أبوظبي (الاتحاد)
يرسخ قطار الاتحاد لنظام نقل متقدم تقنياً ومستدام يتماشى مع أهداف رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 ومئوية الإمارات 2071 من خلال توفير حلول نقل أسرع وأكثر دعماً لسلاسل التوريد الخضراء، بحسب خبراء عاملين بالقطاع.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد»: «تتسابق الشركات في الإمارات إلى تبني سلاسل التوريد الخضراء من خلال نهج شامل ومستمر لتقليل البصمة الكربونية، والحد من النفايات والتلوث، وتعزيز سمعتها وقدرتها التنافسية في سوق سريع»، مؤكدين أن الوعي المتزايد بتأثير النشاط البشري على البيئة أدى إلى زيادة الطلب على المنتجات والخدمات الصديقة للبيئة، والتي يتم إنتاجها وتسليمها بطريقة مستدامة.
ووفقاً لمسح أجرته شركة Nielson IQ، فإن %72 من المستهلكين العالميين على استعداد لدفع المزيد مقابل المنتجات المستدامة.
ووفقاً لتقرير إنسايت لعام 2021 الصادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية، فإن عدد ثماني سلاسل توريد، من المواد الخام إلى تصنيع المنتج النهائي، مسؤولة عن أكثر من نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
وتمتلك صناعة الأغذية أكبر بصمة كربونية بنسبة %25 من الانبعاثات العالمية، تليها صناعة البناء بنسبة %10.
القدرة التنافسية
وقالت الدكتورة شيرين نصار، المدير العالمي للدراسات اللوجستية، مدير ماجستير الخدمات اللوجستية وإدارة سلسلة التوريد في جامعة «هيريوت وات دبي» لـ «الاتحاد»، إنه مع استمرار تزايد المخاوف بشأن الاستدامة والمسؤولية البيئية في كل من الأعمال والمجتمع، يظل النقاش حول سلسلة التوريد الخضراء في عام 2023 أمراً بالغ الأهمية.
وأضافت أنه يمكن للشركات تقليل البصمة الكربونية، والحد من النفايات والتلوث، وتعزيز سمعتها وقدرتها التنافسية من خلال تطبيق سلاسل التوريد الخضراء، فضلاً عن لعب دور في مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، واستنفاد الموارد الطبيعية.
وقالت إنه لتحسين استدامة سلسلة التوريد، تتبنى الشركات نهجاً شاملاً ومستمراً لتقييم ممارساتها وتعديلها بانتظام حسب الضرورة، ولفتت إلى أنه يجب على الشركات أيضاً اعتماد طرق نقل مستدامة، مثل استخدام المركبات الكهربائية أو السفن التي تعمل بالوقود البديل، لتقليل انبعاثات الكربون. بالإضافة إلى ذلك يمكن للشركات التفكير في اعتماد سلسلة التوريد الخاصة بها باعتبارها صديقة للبيئة من خلال معايير الاستدامة المعترف بها، مثل LEED أو ISO14001.
وأوضحت أنه يمكن أن تساعد التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في سلسلة التوريد الشركات في تحديد المخاطر والاتجاهات والفرص، وبالتالي تقليل النفايات، وتعزيز الكفاءة. على الرغم من أن حلول سلاسل التوريد المستدامة مثل استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتحسين إعادة التدوير وإدارة النفايات، وتعزيز ممارسات العمل العادلة، وضمان المصادر الأخلاقية للمواد هي خيارات واضحة للشركات لتبنيها، إلا أن الأمر يستغرق سنوات من النهج المنضبط لدفع عجلة القيادة.
الوضع الإقليمي
وقالت نصار إن منطقة دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على ممارسات الأعمال المستدامة وتقليل التأثير البيئي للصناعات. ولفتت إلى أن للحكومات أيضاً خطوات لتعزيز الاستدامة، من خلال مبادرات تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون وتعزيز الطاقة المتجددة.
وقالت إن شركة الاتحاد للقطارات تعمل على ترسيخ نظام نقل متقدم تقنياً ومستدام.
يتماشى ذلك مع أهداف رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 ومئوية الإمارات 2071 من خلال توفير حلول نقل أسرع وأكثر خضرة وفعالية. تهدف هذه المبادرات إلى تعزيز نماذج صديقة للبيئة تركز على المستقبل للعيش والعمل، علاوة على ذلك، فهي تخلق بيئة داعمة للشركات التي تتبنى ممارسات سلاسل التوريد الخضراء، والتي يمكن أن تحسن سمعتها وقدرتها التنافسية في سوق سريع التغير. نظراً لأن الإمارات العربية المتحدة ستستضيف COP28.
ولفتت إلى أن قطاع سلاسل التوريد في المنطقة يواجه مطالب متزايدة لمعالجة المتطلبات البيئية، وسيؤدي ذلك إلى تطبيق قوانين جديدة تحفز الشركات على تقليل انبعاثات الكربون، وتعزيز الاستدامة في عمليات سلاسل التوريد الخاصة بهم.
