حسام عبدالنبي (دبي) استبعد معالي عبد العزيز عبدالله الغرير، رئيس مجلس إدارة غرف دبي، رئيس مجلس إدارة اتحاد مصارف الإمارات، تأثر القطاع المصرفي الإماراتي، سلباً بالاضطرابات التي يشهدها القطاع المصرفي العالمي من إفلاس بنك «سيليكون فالي» والمشكلات التي واجهها بنك «كريدي سويس»، وتوقع أن يستمر زخم نمو أرباح البنوك الإماراتية خلال عام 2023، في ظل نمو الاقتصاد، وانتقال المزيد من الأعمال والشركات إلى الإمارات، فضلاً عن زيادة تعداد سكان الدولة من أصحاب الثروات بعد تسهيلات نظم الإقامة التي شجعت كثيرين على الانتقال للعيش والعمل في الإمارات وشراء العقارات.
ولفت خلال لقاء مع وسائل الإعلام إلى أن نجاح الإمارات في إدارة أزمة وتداعيات جائحة «كوفيد -19» مكنها من اجتذاب الأفراد والشركات للانتقال إلى الدولة، حتى أن شركات أوروبية عالمية قررت نقل مقراتها الرئيسية إلى الدولة، ما يعد دليلاً على الثقة وصحة السياسيات التي اتخذتها الدولة لاستقطاب الشركات العالمية.
الخدمات الذكية
وقال الغرير، إن القطاعات الاقتصادية المختلفة عادت للنمو بقوة وتحسنت ربحية البنوك مع تعافي الأعمال، لكنه أشار إلى أن طريقة ممارسة الأعمال شهدت تغيرات، سواء من حيث طريقة تسويق الخدمات وتوصيل الأعمال، ليصبح التوجه نحو الخدمات الذكية، منبهاً إلى ضرورة أن تكون الشركات مستعدة لتقديم الأعمال حسب النموذج الجديد، فعلي سبيل المثال فإن بنك المشرق كان لديه 55 فرعاً قبل جائحة «كوفيد 19»، ولكنه اتخذ قراراً جريئاً بتقليص عدد الفروع إلى 8 فقط وتوجيه كل الاستثمارات التي كانت مخصصة لافتتاح الفروع إلى التحول الرقمي، من أجل توفير تجربة عملاء أكثر سهولة وراحة، سواء في قطاع الخدمات المصرفية للأفراد أو الخدمات المصرفية للشركات.
ضريبة الشركات
وعن تأثير تطبيق ضريبة الشركات في الإمارات، أجاب الغرير، بأن ذلك الأمر جاء للتوافق مع المتطلبات العالمية، وسيوجد موارد حكومية يمكن إعادة توظيفها لتطوير البنية التحتية وجعل الدولة أكثر استعداداً للمستقبل خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة، رافضاً المبالغات في الادعاء بأن تلك الضريبة ستؤثر على تنافسية الدولة كوجهه عالمية لاستقطاب الشركات، على غرار الآراء غير الصائبة التي ترددت عند تطبيق ضريبة القيمة المضافة. وأكد الغرير، أن الشركات ستتقبل الضريبة بارتياح وستتوافق معها، طالما أنها تحقق أرباحاً جيدة في الإمارات، متسائلاً عن المكان الأفضل الذي يمكن للشركات الانتقال إليه للعمل من دون وجود ضريبة على الشركات، ولاسيما أن معدل الضريبة في الإمارات يعد تنافسياً للغاية والأقل عالمياً، ومشيراً في الوقت ذاته إلى وجود احتمالية لإزالة أو تخفيف بعض الرسوم الحكومية واستبدالها بضريبة الشركات، ولكن على المدى الطويل.
وأفاد الغرير، تعقيباً على سؤال بشأن النظام الجديد لاحتساب سعر الفائدة واحتمالية رفع الفائدة على القروض العقارية طويلة الأجل، بأن قرار «المركزي» بتغيير طريقة حساب سعر الفائدة، من معيار «LIBOR» إلى المعدلات المرجعية البديلة «ARRs»، كان خطوة ضرورية لزيادة الشفافية وضمان الحيادية في احتساب الفائدة بحيث لا تكون في صالح البنوك على حساب العملاء أوالعكس، منوهاً بأن هناك احتمالية لحدوث تغيير بسيط على الفائدة على بعض القروض، ولكن ذلك يصب في صالح تحقيق الحياد في طريقة الحساب.
