حسام عبدالنبي (دبي) استعرض المشاركون في الإحاطة الإعلامية التي نظمتها وزارة الاقتصاد، للتعريف بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022 في شأن المعاملات التجارية في الدولة، أبرز مخرجات وأحكام القانون الجديد حيث أكد عبد الله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد، أن القانون يؤكد النهج الاستباقي لدولة الإمارات ويستهدف دعم المصالح التجارية للدولة والتوافق بصورة أكبر مع متطلبات التجارة الدولية وتعزيز مكانة دولة الإمارات على خريطة التجارة العالمية، ومواكبة أفضل الممارسات الدولية في المعاملات التجارية وضمان مبادئ الشفافية والوضوح فيها، كذلك رفع تصنيف الدولة على مؤشرات التنافسية الاقتصادية ذات الصلة بما فيها تقرير التنافسية العالمية، وتقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، فضلاً عن تسريع تحول التطبيقات الرقمية بصورة أكبر في قطاع الأعمال بالدولة وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز لأنشطة الأعمال في مجالات التكنولوجيا والابتكار وقطاعات الاقتصاد الجديد.
وقال إنه في ما يخص الجزء المتعلق بالمعاملات التجارية، فقد حدد المرسوم بقانون بشأن المعاملات التجارية المحاور العامة للأعمال التجارية بينما تولت القوانين الاتحادية التجارية المتخصصة تشريع الأحكام التفصيلية التي تسري في ذلك الشأن بما يتفق وخصوصية النشاطات والأعمال المنظمة لها، كاشفاً أن القانون سمح لفئات عمرية جديدة بممارسة الأعمال التجارية، وذلك من خلال تخفيض سن الأهلية القانونية من (21) سنة إلى (18) سنة ميلادية لمزاولة الأعمال التجارية، مما يدعم توسيع مشاركة فئة الشباب في قطاع الأعمال.
وذكر آل صالح، أن القانون يعزز من فرص مساهمة المرأة في الأنشطة الاقتصادية والتجارية ويدعم تمكين دورها كشريك رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للدولة وذلك عبر إلغاء شرط الحصول على إذن الزوج لممارسة الأعمال التجارية. وأضاف أن القانون الجديد يستحدث أيضاً مرجعية قانونية هي الأولى في المنطقة العربية وتعد الإمارات من الدول السبّاقة في العالم بشأن تشريع الأنشطة التجارية من خلال وسائل التقنية الحديثة وتلك التي تتم في الأوساط التقنية بهدف دعم أهداف الدولة في التوجه نحو قطاعات الاقتصاد الجديد، منبهاً أن ذلك سيتم من خلال استحداث منظومة الأعمال التجارية الافتراضية والمحل التجاري والمعاملات التجارية من خلال وسائل التقنية الحديثة وتلك التي تتم في الأوساط الافتراضية إلى جانب تلك المقدمة بالطرق النمطية الواقعية، واعتبار تقديم الخدمات ومزاولة الأعمال والأنشطة المرتبطة بالأصول الافتراضية من الأعمال التجارية الافتراضية، إضافة إلى إضفاء الحجية على الأعمال التجارية الافتراضية بحيث تسري عليها ذات الأحكام المقررة بشأن مثيلاتها المقدمة بشكل واقعي.
وتابع آل صالح، أن القانون الجديد يضفي المشروعية والحجية على الدفاتر التجارية الواقعية والافتراضية، ونص على البيع بالمزاد العلني للمنقولات بدلاً من المنقولات المستعملة وإتاحة المزايدات من خلال منصة أو صالة إلكترونية مرخصة أو من خلال وسائل التقنية الحديثة المتعددة، مشيراً إلى أن القانون شهد كذلك إضافة مادة بشأن بعض البيوع الدولية تجيز للأطراف الاتفاق على سريان القواعد المنظمة للبيوع التجارية الدولية الصادرة عن غرفة التجارة الدولية، بدلاً عن النصوص الواردة في القانون.
ولفت آل صالح، إلى أن القانون سيمثل نقلة نحو توفير البنية التشريعية الداعمة لزيادة الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وتحقيق تنوع في تقديم الأنشطة التجارية، وتقديم أفضل الخدمات للمستهلكين، وزيادة فرص العمل في الدولة، مختتماً بالتأكيد على أن كل ذلك سيصب في رفع تصنيف الإمارات على مؤشرات التنافسية الاقتصادية مثل تقرير التنافسية العالمية، وتقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، فضلاً عن تسريع التحول الرقمي في الاقتصاد وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز لأنشطة الأعمال في مجالات التكنولوجيا والابتكار والاقتصاد الرقمي والجديد.
ومن جهته، أكد إبراهيم الزعابي، مساعد محافظ مصرف الإمارات المركزي للسياسة النقدية والاستقرار المالي، أن القانون استحدث مرجعية قانونية للمعاملات التجارية للمؤسسات المصرفية، بما يحفز حركة الاستثمار ويعطي للأعمال التجارية هامشاً أوسع للنمو والمنافسة، وهو ما سيعزز مرونة الاقتصاد الوطني ويدعم تنافسيته. وقال إن ذلك يتم من خلال تخفيض الحد الأعلى للفائدة على القرض التجاري (متى لم يتم النص عليه في العقد) إلى 9% بدلاً من%12، وحظر الفوائد المركبة، و(إلزام) المصارف بالحصول على تأمينات أو ضمانات كافية مقابل القروض التي تقدمها في سابقة هي الأولى من نوعها، وذلك خلافاً لما كان عليه الحال من (جواز) الحصول على الضمانات المناسبة مقابل القروض، مشيراً إلى أن إلزام المصارف بالحصول على ضمانات للتسهيلات الائتمانية يأتي للحد من ظاهرة تعثر الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات الفردية، نتيجة إثقال كاهلهم بأقساط لا تتناسب مع مستويات دخلهم وتزيد على قدرتهم على السداد، وهو ما يعزز فعالية الإجراءات التي يتخذها المصرف المركزي بخصوص تنظيم التسهيلات الممنوحة للأشخاص وتخفيض نسبة التعثر بين العملاء.
