يوسف العربي (أبوظبي)
في غضون نحو أقل من ربع قرن، نجحت مدينة دبي للإنترنت، المنطقة الحرة لشركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في ترسيخ موقعها كقاعدة استراتيجية مزدهرة لعمالقة التكنولوجيا والشركات العالمية والإقليمية والمحلية التي تستهدف الأسواق الإقليمية والناشئة، والاضطلاع بدور محوري في دعم الخطط الرامية لتحقيق التنوّع الاقتصادي واستراتيجية التحوّل الرقمي في دولة الإمارات.
وتعد مدينة دبي للإنترنت حاضنة عملاقة لقطاعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والصحة الرقمية وغيرها من مجالات الابتكارات، وتعتبر أكبر مركز تكنولوجي متخصص في المنطقة يستضيف شركات عالمية وناشئة بهذه المجالات وغيرها من القطاعات، حيث يتم اتخاذها نقطة للانطلاق والتوسع في المنطقة وأفريقيا.
وتضم المدينة التابعة لمجموعة تيكوم، العديد من المكاتب الإقليمية لأشهر شركات التقنية العالمية مثل «جوجل»، و«مايكروسوفت»، و«فيسبوك»، و«سيسكو»، و«آي بي إم»، وغيرها، لتشكل أكبر مركز للتكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتصبح وجهة عالمية لأبرز الشركات المدرجة على قائمة «فورتشن 500» والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة وروّاد الأعمال.
تأسست مجموعة تيكوم عام 1999، وتمتلك وتدير 10 مجمعات أعمال متخصصة تركز على قطاعات حيوية في مناطق استراتيجية في إمارة دبي، كما تعد مساهماً أساسياً في دفع عجلة التمية للقطاعات القائمة على المعرفة في الإمارة
حوافز ومزايا
توفر مدينة دبي للإنترنت للشركات العاملة بها العديد من المزايا مثل الإعفاء من الرسوم الجمركية والتملك بنسبة 100%، فضلاً عن التسهيلات المتعلقة بالمرافق وتخليص الإجراءات.
وتعد مدينة دبي للإنترنت موطناً لأحدث المباني التجارية ومكاتب البوتيك ومساحات البيع بالتجزئة والفنادق، كما تستثمر باستمرار في تطوير مجتمعها لضمان تمتع أفراده ببيئة عمل عالية الجودة، في انعكاسٍ لأحدث الأبحاث التي تتناول تأثير البيئات التعاونية الإبداعية على تعزيز الإنتاجية في مكان العمل.
وتستضيف المدينة مركز (in5)، لتعزيز روح المبادرة والابتكار التقني في دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتركيز على الأهداف الخمسة الرئيسة لتسريع تطوير الشركات الناشئة الجديدة، وتعزيز تنظيم المشاريع التجارية، والقيادة والابتكار والتكنولوجيا، والمساهمة في تشكيل نظام بيئي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأهم من ذلك، الترويج لدبي كموقع مثالي لتكنولوجيا الشركات الناشئة.
صفقات
جسّدت مدينة دبي للإنترنت عضو مجموعة تيكوم، رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، في أن تصبح دبي المركز الأول للأعمال في الشرق الأوسط، بامتياز، خصوصاً بعد سلسلة من الصفقات الضخمة لبيع مجموعة من الشركات العالمية الكبرى، ففي الـ22 من أغسطس عام 2016، استحوذ كونسورتيوم صيني بقيادة شركة «ميتينو» ومقرها بكين على شركة «ميديا دوت نت» مقابل 3.3 مليار درهم.
وفي مارس من عام 2019 استحوذت «أوبر» عملاق خدمات سيارات الأجرة على «شركة كريم» مقابل 3.1 مليار دولار في أكبر عملية من نوعها في مجال التكنولوجيا، وفي 23 مارس عام 2017 أعلنت شركة أمازون أنها توصلت إلى اتفاق للاستحواذ على موقع «سوق دوت كوم» الذي عرف بأنه أكبر موقع للتسوق الإلكتروني في العالم العربي، في صفقة بلغت قيمتها ما يزيد على 580 مليون دولار.
شركات عملاقة
وتستضيف مدينة دبي للإنترنت عشرات الشركات العالمية العملاقة مثل «جوجل» و«مايكروسوفت» و«أوراكل» و«ماستر كارد» و«كانون» و«ديل» و«هيوليت باكارد» و«فيسبوك» و«آي بي أم» و«سامسونج» و«اكسنتشر» و«هواوي»، وغيرها الكثير من الشركات العاملة في مجالات المواصلات الحديثة والدرونز والطباعة ثلاثية الأبعاد والتجارة الإلكترونية والروبوتات وأمن المعلومات، وغيرها من المجالات التقنية وقطاع الاتصالات.
وأسهمت دبي للإنترنت على مدار 24 عاماً بشكل رئيس في تسهيل دخول الشركات التي تتبنى نماذج الأعمال الجديدة في مجال البرمجيات وخدمات الاتصالات والإنترنت وتكنولوجيا المعلومات.