هيمنة الدولار
ورداً على سؤال عن انتهاء عصر هيمنة الدولار الأميركي بعد إعلان مجموعة دول «بريكس» مناقشة إنشاء عملة موحدة، أجاب الغرير، بأن ارتباط الدرهم بالدولار الأميركي هو ارتباط دائم، خاصة عند النظر إلى المكاسب التي تحققت خلال السنوات الماضية من ضمان استقرار العملة المحلية وتجنب المضاربات التي عصفت بعملات عدد من الدول، معرباً عن اعتقاده بأنه من الصعب أن تقوم أي من دول المنطقة في الوقت الحالي بربط تجارتها بأي عملة بخلاف الدولار الأميركي أو أن تبيع النفط بعملة مختلفة، ولافتاً في الوقت ذاته إلى أن السنوات الخمس المقبلة قد تشهد تزايداً في عمليات التبادل التجاري بين بعض الدول بعملات محلية بخلاف الدولار، ما سيحدث نوعاً من التوازن.
الدمج والاستحواذ
وحول فرص الدمج والاستحواذ في القطاع المصرفي، قال الغرير إنه من الضروري التأكد من أن أي عملية دمج أو استحواذ ستكون مربحة، وهذا يتطلب دراسة متعمقة للأسواق وانتظار الفرصة المناسبة التي قد تظهر كل عامين أو ثلاثة.
وأوضح أن حجم القطاع المصرفي في دولة ما، لا يعكس بالضرورة قوة أو حجم اقتصاد تلك الدولة، إذ أنه على سبيل المثال يوجد في ألمانيا بنكان كبيران فقط، وفي بريطانيا أربعة بنوك كبيرة، على سبيل المثال، مؤكداً أنه سواء اندمجت البنوك أو لم تندمج، فالمهم هو تمكن واستمرارية القطاع المصرفي في دعم الحقبة الجديدة من النمو الاقتصادي للدولة، خاصة أن البنوك في الإمارات تمكنت على مدى الأعوام الخمسين الماضية من تسهيل النمو الذي حققه اقتصاد الدولة اليوم.
أمن البنوك
وأوضح الغرير، أن القطاع المصرفي يقود باقي القطاعات من حيث حجم الاستثمار والاهتمام بالأمن السيبراني وبيانات العملاء نظراً لحساسية التعاملات المالية. وقال: إن الأمن السيبراني أمر مهم، ليس للبنوك فقط ولكن لأمن الدول، إذ أن هناك تهديدات سيبرانية باستمرار وبأشكال مختلفة، وأصبحت تلك التهديدات تهدد البنى التحتية في بعض الأحيان، منبهاً بأن البنوك تعد الأكثر استهدافاً من قبل مجرمي الإنترنت الذين يستهدفون الحصول على الأموال عبر الهجمات الإلكترونية، ولذا فقد تم إنشاء هيئة اتحادية للإشراف وضمان الأمن السيبراني، وفي اتحاد مصارف الإمارات توجد لجنة متخصصة بالأمن السيبراني، كما تم التعاون مع المصرف المركزي لتبادل ومشاركة المعلومات مع باقي الأعضاء حول نوع ومنشأ الهجمات السيبرانية، من خلال منصة موحدة، بحيث يتم الإخطار الفوري للجميع عند تعرض أي من البنوك لهجمات إلكترونية، وهو ما يساعد كثيراً في الحّد من خطورة الهجمات في جميع البنوك.
جاذبية العقارات
ووفقاً لـ الغرير، فإن دولة الإمارات نجحت في إيجاد بيئة جاذبة للشركات والأفراد للعمل والعيش، ولذا فإن القطاع العقاري بدبي هو الأكثر جاذبية اليوم للاستثمار، على الرغم من بدء بروز مؤشرات على ضغوط في المعروض في بعض الشرائح، لافتاً إلى أن الاستثمار في العقارات لم يعد اليوم محصوراً في بعض الجنسيات، بل اليوم هنالك مستثمرون حتى من أوروبا بدأوا في شراء المنازل للانتقال بشكل دائم إلى الإمارات، خصوصاً أن أسعار العقارات في دبي ما تزال أقل عن نظيراتها في مراكز عالمية مثل هونغ كونغ ولندن وباريس، وسنغافورة، وميلان، وغيرها.
وخلال حديثة لوسائل الإعلام شدد الغرير، على أهمية الاستعداد للتغييرات المتلاحقة والسريعة، منبهاً إلى ضرورة الاستثمار للمستقبل لإدراك النجاح، وناصحاً في الوقت ذاته بإعادة استثمار 30% من العوائد المحققة من أجل الاستعداد للمستقبل، حتى وأن لم يتم تحقيق عوائد خلال السنوات الأولى للاستثمار.