توسعات جديدة
قال جون بيرسون، الرئيس التنفيذي لشركة «دي إتش إل - إكسبرس»، إن دولة الإمارات العربية المتحدة تمتلك مقومات لوجستية كبيرة وبنية تحتية خدمية وتكنولوجية ورقمية متطورة جداً، يسهل على شركات عالمية مثل «دي أتش أل» التوسعات في سلاسل التوريد الخضراء في السوق الإماراتية بفضل هذا التطور.
ولفت إلى أن الشركة بصدد افتتاح منشأة جديدة لها في أبوظبي، حيث من المتوقع أن يتم ذلك خلال شهر مايو المقبل، موضحاً أن الشركة بصدد تسيير مزيد من رحلات الشحن الجوي باتجاه دبي نظراً للزخم الاقتصادي والتجاري الكبير الذي تشهده دبي ودولة الإمارات بشكل عام، وحجم الطلب على البضائع، وتسعى الشركة إلى تقليل البصمة الكربونية في دورة عملياتها من المنشأ وحتى الميل الأخير، حيث تسعى لطرح 12 طائرة «أليس» تعمل بالكهرباء بشكل كامل في تكملة لأسطول شاحنات نقل ودراجات تعمل بالبطاريات، وهي خطوة من شأنها تقليل الانبعاثات من الخدمات الجوية وهي قادرة على حمل 1179 كيلوجراماً ويصل مداها إلى 815 كيلومتراً.
تحديات
قالت الدكتورة شيرين نصار إن الشركات تعمل باستمرار على تبسيط العمليات التجارية وموازنة التكاليف، مع إنشاء سلسلة توريد فعالة ومرنة. التكلفة المرتبطة بتنفيذ وتطبيق الممارسات المستدامة، والاستثمار في التقنيات الحديثة، وتدريب الموظفين في القطاع وصقل مهاراتهم، هي بعض الاهتمامات الرئيسية للشركات.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون هناك نقص في فهم فوائد سلاسل التوريد الخضراء، ما يجعل من الصعب على الشركات تأمين الموارد اللازمة والدعم من أصحاب المصلحة. علاوة على ذلك، فإن مقاومة الموردين غير الراغبين أو غير القادرين على تبني ممارسات مستدامة تجعل من الصعب على الشركات دمج الممارسات المستدامة بشكل كامل عبر سلاسل التوريد الخاصة بهم.
ولفتت إلى أنه يمكن أن يساعد رفع المهارات واكتساب المعرفة حول ممارسات سلاسل التوريد الخضراء بشكل كبير، القوى العاملة الحالية والمستقبلية لدمج الاستدامة بنجاح في سلاسل التوريد، كما يمكن للأكاديميين أن يلعبوا دوراً مهماً في توفير المعرفة والتدريب في إدارة سلسلة التوريد الخضراء، والتي يمكن أن تعد المهنيين للتعامل مع التحديات مع مساعدة المنظمات على البقاء في الصدارة، منوهة إلى أن رأس المال المعرفي سوف يقود الأعمال الناجحة، ويساعد الشركات على دمج الاستدامة في سلاسل التوريد والعمليات الشاملة لدفع التغيير.
الحياد الكربوني
قال تيسير عواضة، نائب رئيس التخطيط والهندسة في «فيديكس إكسبريس» منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا: «بصفتنا أكبر شركة نقل سريع في العالم، فإننا ندرك أهمية اتخاذ إجراءات لمواجهة تحديات المناخ والتأثير الإيجابي الذي يمكننا إحداثه في صناعتنا ومجتمعاتنا».
وأضاف أن الشركة وضعت أهدافاً لتحقيق عمليات محايدة الكربون بحلول عام 2040 من خلال مبادرات على مستوى الشركة تركز على كهربة المركبات والوقود المستدام والحفاظ على الوقود وتحديث الطائرات والمرافق الأكثر كفاءة، والاستثمار في عزل الكربون بشكل طبيعي. ونوه بأنه في دولة الإمارات العربية المتحدة بدأت «فيديكس» بإنشاء مركز جديد في منطقة الخدمات اللوجستية في دبي الجنوب في شهر مارس 2022 امتثالاً لمعايير البناء الأخضر للتنمية المستدامة واللوائح لبلدية دبي.
ولفت إلى أن المركز الإقليمي سيحتوي على أحدث التقنيات، وسيتم بناؤه مع وضع كفاءة الطاقة والعمليات المستدامة في الاعتبار، وسيحتوي على 1 ميغاواط من الألواح الشمسية المولدة للطاقة، وإضاءة LED الصديقة للبيئة بنسبة 100%، ومحطات شحن للسيارات الشخصية للشركات والموظفين، ونظام إدارة المباني لتنظيم التبريد والإضاءة بشكل تلقائي.
ونوه إلى أن الشركة بدأت أيضاً تجربة واختبار المركبات الكهربائية لمدة ستة أشهر في الإمارات العربية المتحدة لتسلم الطرود وتسليمها عبر مواقع استراتيجية في الدولة.
ونوه إلى أن هذه التجربة تتماشى مع مبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي بحلول عام 2050، والتي ترسي إطار عمل الاستدامة البيئية والعمل المناخي، حيث تستعد الإمارات لاستضافة مؤتمر «COP28» حول تغير المناخ هذا العام.