وأوضح الزعابي، أن القانون استحدث كذلك، إقرار الأعراف الموحدة للاعتمادات المستندية الصادرة من غرفة التجارة الدولية واعتبارها جزءاً من النظام الخاص للاعتمادات المستندية في الدولة. وشدد على أن القانون يدعم الصيرفة الإسلامية في الدولة حيث استحدث باباً للمعاملات التجارية للمؤسسات المالية الإسلامية كأول تقنين تجاري للمعاملات المالية الإسلامية يسهم في تنظيم العلاقات التعاقدية بين أطرافها ويعزز من استقرار معاملاتها وحماية المتعاملين فيها وينظم المعاملات التجارية الإسلامية بنصوص تشريعية وليس اتفاقية تحكمها فتاوى وأحكام تصدر عن جهات متخصصة. وأشار إلى أن قانون المعاملات التجارية الجديد اعتبر المعاملات التجارية، إضافة إلى أي معاملة ينص أي تشريع نافذ على خضوعها لأحكام الشريعة الإسلامية، خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية طالما أجريت من خلال مؤسسة مالية إسلامية، لافتاً إلى أن القانون استحدث أيضاً أحكاماً خاصة ببعض أنواع العقود والالتزامات التي تكون المؤسسات المالية الإسلامية طرفاً فيها مثل الوعد بالتعاقد والمرابحة والتمويل بالاستصناع.
مريم السويدي: اعتبار أعمال الأصول الافتراضية ضمن الأعمال التجارية
وبدورها، أفادت الدكتورة مريم السويدى، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، بأن قانون المعاملات التجارية الجديد يسهم في تعزيز الاستقرار المالي في الدولة، وحرص القانون على تعديل الأحكام الخاصة بمسألة تنظيم وإنشاء الأسواق المالية باعتبارها داعماً رئيسياً للاقتصاد الوطني، وذلك من خلال تعديل الأحكام الخاصة بإنشاء الأسواق المالية، والإلزام بضرورة الحصول على التراخيص اللازمة وفقاً للتشريعات. وأوضحت أن من أبرز الأحكام التي قدمها القانون الجديد اعتبار أعمال الأصول الافتراضية من ضمن الأعمال التجارية، وبالتالي ستسري أحكام هذا القانون وما يرتبط به من قوانين أخرى على من سيتعامل في أنشطة هذا القطاع، منوهة بأن مجلس الوزراء أصدر بالفعل في ديسمبر الماضي قراره المنظم للأصول الافتراضية وسيدخل حيز النفاذ منتصف شهر يناير الجاري.
وأشارت السويدى، إلى أن القانون الجديد يضمن التأكيد على الأحكام المنظمة لعمليات سوق البورصة وعمليات شركات الاستثمار وصناديق الائتمان والمؤسسات المالية وجميع عمليات الوساطة المالية الأخرى، والسمسرة في أسواق الأوراق المالية والبضائع، والإقراض بضمان الأوراق المالية، ووديعة الأوراق المالية لدى المصرف، ويجب على كل المتعاملين في السوق المالي الانتباه إليها ووضعها في الاعتبار عند إجراء أي تعاملات في السوق المالي، معربة عن تطلعها بأن يدعم قانون المعاملات التجارية الجديد الارتقاء بأداء المعاملات التجارية بما فيها المعاملات التي تخص مجال الأسواق والأوراق المالية بما يعزز تنافسية الدولة وقوة اقتصادها، وصولاً لاقتصاد مستقر يوفر للأفراد بيئة مناسبة ومشجعة على ممارسة الأعمال.
تحديث القوانين
ومن جانبه أشاد محمد النسور، أستاذ القانون التجاري المشارك بجامعة الإمارات، بالتعديلات التي تضمنها القانون وأهمها استبدال عقوبة الحبس بالغرامة في بعض المخالفات التي لا ترتقي إلى الجرائم.
وكشف إسماعيل البلوشي، كبير المستشارين القانونيين رئيس إدارة الشؤون القانونية في مصرف الإمارات المركزي، أن المصرف المركزي سيصدر قريباً اللوائح والأحكام التفصيلية الخاصة بالعمليات التجارية والمصرفية الإسلامية متضمنة أنواع التعاقدات من المرابحة والسلم وغيرها، لافتاً إلى أن «المركزي» سيحدد أيضاً الضوابط الخاصة بالضمانات الكافية التي ستلتزم البنوك بها لمنح التسهيلات الائتمانية، وستكون هذه الضمانات متفاوتة من بنك لآخر حسب تقدير وسياسة البنك.
وبدوره أشار الدكتور عصام التميمي، شريك رئيسي ومؤسس شركة التميمي وشركاؤه، إلى أن هناك أكثر من 40 قانوناً وتشريعاً تحت البحث والمراجعة بهدف دعم الاقتصاد المحلي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، مؤكداً أن القانون الجديد نص على استقلالية الذمة المالية للمرأة التي تزاول الأعمال التجارية وهو أمر موجود في الشريعة الإسلامية من قبل أن تنص عليه القوانين في أي دولة.