مصطفى عبد العظيم (دبي)
توقع صندوق النقد الدولي أن تحقق الموازنة العامة الأولية لدولة الإمارات، فائضاً قوياً خلال العام الجاري، يبلغ 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مرجحاً أن تحافظ الموازنة على تسجيل فوائض جيدة حتى عام 2028.
ورسم الصندوق في نسخة أبريل من تقرير «الراصد المالي»، آفاقاً إيجابية للمالية العامة في دولة الإمارات حتى عام 2028، على صعيد الموازنة والإيرادات والإنفاق وإدارة الدين العام ومختلف المؤشرات المالية.
ووفقاً لبيانات التقرير، يُعد فائض الموازنة العامة الأولية المتوقع في 2023، ثاني أعلى متوسط فائض خلال السنوات العشر الماضية، بعد الفائض الذي تم تسجيله عام 2022 والذي بلغت نسبته 9.4% من الناتج.
الموازنة الأولية
وتوقع تقرير الراصد المالي الذي يصدر مرتين سنوياً، أن تحقق الموازنة الأولية فائضاً يمتد حتى عام 2028، ليشكل نحو 4.2% من الناتج خلال عام 2024، ونحو 3.4% في عام 2025 و3% في عام 2026 و2.7% في عام 2027 و2.5% في عام 2028.
وبحسب بيانات التقرير، يتوقع أن تشكل الإيرادات العامة نحو 33% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2023، مقابل 35.4% في عام 2022، وأن تحافظ على مستوى مرتفع فوق 30% من الناتج حتى عام 2028، مع تسجيل نحو 32% من الناتج في العام المقبل، و31.2% في عام 2025، و30.7% في عام 2026، و30.3% في عام 2027، و30.1% في عام 2028.
وعلى صعيد الإنفاق الحكومي العام، توقع الصندوق أن يرتفع الإنفاق هذا العام إلى نحو 28.6% من الناتج مقارنة مع 26.4% من الناتج في عام 2022، مرجحاً أن يسجل الإنفاق العام المقبل نحو 28.4% ونحو 28.3% في عام 2025، ونحو 28.2% في 2026، و2027، ونحو 28.1% في عام 2028.
مستوى دين عام معتدل
وتوقع الصندوق أن تحافظ الدولة على مستوى دين عام معتدل في خلال الفترة من 2023 وحتى 2023، وأن يتراجع الدين هذا العام ليشكل نحو 29.4% من الناتج خلال العام المقبل، مقارنة مع 30.5% في عام 2023، وإلى 28.3% في عام 2025، وإلى نحو 27.2% في عام 2026، ونحو 26.2% في عام 2027، وإلى 25.2% في عام 2028.
وتستند توقعات تقرير الراصد المالي إلى قاعدة البيانات المستخدمة نفسها في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» و«تقرير الاستقرار المالي العالمي».
ويتولى اقتصاديو الصندوق، المختصون بشؤون البلدان المنفردة، إعداد توقعات المالية العامة لهذه البلدان، ويفترضون فيها أن السياسات المعلنة سيتم تنفيذها إعمالاً للمبادئ الإرشادية الموضوعة لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي.
الاقتصاد العالمي
وعلى الصعيد العالمي، شهدت الماليات العامة تقلبات حادة نتيجة الصدمات والإجراءات الحكومية غير المسبوقة، فبعد أن وصل الدين إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، مسجلاً 100% تقريباً من إجمالي الناتج المحلي عام 2020، نتيجة الانكماش الاقتصادي والدعم الحكومي الهائل، تراجع عجز المالية العامة منذ ذلك الحين مع انتهاء العمل بالتدابير الاستثنائية.
وخلال الفترة من 2021- 2022 سجل إجمالي الناتج المحلي الاسمي نمواً قوياً، فشهد الدين العالمي الانخفاض الأكبر على الإطلاق خلال 70 عاماً، حيث وصل إلى 92% تقريباً من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2022، وإن ظل متجاوزاً لمستواه في نهاية عام 2019 بحوالي ثماني نقاط مئوية.
وتشهد مستويات العجز الأولي تراجعاً سريعا لتقترب من مستويات ما قبل «الجائحة» في بلدان عديدة، بينما سجل العجز الكلي انخفاضاً أقل إلى حد ما بسبب تزايد مدفوعات الفائدة، ويعزى الجزء الأكبر من هذا الانخفاض الهائل في مستويات الدين والعجز الكلي إلى ديناميكية النمو والتضخم غير المعتادة.
اقتصادات الأسواق الصاعدة
بحسب التقرير، شهدت معظم البلدان في عام 2022، إيرادات مفاجئة بلغت 3.1% من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط في الاقتصادات المتقدمة و2.5% في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، كما سجلت البلدان المصدرة للنفط إيرادات استثنائية هائلة، وادخرت بلدان عدة جزءاً من فائض الإيرادات، بينما ازداد الإنفاق في العديد من البلدان الأخرى لمواجهة أزمة تكلفة المعيشة.
وفي بعض الحالات، لا سيما البلدان التي عانت رصيداً كبيراً من الدين بالعملة المحلية في بداية الأزمة، تراجعت نسب الدين بأكثر من عشر نقاط مئوية في عام واحد، بينما ارتفع إجمالي الناتج المحلي الاسمي.
ويرى التقرير أنه لا تزال آفاق المالية العامة معقدة على المدى القريب، ومن الضروري تحقيق الاتساق إلى حد كبير بين سياسة المالية العامة والسياسة النقدية لضمان الاستقرار السعري والمالي، مع الاستجابة في الوقت نفسه لبيئة اقتصادية يكتنفها عدم اليقين وأوضاع مالية متسارعة التغيير.
وفي عام 2023، يتوقع التقرير أن يسجل عجز المالية العامة الكلي عالمياً ارتفاعاً طفيفاً ليصل إلى 5% في المتوسط من إجمالي الناتج المحلي العالمي، في الوقت الذي تواجه فيه الحكومات ارتفاع فاتورة أسعار الفائدة وضغوطاً لزيادة الإنفاق العام، بما في ذلك الإنفاق على الأجور ومعاشات التقاعد لتعويض أثر التضخم السابق.
ويوضح التقرير أنه على المدى المتوسط، يتوقع أن يظل عجز المالية العامة متجاوزاً لمستويات ما قبل «الجائحة» في السنوات القليلة القادمة، وحسب التنبؤات الحالية فإن التشديد المالي، الذي يتوقع أن يكون معتدلاً وتدريجياً، لن يكفي للحيلولة دون استمرار المسار الصعودي لنسب الدين العام؛ نظراً لتباطؤ إجمالي الناتج المحلي الاسمي، مدفوعاً بعدد من الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة الكبرى.