نمو متواصل
وتستمر مدينة دبي للإنترنت في تسجيل نمو قوي في مختلف قطاعات التكنولوجيا لترسيخ مكانتها وجهة بارزة للمواهب والمتخصصين، بفضل بيئة أعمال تنافسية وبنية تحتية عالمية تتكيف بشكل مستمر مع المتغيرات العالمية وآخر التوجهات. وتواصل المدينة المساهمة بدور محوري في التحول الرقمي محلياً وإقليمياً، وتمكين الشركات الكبرى والناشئة والمواهب على حد سواء من تطوير وتصدير الحلول التقنية من دبي، كما تدعم الشركات العالمية للتأقلم مع متطلبات العمل المتغيرة وتوسيع حضورها إقليمياً واستقطاب شركات عالمية جديدة.
وخلال العام 2022 افتتحت شركة «ثري إم» مقرها الإقليمي الجديد في مدينة دبي للإنترنت، في خطوة تعكس التزام الشركة الراسخ تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة، ودعمها رؤية دبي لتعزيز مكانة الإمارة كمركزٍ عالمي للابتكار والتصنيع، مستمدةً الإلهام من نهج القيادة الإماراتية الرشيدة.
وخلال العام نفسه أعلنت شركة إنتل العالمية الرائدة في مجال التكنولوجيا عن افتتاح مركزها الأول للبحث والتطوير المتخصّص ببرمجيات الذكاء الاصطناعي في منطقة مجلس التعاون الخليجي، وذلك في مدينة دبي للإنترنت، كما تم افتتاح المقر الإقليمي لشركة «ميتا» العالمية في المدينة، في إطار توسيع دبي شراكتها مع الشركات العالمية الكبرى.
4 محاور لدعم الاقتصاد الجديد
في 29 أكتوبر 1999، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، خلال مؤتمر صحفي في موقع مدينة دبي للإنترنت، عن إنشاء مدينة دبي للإنترنت كمنطقة اقتصادية حرة وقاعدة استراتيجية للشركات التي تستهدف الأسواق الناشئة، لتوفر البنية التحتية اللازمة والمناخ والمكان الملائمين لتمكين مشاريع الاقتصاد الجديد من إدارة عملياتها من دبي، وذلك بتقديم خدمات فعالة ومنافسة.
وبعد فترة وجيزة من الإعلان سارعت أكثر من 100 شركة تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات للحصول على ترخيص، لتتخذ من مدينة دبي للإنترنت مركزاً لإدارة عملياتها، وكان من ضمن هذه الشركات، شركات عملاقة، مثل «مايكروسوفت» و«أوراكل» و«سيسكو» و«سوني إريكسون»، وقدر مجموع الاستثمارات للشركات المرخص لها آنذاك بحوالي 700 مليون دولار.
وشكل انطلاق مدينة دبي للإنترنت نواة مجموعة تيكوم العضو في دبي القابضة - ثمرة لرؤية ثاقبة استشرفت المستقبل، حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال الإعلان عن تأسيسها أن رؤية سموه تتمثل في تحويل مدينة دبي لتصبح مركزاً للاقتصاد العالمي الجديد، وحدد أربعة محاور رئيسة لتحقيق هذا الهدف، وهي توفير بنية تحتية ذات مقاييس عالمية، وتهيئة المناخ المثالي في دبي لضمان نجاح الشركات مهما كان حجمها، وإرساء ثقافة تجارية تدعم تطور أعمال الشركات وتنميتها، وأخيراً ضمان استفادة الشركات من المزايا التنافسية المتواجدة في مدينة دبي.
عمار المالك: روح الابتكار وضعت الإمارة على خريطة التكنولوجيا العالمية
قال عمار المالك، النائب التنفيذي لرئيس مجموعة تيكوم - القطاع التجاري: «إن روح الابتكار في دبي وضعت الإمارة على خريطة التكنولوجيا العالمية ولم تجذب المنظومة المتكاملة الملائمة للأعمال العلامات التجارية العالمية إلى دبي فحسب، بل وفّر هذا الإطار نفسه للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة بيئة يمكن أن تزدهر فيها».
وأضاف أن مدينة دبي للإنترنت تأتي في صلب إنشاء هذا المجتمع العالمي ذي التوجهات الابتكارية، مؤكداً التزامها بتعزيز الفرص ودعم الشركات الناشئة في المنطقة لإلهام التغيير والتقدم على الصعيد العالمي.
ولفت أن مجموعة تيكوم تعمل على ترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للأعمال والمواهب، من خلال تطوير مجمعات أعمال استراتيجية تتمحور حول قطاعات محددة في جميع أنحاء الإمارة، مثل مدينة دبي للإنترنت التي تشكل قاعدة مزدهرة لعمالقة التكنولوجيا، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وشركات اليونيكورن، والشركات الناشئة، ورواد الأعمال.