عدد اليوم
تتيح الحوسبة الكمية للباحثين محاكاة وتطوير مواد ومحفزات جديدة، وتحسين الأدوية، وتسريع التقدم في الذكاء الاصطناعي، وحتى الإجابة عن أسئلة أساسية حول أصول عالمنا.
ووفقاً لشركة مايكروسوفت العالمية، تطبق الحوسبة الكمية خصائص فيزياء الكم في معالجة المعلومات، ولديها القدرة على حل أصعب التحديات في العالم خلال أيام أو ساعات فقط مقارنة بأجهزة الكمبيوتر الحالية التي تتطلب عشرات المليارات من السنين لحلها.
ففي الحواسيب التقليدية، تكون كمية البيانات مقاسة بالبت، أما في الحاسوب الكمي فتقاس كمية البيانات بالكيوبت. تحتفظ البتات التقليدية بقيمة ثنائية واحدة مثل 0 أو 1، أما الحواسيب الكمية فيمكن أن تحتفظ بالقيمتين في نفس الوقت، أي ما يُعرف بحالة التراكب الكمي.
عندما تعمل الكيوبت المتعددة بشكل متماسك، يمكنها معالجة خيارات متعددة في وقت واحد، ما يسمح لها بمعالجة المعلومات بوقت قصير.
الإلكترونات والفوتونات
تقول البروفيسورة سناء عودة، عضو هيئة التدريس وأستاذة علوم الحاسوب في جامعة نيويورك أبوظبي لـ«الاتحاد»: تعتمد الحوسبة الكمية على أجهزة تستخدم الجسيمات دون الذرية، مثل الإلكترونات والفوتونات، في شكل كيوبتات تسمح لها بالتواجد في أكثر من حالة في الوقت ذاته، على عكس الحواسيب التقليدية التي تعالج المعلومات بصورة بتات توجد في حالة ثنائية إما صفر أو واحد.
وتستكمل: من هنا تستمد الحوسبة الكمية قوتها الكبيرة، حيث تؤدي إضافة المزيد من الكيوبتات إلى تعزيز الأداء بشكل متضاعف، بخلاف قدرة معالجة البيانات في الحواسيب التقليدية، والتي تزداد بشكل خطي.
تطور التكنولوجيا
وعن مدى سرعة تطور هذه التكنولوجيا، تقول د.عودة: ادعت شركة جوجل تفوق الحواسيب الكمية في عام 2019، حيث أنجز حاسوبها المزود بمعالج بقوة 53 بت كمي مهمة معقدة خلال 200 ثانية كانت تستغرق 10 آلاف عام بأداء الحاسوب التقليدي الخارق، وهو ما يعطي مثالاً عملياً على نتائج هذا النوع من الحوسبة، وكشفت شركة آي بي إم العام الماضي عن معالج بقوة 433 بت كمي، وصرحت بأنها على وشك الوصول إلى معالج بقوة 1,000 بت كمي هذا العام، وهو ما أعلنت عنه العديد من الشركات الأخرى أيضاً.
وتجري حالياً عمليات تطوير أجهزة الحاسوب الكمية بسرعة تفوق التوقعات، تسهم في إحداث نقلة نوعية في العالم بفضل قدراتها الحسابية المذهلة، على الرغم من التهويل الكبير الذي يحيط بهذا المجال في الوقت الراهن والحاجة الماسة إلى اتخاذ بعض الخطوات المهمة واللازمة للحد من الأخطاء وزيادة مستويات استقرار أداء هذه الحواسيب، بحسب عودة.
نتائج الحوسبة الكمية
وحول نتائج الحوسبة الكمية مستقبلاً، تقول: يمكننا تخيل تأثير القدرة الحسابية الكبيرة للحوسبة الكمية على مختلف المجالات، بما في ذلك قطاعات الأمن والتمويل وتصميم الأدوية وتعلم الآلة والذكاء الاصطناعي وأبحاث البيانات الضخمة والتصنيع الرقمي، حيث سيكون بإمكاننا مثلاً تطوير لقاح لأي وباء قادم خلال أسبوع واحد بدلاً من عام في المستقبل.
مواجهة التغير المناخي
فيما يتعلق بمساهمة الحوسبة الكمية في مواجهة التغير المناخي، تؤكد د. سناء عودة أن الحوسبة الكمية تلعب دوراً كبيراً في إيجاد حلول لأبرز التحديات المتمثلة بالتغير المناخي والحاجة لإرساء مستقبل أكثر استدامة، وتتميز الحواسيب الكمية بقدرتها على رفد جهودنا بشكل كبير من خلال معالجة المشكلات المعقدة وتوفير حلول جديدة في العديد من المجالات.
وتوضح: يمكن أن تسهم قوة المعالجة الكبيرة في تحقيق اكتشافات مهمة في مجالات تحسين أنظمة الطاقة المتجددة، وتطوير النمذجة المناخية، وتحسين المواد والعمليات المستخدمة في التقاط وتخزين واستخدام الكربون، وتطوير مواد جديدة ليتم استخدامها في البطاريات وخلايا الطاقة الشمسية والمحفزات لإنتاج الطاقة النظيفة، وتحسين الشبكة الذكية وحلول النقل والزراعة واستخدام الأراضي.
الجهود الأكاديمية الإماراتية
وعن جهود جامعة نيويورك أبوظبي في مجال الحوسبة الكمية تقول: لطالما كان لدي الثقة بأن التكنولوجيا تساعد على نهوض المجتمع، لذلك قمنا في جامعة نيويورك أبوظبي بإطلاق مسابقة هاكاثون الدولية لإفادة المجتمع منذ 11 عاماً للمساعدة على تحقيق هذه الرؤية. ويسرّنا أن مسابقة هذا العام ستركز على استخدام الحوسبة الكمية لإيجاد حلول للمشكلات المرتبطة بشكل خاص بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وتم تحديد هذه الأهداف كمجالات قابلة للتطوير، كما يتوفر الكثير من التمويل والدعم الفني للشركات والمؤسسات القادرة على تطوير الحلول.
وتستكمل: في ضوء عام الاستدامة في دولة الإمارات ومشاركتنا في شبكة المناخ الجامعية، عمدنا إلى توظيف مسابقة هاكاثون الدولية لتوفير إطار فعال للطلاب المشاركين وإتاحة الفرصة أمامهم لتقديم مساهماتهم في مجتمع أوسع نطاقاً يركز على النتائج الملموسة، إلى جانب شركائنا في القطاع والأوساط الأكاديمية بما يشمل مايكروسوفت وجوجل ومؤسسة جنيف للعلوم والدبلوماسية والأمم المتحدة، ويمكن للطلاب المساهمة في تغيير العالم نحو الأفضل من خلال استخدام التكنولوجيا الكمية الحديثة.
