أصدر مركز الإحصاء - أبوظبي تقريراً عن معدل الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي يظهر نمواً بنسبة 9.3% خلال عام 2022 مقارنة بالعام الذي سبقه، مواصلاً بذلك تصدره معدلات النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويُعزى النمو الذي شهدته القطاعات الاقتصادية بإمارة أبوظبي خلال عام 2022 إلى الإطار الاقتصادي الراسخ الذي يمتاز بقدرة عالية على التعامل مع المتغيرات العالمية، إلى جانب التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص، ما عزز المكانة الدولية لإمارة أبوظبي، وبرهن على قدرتها التنافسية بفضل ما شهده مناخها الاقتصادي من استقرار كبير في ظل التحديات التي واجهت الاقتصادات العالمية والإقليمية.
ويعكس هذا النمو الجهود التي تبذلها إمارة أبوظبي بدعم من دائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي لتحقيق أهداف استراتيجية التنويع، إذ تعمل على تأسيس بيئة اقتصادية داعمة ومحفزة للأعمال، وتطوير إطار تنظيمي متقدم، وإنجاز بنية تحتية ومنظومة اتصالات بمستويات عالمية، مما يعزز قدراتها على تحقيق تنمية اقتصادية ذكية ومستدامة. ويضاف إلى ذلك تبني أبوظبي خطوات استراتيجية لتنويع اقتصادها مع اتباع سياسة مالية رشيدة أسهمت في التكيف استباقياً مع اتجاهات السوق العالمي، وشمل ذلك العديد من المبادرات لتحسين الأطر التشريعية والتنظيمية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر ودعم وتشجيع الاستثمار المحلي.
وتسهم استراتيجية أبوظبي الصناعية، التي أطلقت في يونيو 2022، في تعزيز جهود التنويع الاقتصادي، من خلال ترسيخ مكانة الإمارة بوصفها المركز الصناعي الأكثر تنافسية في المنطقة عبر استثمار 10 مليارات درهم في عدد من البرامج لزيادة حجم القطاع إلى 172 مليار درهم، وتوفير 13600 وظيفة، والإسهام في زيادة صادرات الإمارة غير النفطية إلى 178.8 مليار درهم بحلول عام 2031، من خلال مبادرات عدة لدعم التمويل الصناعي، وتعزيز سهولة ممارسة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحسين إمكانيات الاستفادة من البنية التحتية والمرافق المتطورة، ودعم التعاون مع شركاء محليين ودوليين.
الربع الرابع
وفقاً للتقديرات التي أصدرها مركز الإحصاء - أبوظبي، حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الربع الرابع 2022 نمواً بنسبة 5.9% بقيمة 278.3 مليار درهم مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2021، ووصلت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي 50.2% لتسجل 139.6 مليار درهم من القيمة الكلية للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من عام 2022.
وحسب تقديرات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022، زادت القيمة المضافة للقطاعات غير النفطية بنحو 43 مليار درهم بنهاية عام 2022، لتصل إلى 554.6 مليار درهم وبمساهمة بلغت 50% من الناتج المحلي الإجمالي.
وشهدت الأنشطة العقارية في أبوظبي ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 17.1% مقارنة بعام 2021، ويرجع هذا النمو إلى تزايد المشاريع العقارية خلال عام 2022، واهتمام المستثمرين الدوليين بالاستثمار في هذا القطاع الاستراتيجي.
وارتفعت معدلات النمو في أنشطة الصحة والخدمة الاجتماعية في أبوظبي بنسبة 16.6% خلال عام 2022 في دليل واضح على المساعي الجادة للإمارة لتعزيز المنظومة الصحية وفق أعلى المعايير العالمية، وتفعيل دور القطاع الخاص في تطوير جاهزية النظام الصحي من ناحية تقديم الخدمات وجودة الكادر الطبي وكفاءته وكفايته.
كما حقق نشاط تجارة الجملة والتجزئة في أبوظبي معدل نمو بنسبة 11.6% خلال عام 2022، إذ وصلت القيمة المضافة لهذا النشاط إلى 58.6 مليار درهم، وبمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي لأبوظبي بلغت 5.3%، ما يعكس النمو الكبير الذي شهدته الأسواق المحلية بالإمارة.
