حسام عبدالنبي (دبي)
بدلت تداعيات جائحة «كوفيد -19» وأزمة الصراع الروسي الأوكراني، توجهات المستثمرين الأفراد ومكاتب الشركات العائلية في الإمارات، حيث زاد التركيز على الاستثمار في القطاعات الأساسية التي تمسّ الحياة اليومية والتي أثبتت أنها أكثر استقراراً ونجاحاً خلال الأزمات الاقتصادية.
ويعد الاستثمار في قطاع الشحن البحري من أحدث القطاعات التي يزداد الإقبال عليها، خاصة الاستثمار في السفن التي يتم تعريفها على أنها ناقلات لشحن السلع الدولية، حيث تكون سفن الشحن أقل مخاطرة لكونها محصنة وغير مستهدفة في أوقات الحروب والصراعات لأنها تنقل الطعام، وتتلخص فكرة الاستثمار في قطاع الشحن البحري في دخول المستثمرين الأفراد والشركات والمؤسسات في مشاريع لشراء السفن وتأجيرها في مجال نقل السلع الدولية عبر شركات متخصصة، مع تحقيق متوسط عائد سنوي يصل إلى 10 % يتم توزيعة بصفة شهرية، مع عائد على رأس المال بنسبة لا تقل عن 10 % (عن كل سنة)، ويتم صرف العائد الإجمالي في نهاية مدة الاستثمار والتي عادة ما تبلغ 3 سنوات.
كيفية الاستثمار
وتتيح بعض الشركات الاستثمارية المتخصصة للمستثمرين الأفراد والشركات والمؤسسات، فرصة الاستثمار في قطاع الشحن البحري، حيث يكون الاشتراك في الاستثمار بعد توقيع عقد معتمد، واستكمال نماذج «اعرف عميلك» وFATCA وCRS وPEP.
ويتم إرفاق المستندات المطلوبة، وهي صورة جواز السفر وكشف حساب بنكي لمدة 3 أشهر، وشهادة راتب وإثبات العنوان ومصدر الثروة، ومن ثم يقوم مدير الصندوق بالتدقيق والموافقة، وبعدها يتم تحويل المبلغ المستثمر، بالإضافة إلى رسوم الاكتتاب، إلى الحساب المصرفي للصندوق.
ويستفيد المستثمرون من التدفقات النقدية المنتظمة والمستقرة الناشئة عن التوظيف الفعال للاستثمار، حيث تتولى شركات عالمية متخصصة عملية الإدارة التجارية والفنية لتلك السفن، ويكون هناك عدد من الشركات المتخصصة كمستشارين للصندوق، منهم مستشارون قانونيون ومستشارون للجدوى المالية ومدقق للصندوق.
توزيعات الأرباح
وتبلغ رسوم الاكتتاب في الصناديق أو المحافظ المتخصصة في الشحن البحري نحو 3%، ويكون الحد الأدنى للاستثمار عادة 100 ألف دولار أميركي، وتحصل شركة الاستثمار على رسوم أداء بنسبة تعادل 20% من الأرباح الزائدة على الحد الأدنى للعائد على رأس المال، ويكون العائد على رأس المال المستثمر بنسبة 10% عن كل عام من فترة الاستثمار، في حين يتراوح عائد الدخل الصافي بين 10% و12%، ومن ثم توزع المحفظة عائداً سنوياً يصل إلى 10% يتم توزيعة شهرياً.
وكمثال للاستثمار، إذا قام مستثمر ما باستثمار 100 ألف دولار، تكون الأرباح السنوية في حدود 10 آلاف دولار والتوزيعات الشهرية 830 دولاراً، ويكون العائد على رأس المال (مكاسب رأس المال عند التصفية النهائية للمحفظة) نحو 10 آلاف دولار.
الهدف من الاستثمار
ويشرح سعيد بن صالح المري، الرئيس التنفيذي لشركة «إثراء للاستثمار» فكرة الاستثمار في النقل البحري، قائلاً: إن الهدف يكون الاستثمار في سفينة أو سفن الشحن السائبة ذات الطابق الواحد أو غيرها من السفن المشابهة للتجارة في السلع الدولية، وذلك بإدارة فنية عن طريق خبراء شحن، تديرها شركة شحن متخصصة ذات سمعة معروفة.
وقال المري، لـ «الاتحاد»: إن استراتيجية الاستثمار تكون قائمة على شقين، أولهما استراتيجية قائمة على العائد، حيث يتم تحقيق عائد ثابت من خلال عقود تأجير السفن لشركات مصنفة في ظل اتباع استراتيجية بحرية قائمة على العائد والدخول في مواثيق متنوعة وطويلة الأجل للأطراف المقابلة ذات الجدارة الائتمانية، والتي يمكن أن توفر دخلاً متكرراً يزيد على الاستراتيجيات القائمة على العائدات البديلة الأخرى.
