مصطفى عبد العظيم (دبي)
توقع معهد التمويل الدولي أن يقود انتعاش القطاع غير النفطي نمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات خلال العام الجاري 2023، مرجحاً نمو اقتصاد أبوظبي غير النفطي هذا العام بأكثر من %5.5، واقتصاد دبي بنحو %4.7.
وقال الدكتور جاربيس إيراديان، كبير الاقتصاديين لدى المعهد، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، إنه بالرغم التحديات الصعبة التي مازالت تواجه الاقتصاد العالمي، فإن اقتصاد دولة الإمارات الذي سجل نمواً فاق التوقعات في العام 2022 بمعدل بلغ %8.4، قادر على مواصلة أدائه القوي، وأن يظل الاقتصاد الأفضل أداءً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بفضل مرونة السياسات الاقتصادية، وما تتمتع به السلطات في الإمارات من كفاءة عالية في إدارة هذه السياسات، فضلاً عن البنية التحتية الاستثنائية التي تخدم جميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
وأشار إيراديان في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، إلى تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام الماضي 2022، ليصل إلى 8.4%، لافتاً إلى أن هذا النمو المرتفع جاء مدعوماً بالزيادة الحادة في إنتاج النفط، فضلاً عن الأداء القوي للقطاعات غير النفطية.
وتوقع كبير الاقتصاديين لدى معهد التمويل الدولي، أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات خلال العام 2023 نمواً بحدود %3.7، وذلك مع افتراض أن ينخفض المتوسط بشكل معتدل من 99.8 دولار للبرميل في العام 2022، إلى متوسط 85 دولاراً للبرميل في العام الجاري، وكذلك مع افتراض انخفاض إنتاج النفط الخام بشكل هامشي في سياق اتفاقية أوبك بلس في شهر أكتوبر من العام 2022، ومع ذلك، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي، وهو أكثر تمثيلاً للنشاط الاقتصادي، سيظل قوياً عند %5.3.
وتوقع إيراديان تراجع الضغوط التضخمية خلال العام 2023، وذلك مع انخفاض أسعار السلع الأساسية العالمية والتضخم العالمي، مرجحاً أن يتراجع متوسط التضخم في الإمارات العربية المتحدة من 4.8% في عام 2022 إلى 3.6% في عام 2023، فيما يتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لدولة الإمارات هذا العام إلى مستوى قياسي يصل إلى 1.85 تريليون درهم (506 مليارات دولار) وذلك مقارنة مع 1.8 تريليون درهم في العام 2022 (501 مليار دولار) ونحو 1.47 تريليون درهم (403 مليارات دولار) في 2021.
اقتصاد أبوظبي
وعلى صعيد توقعات معهد التمويل الدولي لاقتصاد أبوظبي، أوضح إيراديان، أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لأبوظبي سجل نمواً خلال العام 2022، بمعدل 10.3%، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى زيادة إنتاج النفط الخام بنسبة 15%، ونتوقع أن يبلغ معدل النمو في أبوظبي 3.2% في عام 2023، وذلك في ظل سيناريو توقع انخفاض إنتاج النفط، لكن في المقابل سيظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي في أبوظبي قوياً عند حوالي 5.5%. وبالنسبة لاقتصاد دبي، أشار إيراديان إلى ارتفاع معدل النمو في دبي خلال العام 2022 إلى 5.2% مدفوعاً بأنشطتها الأساسية (التجارة ومبيعات التجزئة والسياحة)، متوقعاً أن يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في دبي قوياً عند 4.7% في عام 2023.
استيعاب التحديات الخارجية
وقال كبير الاقتصاديين لدى معهد التمويل الدولي، إنه على الرغم من الارتباط الواسع لاقتصاد دولة الإمارات بالاقتصاد العالمي، بما يعرضه لمخاطر وتحديات خارجية، إلا أنه نجح في استيعاب تلك التحديات بمرونة عالية، حيث كان تأثير الحرب في أوكرانيا والتباطؤ المتوقع في أوروباً محدوداً، متوقعاً كذلك أن ستظل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لدولة الإمارات مرتفعة عند 25 مليار دولار.
وأضاف إيراديان، أنه من شأن السماح للمستثمرين الأجانب بالتملك الكامل في القطاعات الاقتصادية كافة باستثناء قطاعات استراتيجية، وكذلك من شأن إنفاذ قوانين ولوائح المنافسة، أن يسهم ذلك في تحسين الكفاءة ورفع الإنتاجية، منوهاً بالمبادرات التي تشهدها أبوظبي ودبي لتعزيز التقنيات النظيفة، بما في ذلك وضع إطار بشأن ملكية وإدارة السيارات الكهربائية، من خلال خطة استراتيجية، تستهدف التوسع في نشر محطات شحن السيارات الكهربائية، ضمن الجهود الرامية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
فائض الحساب الجاري
وتوقع إيراديان أن يواصل كل من الحساب الجاري الخارجي وأرصدة المالية العامة، تسجيل فوائض مرتفعة خلال العام 2023، وذلك بعد الفوائض التي سجلتها العام 2022، بسبب الزيادة الكبيرة في صادرات النفط والعائدات الحكومية من النفط، موضحاً أنه حتى مع توقع انخفاض متوسط أسعار النفط إلى 85 دولاراً للبرميل في عام 2023، فإن فائض الحساب الجاري سيظل كبيراً عند 11.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023.
تناغم التوقعات
وتأتي هذه التوقعات متناغمة مع توقعات سابقة للعديد من المؤسسات المالية الدولية التي تفتح آفاقاً واعدة لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العام الجاري، وتوقعاتها المتفائلة بأن يسجل اقتصاد الإمارات نمواً يزيد على ضعف النمو المتوقع للاقتصاد العالمي، وأن يكون أسرع اقتصادات المنطقة نمواً خلال العام الجاري.
وتشير توقعات هذه المؤسسات التي رصدتها «الاتحاد» إلى تسجيل الاقتصاد الوطني نمواً هذا العام يتراوح بين 4.1% و4.5%، على الرغم من تزايد مخاوف المؤسسات ذاتها من تراجع توقعات النمو العالمي للعام 2023 إلى أدنى من 2%. وأكدت هذه المؤسسات التي شملت كلاً من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووكالة فيتش للتصنيف الائتماني ومؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس، قدرة اقتصاد دولة الإمارات على مواصلة الانتعاش الذي رسخته في عام 2022 بأحد أعلى معدلات النمو عالمياً فوق الـ7%، بعيداً عن الرياح المعاكسة للاقتصاد العالمي، بفضل السياسات الاقتصادية المرنة، ونجاح الدولة في ترسيخ مكانتها مركزاً اقتصادياً وتجارياً واستثمارياً وسياحياً عالمياً خلال السنوات الماضية.