وزادت القيمة المضافة لنشاط النقل والتخزين عن 18.6 مليار درهم خلال عام 2022، إذ حقق هذا النشاط نمواً بنسبة 10.9%. ويشمل هذا القطاع عدة أنشطة منها نقل الركاب والبضائع عبر السكك الحديدية والوسائل البرية والجوية والبحرية وأنشطة التخزين ذات الصلة، بينما شهد نشاط الإقامة والطعام في أبوظبي معدل نمو بنسبة 11.9% خلال عام 2022 في دليل واضح على انتعاش قطاع السياحة في الإمارة التي تعد من أفضل الوجهات السياحية العالمية.
الصناعات التحويلية
وأظهرت أنشطة الصناعات التحويلية في أبوظبي نمواً بنسبة 9.7% خلال عام 2022، إذ أسهمت بنسبة 8.2% في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة ووصلت قيمتها المضافة إلى 90.8 مليار درهم. ومن المتوقع أن تستمر هذه الأنشطة في النمو مستفيدةً من استراتيجية أبوظبي الصناعية الطموحة التي تهدف إلى دفع النمو الاقتصادي، وتسهم بشكل كبير في تعزيز تجارة الإمارة مع الأسواق الدولية.
وحقق نشاط التشييد والبناء في أبوظبي معدل نمو ملحوظ بنسبة 7.6% خلال عام 2022، إذ وصل إلى 86 مليار درهم، ويعكس هذا النمو إسهامه المهم في الناتج المحلي الإجمالي لأبوظبي بقيمة 7.8%.
وشهدت الأنشطة المالية والتأمين في أبوظبي نمواً ملحوظاً بنسبة 7.4% وبلغت قيمتها 62.4 مليار درهم خلال عام 2022، وهو ما يمثل 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، إذ أدت الثقة المتزايدة للمجتمع الدولي في الإمكانات الاقتصادية لإمارة أبوظبي إلى ترسيخ مكانتها وجهة مفضلة للمستثمرين ورجال الأعمال وغيرهم من المهنيين من جميع أنحاء العالم.
التنويع الاقتصادي
وقال معالي أحمد جاسم الزعابي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية- أبوظبي: «يمثل استمرار الأداء القوي لاقتصاد أبوظبي دليلاً على الرؤية الصائبة لقيادتنا الرشيدة، وفعالية استراتيجية التنويع الاقتصادي، التي أسهمت في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة».
وأضاف: «تنظر دائرة التنمية الاقتصادية إلى الإنجازات التي حققتها أبوظبي وعززت مكانتها بصفتها وجهة عالمية مفضلة للأعمال والاستثمارات والكفاءات وأساساً للمرحلة المقبلة من مسيرة التنويع الاقتصادي، وهو ما يدفعنا إلى مواصلة المساعي الجادة لتطوير وتبني سياسات مرنة للتعامل مع التطورات الجيوسياسية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية التي تُسهم في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي. وتماشياً مع نموذج "اقتصاد الصقر" الذي يمتاز بتسارع النمو والتنوع والانفتاح الاقتصادي عبر رؤية استراتيجية تضع التنمية البشرية في صدارة أولوياتها، نواصل جهودنا لتسريع الاستفادة من التحول الرقمي والابتكار والتكنولوجيا في الخطط الاقتصادية والاجتماعية».
مشاركة القطاع الخاص
وقال عبدالله غريب القمزي، المدير العام لمركز الإحصاء - أبوظبي بالإنابة: «حققت إمارة أبوظبي معدلات نمو ملحوظة في ناتجها المحلي الإجمالي غير النفطي، مسجلةً زيادةً كبيرة بنسبة 8.4% بنهاية عام 2022. ويرجع هذا النمو إلى السياسات الاستراتيجية للقيادة الحكيمة التي تعطي الأولوية للتنويع الاقتصادي، وتكريس مشاركة القطاع الخاص، والاستثمار الأمثل في رأس المال البشري، وأسهمت هذه الإجراءات في تعزيز قدرة البيئة الاقتصادية للإمارة على مواجهة مختلف التحديات، وترسيخ مكانة أبوظبي على المستويين الإقليمي والدولي».
وأضاف: «في ضوء ما أظهرته تقديرات الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي لعام 2022، شهدت جميع القطاعات الاقتصادية نمواً كبيراً، مع أداء استثنائي للقطاعات الرئيسة، ما يعكس قوة ومتانة اقتصاد أبوظبي، ويؤسس لمستقبل واعد حافل بالفرص الاستثمارية».