وأضاف أن الشق الثاني، يتمثل في نمو رأس المال من خلال التركيز على الاستحواذ والتخلص من السفن في الوقت المناسب بناءً على معايير المخاطر والعائد وتحليل القطاع الرئيسي، مشدداً على ضرورة أن يتأكد الراغب في الاستثمار من أن مدير الاستثمار يستخدم شبكة واسعة من مستشاري المحفظة ذوي الخبرة الناجحة في مجموعة من السفن التجارية لتعزيز وحماية التدفقات النقدية، وتحسين عوائد الاستثمار.
فرص للنمو
وحول الاستثمار في قطاع الشحن البحري، يقول المري، إن الدراسات تتوقع نمو التجارة البحرية الدولية للسلع الجافة بمعدل كبير، وأن ترتفع أرباح السفن التي يتم تعريفها على أنها ناقلات للسلع الدولية، من حجم (بانا ماكس أو هاندي ماكس أو هاندي سايز)، ما يعني أن يستفيد المستثمرون من التدفقات النقدية المنتظمة والمستقرة الناشئة عن التوظيف الفعال ووضع السفن الحالي.
وأوضح أن تجارة البضائع الجافة شكلت ما يقارب من 48% من إجمالي التجارة البحرية الدولية في عام 2019، كما نمت باستمرار في السنوات الأخيرة بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 2.1% بين عامي 2015 و2019، متوقعاً أن يتسارع النمو إلى معدل نمو سنوي مركب يبلغ 2.8% حتى عام 2026 بسبب زيادة التصنيع والتحضر في آسيا.
مخاطر الاستثمار
وفيما يتعلق بمخاطر الاستثمار في قطاع الشحن البحري، أكد المري، أن أي نوع من الاستثمار توجد به نسبة من المخاطر، ولكن في الغالب يمكن الحد من مخاطر الاستثمار في الشحن البحري، بطرق عدة، مثل: استخدام تقنيات التحوط المختلفة لتقليل المخاطر إلى الحد الأدنى، والتأمين على السفن بالكامل من قبل شركات عالمية ضد الغرق والقرصنة والكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى التأمين على عقود الإيجار.
وقال إن جميع عقود السفن عادة ما تكون نصف سنوية أو سنوية لضمان عوائد مستقرة وتجنب تقلبات السوق، كما يتلقى المستثمرون تقارير أداء ربع سنوية عن استثماراتهم، وكذا يتاح لهم قابلية تتبع السفن (التي تم الاستثمار فيها) عند الحاجة، منبهاً إلى أنه يمكن وضع مستويات متعددة من التأمينات لتقليل المخاطر، مثل مخاطر الحرب وعقود الإيجار وتأمين على هيكل السفينة والآلات، بالإضافة إلى الحماية والتعويض، والشحن وغرامات التأخير.
حماية من التضخم
ويؤكد محمد شاكر، الخبير الاستثماري، أن الاستثمار في النقل البحري يوفر حماية من التضخم والتي تكون غير متوافرة في الاستثمارات التقليدية ذات الدخل الثابت، حيث تحمل السفن على متنها مجموعة كبيرة ومتنوعة من البضائع التي عليها طلب كبير من قبل الصناعات المختلفة.
وقال إنه من الضروري قبل المشاركة في الاستثمار التأكد من سمعة الشركة، والتأكد من المسئول الإداري والمدير الفني للسفينة، وكذلك المدير التجاري ومدقق الصندوق الاستثماري، مع ضمان الحصول على شهادة معتمدة بقيمة الاستثمار وتقرير ربع سنوي عن الأداء والعوائد.
وأوضح أنه من المهم أيضاً معرفة آلية التخارج من الاستثمار قبل نهاية مدة المحفظة أو الصندوق وقدرة الشركة على توفير المستثمر البديل، حيث إن الشركات الملتزمة تتيح للمستثمر التخارج في أي وقت، بشرط إخطارها بالرغبة في التخارج قبل شهر من الموعد المطلوب، منوهاً بأن هذا النوع من الاستثمار يمكن أن يضمن تحقيق عائد ثابت من خلال عقود تأجير السفن المستثمر فيها، حيث إن أسعار التأجير تبلغ حالياً 11 ألف دولار يومياً، ويمكن أن تصل إلى 35 ألف دولار يومياً.