلى الاستفادة من المزايا المحتملة للخدمات المشتركة، أثناء تعاملهم مع التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي وزيادة التنافسية في عالم اليوم.
الخدمات المشتركة
وقال النبهاني: إنه يمكن لقطاع الخدمات المشتركة أن يلعب دوراً مهماً في هذا المجال، علاوة على المساعدة في تحقيق تلك الأهداف من خلال تحسين التكاليف والكفاءة وتمكين الابتكار، وتعد الخدمات المشتركة بشكل أساسي، وظائف دعم مركزية تستخدمها وحدات الأعمال أو الإدارات داخل الشركات أو القطاعات، ومن بينها الخدمات المالية والمحاسبة والموارد البشرية وتقنية المعلومات والمشتريات وغيرها من المهام المساندة، ومن خلال تجميع هذه الموارد والخبرات، يمكن للخدمات المشتركة تحقيق وفورات في الحجم، وتحسين جودة الخدمات، وتقليل التكاليف.
وبين النبهاني أنه يهيمن على سوق الخدمات المشتركة قطاعان فرعيان هما: «تقنية المعلومات» و«إسناد العمليات التجارية»، وتشمل تقنية المعلومات خدمات الحوسبة السحابية واستضافة الإنترنت والأمن السيبراني والنسخ الاحتياطي للبيانات. ويغطي إسناد العمليات التجارية العديد من الوظائف، من بينها كشوف الأجور والمرتبات وخدمات الموارد البشرية الأخرى والتسويق وخدمة العملاء والتمويل والخدمات اللوجستية.
وقال: يمكن أن يضيف تنفيذ الخدمات المشتركة قيمة إلى جهود التنويع الاقتصادي في دولة الإمارات من خلال أوجه عدة، تتمثل في المساعدة بخفض تكاليف ممارسة الأعمال التجارية، فمن خلال تحسين التكاليف، ستبدو الشركات تلقائيًا أكثر جاذبية لدى المستثمرين، وبالتالي تحفيز الاستثمارات الأجنبية في الأعمال التجارية في دولة الإمارات، كما أنه يمكن للخدمات المشتركة تحسين كفاءة وفعالية العمليات التجارية.
وأضاف: من خلال تحويل الوظائف الداعمة نحو النموذج المركزي وتوحيد العمليات، يمكن لقطاع الخدمات المشتركة المحلي القضاء على أوجه القصور وتحسين جودة الخدمة، وكذلك من خلال عمل الخدمات المشتركة على تحفيز الابتكار والنمو عبر توفير الموارد والسماح للشركات بالتركيز على كفاءاتها الأساسية.
مرونة عالية
وقال النبهاني: من شأن ذلك أن يعزز المرونة اللازمة للاستجابة لظروف السوق المتغيرة والفرص الناشئة، وهذا أمر مهم بشكل خاص في القطاعات التي تتعرض لاضطرابات كبيرة، مثل قطاعي التقنية والرعاية الصحية.
وبالإضافة إلى ذلك، تساعد الخدمات المشتركة على جذب الاستثمارات الأجنبية والكوادر البشرية المميزة.
وأكد أنه من خلال توفير بيئة أعمال عالية الجودة وفعالة من حيث التكلفة، تسهم الخدمات المشتركة في ترسيخ مكانة دولة الإمارات كأحد أكثر الوجهات العالمية جاذبية للشركات متعددة الجنسيات والمهنيين المحترفين، ويساعد هذا على إيجاد دورة متكاملة من الاستثمار والابتكار والنمو الاقتصادي، كما أن فرق التوقيت الملائم بين دولة الإمارات والدول الأوروبية، وسهولة إصدار التأشيرات وسياسات الإعفاء من الضرائب، كل هذه عوامل تجعل الدولة وجهة رئيسية للخدمات المشتركة.
وقال النبهاني: يمكن للركائز الرئيسية للخدمات المشتركة، أن تدعم جهود بناء الاقتصاد القائم على المعرفة، من خلال اعتماد الحوسبة السحابية والاعتماد المتزايد على قدرات الذكاء الاصطناعي.
التوطين والتدريب
أكد ناصر النبهاني الرئيس التنفيذي لشركة «سلوشنز بلس» أن نمو الخدمات المشتركة يدعم جهود التوطين.
وقال: «حالياً يعاني سوق العمل من قصور في هذا المجال، حيث تسعى الشركات للحصول على الخبرات الأجنبية لتلبية متطلبات العمل قصيرة الأجل، وذلك في الوقت الذي توجد فيه قائمة طويلة من الخريجين الجدد من المواطنين، حيث يمكن للخدمات المشتركة أن تتيح لمواطني دولة الإمارات إمكانية صقل وتطوير مهاراتهم، وبالتالي توفير فرص واسعة لهم، ويعد قربهم من الشركات التي تحتاج إلى هذه الخدمات ميزة إضافية أخرى». وأشار إلى أن برنامج «أتدرب من أجل العمل» الذي دشنته مبادلة، يعد مثالاً بارزًا على ذلك، حيث يتم تدريب مئات الشباب الإماراتيين لاكتساب الخبرات والمهارات وفرص العمل في العديد من المواقع المتنوعة التي تقدمها مبادلة في مجالات الرعاية الصحية والتحول الرقمي والتمويل والتقنيات والإدارات الخدمية. وبالطبع، هناك أيضًا تحديات ومخاطر مرتبطة بتنفيذ الخدمات المشتركة في دولة الإمارات. ويمكن أن تشمل هذه المشكلات المتعلقة بالثقافة واللغة والامتثال التنظيمي، بالإضافة إلى مخاوف تخص أمن البيانات والخصوصية. لكن يمكن معالجة مثل هذه التحديات من خلال التخطيط الدقيق والتواصل الفعّال وهياكل الحوكمة المؤسسية القوية.وأضاف: «مع توقع انخفاض معدل النمو الاقتصادي عن العام الماضي، والذي يعزى في المقام الأول إلى انخفاض مستويات إنتاج النفط، أصبحت الحاجة إلى تطوير قطاعات الاقتصاد القائمة على المعرفة أكثر أهمية. وعلى الرغم من أن دولة الإمارات، قد أحرزت تقدمًا كبيرًا في تقليل اعتمادها على النفط، فإن قطاع النفط والغاز لا يزال يمثل 30% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة و13% من إجمالي الصادرات».